اعتقلت السلطات الإسرائيلية خلال شهر يناير 2022، (504) فلسطيني/ة من الأرض الفلسطينية المحتلّة، بينهم (54) طفلاً منهم طفل أقل من 12 عاماً، و(6) نساء، وبلغ عدد أوامر الاعتقال الإداري الصّادرة (96) أمراً، بينها (51) أمراً جديداً، و(45) أمر تمديد.
جاء ذلك ضمن تقرير شهري مشترك صدر، اليوم الخميس، عن مؤسسات الأسرى وحقوق الإنسان؛ (هيئة شؤون الأسرى والمحررين، نادي الأسير الفلسطيني، مؤسسة الضمير لرعاية الأسير وحقوق الإنسان ومركز معلومات وادي حلوة- القدس)، أكّدت فيه أنّ عدد الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين في سجون الاحتلال بلغ نحو (4500) أسيراً، وذلك حتّى نهاية شهر كانون الثاني 2022، من بينهم (34) أسيرة، و(180) قاصراً، ونحو (500) معتقل إداري.
ويرصد التّقرير السّياسات والإجراءات والمُتغيّرات التي نفذتها سلطات الاحتلال تجاه الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين، بالإضافة إلى واقع وظروف الأسرى والمعتقلين داخل سجون الