الجمعة 17 مايو 2024

بعد اللجوء للمحكمة.. تفاصيل الصلح بين زكريا أحمد وأم كلثوم (صورة نادرة)

أم كلثوم وزكريا أحمد

فن2-2-2022 | 23:46

خليل زيدان

فقد الغناء العربي دررا كلثومية كانت ستغنيها سيدة الغناء العربي من ألحان الشيخ زكريا أحمد بسبب القطيعة التي دامت بينهما أكثر من 10 أعوام، بعدما لجأ إلى الإنذار المباشر ضد أم كلثوم في الـ3 من أكتوبر 1951، بالحضور أمام محكمة جنوب القاهرة، كما تضمن أيضًا اختصام جهتين مع أم كلثوم وهما مدير عام الإذاعة اللاسلكية بشارع علوي، ووزارة التضامن الإجتماعي بصفتها المهيمنة على محطة الإذاعة المصرية.

وكان الشيخ زكريا أحمد أقام دعوي قبل ذلك التاريخ بعام ونصف تقريبا يطالب فيها أم كلثوم والإذاعة المصرية بنصيبه في حق الآداء العلني عن ألحانه، سواء التي تغنيها أم كلثوم في حفلاتها أو التي تبثها الإذاعة المصرية عبر الأثير، ولما طال التقاضي لجأ إلى الإنذار على يد محضر للبت في دعواه .

ونشرت مجلة الكواكب الصادرة في مثل هذا اليوم من 62 عاما، تفاصيل جلسة المحكمة التي انتهت بالصلح بين الطرفين.

تحت عنوان "الصلح خير.. أنغام زكريا تعود إلى صوت ثومة" جاء تقرير مجلة الكواكب الصادرة في 2 فبراير 1960، وفي مقدمته ذكر أن شيخ الملحنين زكريا أحمد أقام دعوى منذ 9 سنوات ضد كوكب الشرق يطالبها فيها بمبلغ 30 ألف جنيه لأنها ساعدت الإذاعة على التصرف في ألحانه دون موافقته .. وفي يوم الإثنين 25 يناير 1960 تنازل عن دعواه ضد أم كلثوم محتفظا بحقه في مقاضاة الإذاعة، وتم الصلح على يد القاضي عبد الغفار حسن، وطلبت أم كلثوم من الشيخ زكريا تلحين ثلاث أغنيات لها لتغنيها هذا الموسم.

 

قال أحمد مختار قطب محامي السيدة أم كلثوم أن هذا النزاع قد بدأ في أكتوبر 1951، حيث أقام الشيخ زكريا دعواه ضد الإذاعة أصلا، على أساس أنها تتصرف في ألحانه دون موافقته، ثم أدخل الشيخ زكريا السيدة أم كلثوم طرفا في القضية، إعتقادا منه أنها سهلت هذا التصرف في ألحانه للإذاعة، واستعان الشيخ زكريا بالمحامي عبد السلام ذهني الذي رحل قبل البت في الدعوى، فاستمر فيها بعد موته المحامي عبد الرحيم غنيم، وأحيلت الدعوى إلى خبير موسيقى وهو المستشار محمد فتحي، الذي اعتذر لأنه عضو في المجلس الأعلى للإذاعة، وانتدبت المحكمة محمود على فضلي كخبير، فكتب تقريرا لم تأخذ به المحكمة، وعينت خبيرا آخر وهو الدكتور الحفني الذي كتب تقريرا لم تناقشه المحكمة .. لأن القاضي عبد الغفار حسن عرض الصلح على الطرفين.

 

كانت الجلسة قد تحددت يوم 17 يناير ثم تأجلت إلى 25 يناير 1960، وقد حضر الطرفان وأوضحت السيدة أم كلثوم أنها لم تهضم حقا للشيخ زكريا، وتحرر بين الطرفين محضر صلح تنازل بمقتضاه الشيخ زكريا عن دعواه ضد أم كلثوم التي طلبت منه تلحين 3 أغنيات جديدة, وقد علقت أم كلثوم على هذا الصلح قائلة : أنني على استعداد أن أغني للشيخ زكريا عشرة ألحان، ولكن المهم أن يلتفت إلى فنه بعد أن أضاع الكثير من عمره في القضايا، وأنا طول عمري أقدر الشيخ زكريا وأقدر إخلاصه لفنه، وأنا أتحدي أي إنسان يقول أنه قدر فن الشيخ زكريا أكثر مما قدرته أنا ، ولا داعي للخوض في تفاصيل القضية بعد أن تم الصلح بيننا، وكل ما أريد أن أقوله وأثبته أمام القضاء هو أنني أعطيت الشيخ زكريا كل حقوقه، وأنا أتمنى له التوفيق من كل قلبي.

 

أما الشيخ زكريا أحمد فقد قال معلقا: الحمد لله لأن هذه السحابة السوداء قد انقشعت، وقد كرهت اليوم الذي بدأت فيه النزاع، وفرحت كثيرا بهذا الصلح الذي تم بيني وبين أم كلثوم، وتنازلت عن دعواي بعدما عرفت أنها لم يكن لها دخل فيما حدث من الإذاعة تجاهي، قبل هذا الصلح كنت أشعر بفراغ كبيروأنا أسمعها تغني، وأنا لا أقدم لها ألحانا جديدة، كنت أعيش في ذهول لأنني بعيد عن سماع صوتها عن قرب، والحمد لله فقد زالت هذه القطيعة واقتلعنا النزاع من جذوره وألقيناه في البحر.. وسوف أسافر إلى الأسكندرية لأجدد نشاطي لأعود صافي الذهن وأبدا صفحة تعاوني الجديد معها.

 

جاء في محضر الصلح أنه قد تم التفاهم بين الطرفان على أن يستمرا في تعانهما لخدمة الفن، وأن يقوم الشيخ زكريا بتلحين ثلاث أغنيات تقدم كلماتها أم كلثوم خلال الموسم القادم مقابل 700 جنيه للأغنية الواحدة، وأن يتنازل عن دعواه ضد أم كلثوم ويتنازل عن طلباته ضد الإذاعة فيما يخص أم كلثوم ، مع الإحتفاط بحقه فيما حكم له قبل الإذاعة واحتفاطه بدعواه ضد الإذاعة فيما يختص بألحانه الأخرى لبعض المطربين، وتضمن الإتفاق نصا بحق الشيخ زكريا في الآداء العلني في الألحان الجديدة إذا أذيعت عبر الإذاعة أو غنتها هي في حفلاتها، مع تنازله عن حق الآداء العلني في ألحانه القديمة لأم كلثوم.

 

بقي أن نؤكد أن اللحن الأول والأخير بعد هذا الصلح كان أغنية "هو صحيح الهوى غلاب"، الذي غنته أم كلثوم لأول مرة بسينما أوبرا في 1 ديسمبر 1960، فقد رحل شيخ الملحنين دون أن يكمل لها اللحنين الآخرين، ومن كواليس ذلك الحفل أن حضر الشيخ زكريا بنفسه ليستمع خلف الكواليس إلى أم كلثوم وكان بجانبه المحامي والقاضي الذي أتم الصلح بينه وبين أم كلثوم .. وقد غنت أم كلثوم تلك الأغنية في 19 حفلة، بدأتها في ديسمبر 1960 وكان آخرها على مسرح محمد الخامس بالمغرب في 12 مارس 1968.