جاءت مباحثات الرئيس عبد الفتاح السيسي ونظيره الجيبوتي إسماعيل عمر جيله لتؤكد عمق العلاقات الاستراتيجية الممتدة بين البلدين ومجالات التعاون الاقتصادي والسياسي والعسكري بينهما وما يجمعهما من علاقات ومشروعات مشتركة وكذلك حرص على التنسيق لمواجهة التحديات الإقليمية وتحقيق الاستقرار في القارة خاصة أمن البحر الأحمر ومواجهة الإرهاب، حسبما أكد خبراء علاقات دولية.
ورحب الرئيس، خلال المؤتمر الصحفي المشترك، بنظيره الجيبوتي إسماعيل عمر جيله، في بلده الثاني مصر، مضيفا أن تلك الزيارة تأتي استمراراً للتواصل والتنسيق المستمر بين البلدين، على مختلف الأصعدة الثنائية والإقليمية، ومتابعة لنتائج مشاوراتنا الأخوية التي تمت خلال زيارتي التي أعتز بها كثيرًا إلى جيبوتي في شهر مايو 2021.
وأكد الرئيس السيسي، أن البلدين يجمعهما علاقات استراتيجية ممتدة على كافة الأصعدة، مدعومة بإرادة سياسية قوية ومتبادلة للارتقاء بها وتعزيزها، خاصة وأن أوجه التعاون الثنائي خلال الفترة الأخيرة قد شهدت خطوات نوعية هامة في كافة المجالات السياسية والاقتصادية وغيرها.
وتابع الرئيس خلال كلمته، أن المحادثات اليوم مع الرئيس "جيلة" اتسمت بالصراحة والشفافية، وعكست مدى تقارب وجهات النظر بيننا حول الكثير من الملفات والقضايا الثنائية والإقليمية محل الاهتمام المشترك، مشيرًا إلى أنهم استعرضا كافة أوجه التعاون القائمة بين البلدين، خاصةً الاقتصادية والتجارية والاستثمارية، وكيفية تطويرها لترتقي إلى مستوى العلاقات السياسية المتميزة بين البلدين.
تعميق التنسيق والتعاون المشترك
ومن جانبه، قال السفير علي الحفني، نائب وزير الخارجية الأسبق للشئون الأفريقية، إن زيارة رئيس جيبوتي إسماعيل عمر جيله لمصر تكتسب أهمية خاصة لأنها جاءت في أعقاب زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى جيبوتي في مايو من العام الماضي، وما تم بحثه خلالها في إطار العلاقات الثنائية والدعم الذي تعهدت مصر بتقديمه لجيبوتي في عدة مجالات.
وأوضح الحفني، في تصريح لبوابة "دار الهلال"، أن الزيارة تستهدف إعطاء دفعة لهذه المشروعات بين البلدين منها مشروعات الرعاية الصحية والاستثمارات، مضيفا أن مباحثات الرئيسين اليوم في الاتحادية ناقشت عددا من الملفات التي تعنى بها القيادتين المصرية والجيبوتية، حيث تأتي الزيارة بشكل متزامن مع انعقاد فعاليات قمة الاتحاد الأفريقي وما هو مطروح على أجندتها من موضوعات.
وأشار إلى أن أمن البحر الأحمر هو أحد الملفات المهمة في المباحثات لأنه أمر يهم مصر وجيبوتي اللتين تجمعهما إرادة مشتركة في الحفاظ على حالة الاستقرار هناك، بجانب أنهم يولون أهمية كبرى لقضية السلم والأمن في منطقة القرن الأفريقي، وخاصة أن الأزمة في اليمن لا تزال مشتعلة، ومصر وجيبوتي يهمهم ألا تتأثر حركة التجارة عبر باب المندب والبحر الأحمر.
وأكد أن باب المندب هو بوابة المرور إلى قناة السويس والبحر المتوسط وأوروبا، لذلك فأمنه مهم للمصر وجيبوتي، مشيرا إلى أن الأوضاع في منطقة القرن الأفريقي وشرق أفريقيا لا تزال تراوح مكانها وخاصة ملف سد النهضة مع تولي رئاسة جديدة للاتحاد الأفريقي وهي السنغال التي ستتولى هذا الملف بحكم رئاستها للاتحاد الأفريقي لمدة عام.
ولفت إلى أن سد النهضة شهد مبادرة من قبل الجزائر للدفع في اتجاه عودة الأطراف الثلاثة وهي مصر والسودان وإثيوبيا إلى مائدة المفاوضات، في إطار سعي كافة الأطراف للتوصل إلى اتفاق قانوني ملزم وعادل بشأن ملء وتشغيل سد النهضة، موضحا أن المباحثات تناولت العديد من الملفات من بينها الإرهاب والجريمة المنظمة والعابرة للحدود.
وشدد على أن القيادتين المصرية الجيبوتية تعنيان بالعديد من القضايا المشتركة وهو ما أكدته مباحثاتهما اليوم في الاتحادية، مشيرا إلى أن الزيارة مهمة وتعزز من علاقات البلدين الثنائية والتعاون الاقتصادي بينهما في ظل العديد من القواسم المشتركة التي من شأن مثل هذه الزيارات أن تعمقها وتعمق التفاهم وتعزز من التنسيق والتعاون في كافة المحافل الأفريقية والعربية ومنظمة التعاون الإسلامي أو الأمم المتحدة.
دعم مصري لجيبوتي
وأكد الدكتور طارق البرديسي، خبير العلاقات الدولية، أن زيارة رئيس جيبوتي إسماعيل عمر جيلة، لمصر، هي استمرار للتواصل واللقاءات بينه وبين الرئيس عبد الفتاح السيسي، حيث أكدت مباحثات الرئيسين اليوم الإثنين، عمق رؤية الرئيس السيسي بضرورة تعزيز العلاقات مع جيبوتي؛ نظرًا لأهميتها الاستراتيجية والجغرافية.
وأوضح «البرديسي»، في تصريح لبوابة «دار الهلال»، أن جيبوتي هي البوابة الجنوبية لمضيق باب المندب، ودولة جوار مع إريتريا وإثيوبيا والصومال، ما يجعلها دولة استراتيجية ومحورية مهمة لاستقرار وأمن القرن الأفريقي والبحر الأحمر، لافتًا أن الرئيس السيسي حرص مبكرًا على تعزيز العلاقات، وأجرى أول زيارة لرئيس مصري لجيبوتي العام الماضي؛ بهدف دعم وتمتين العلاقات بين البلدين.
وأوضح أن هناك العديد من مجالات التعاون بين البلدين سياسيًا وعسكريًا واقتصاديًا وتجاريًا وثقافيًا، مشددًا على أن جيبوتي تحتاج للدعم المصري من خلال الوكالة الدولية من أجل التنمية، ومصر حريصة على تقديم الخبرات الفنية والدعم اللوجيستي لجيبوتي لتنمية موانئها، لوجود علاقات بينها وبين هيئة قناة السويس.
وأكد أن هناك مساعدات مصرية لجيبوتي في المجالات الطبية والكهربائية والطاقة الشمسية والرياح، وغيرها من المسارات المتعددة سياسيًا واقتصاديًا وعسكريًا وثقافيًا، مشيرًا لدور الأزهر الشريف هناك بإيفاده للأئمة لنشر الدين الإسلامي الوسطي، وكذلك تنظم بعثات لدراسة الطلاب الجيبوتيين في الأزهر الشريف.
وأشار خبير العلاقات الدولية، إلى أن مصر لديها خبرات عديدة في مجالات الصحة والكهرباء والنقل والصناعة، وغيرها من الخبرات والتجارب المصرية التي تعد نموذجًا يحتذى به، وتستطيع أن تستفيد منه جيبوتي، مشددًا على أن التشاور والزيارات المستمرة بين البلدين تحقق العديد من الفوائد والثمار التي تعود بالنفع على الدولتين الشقيقتين.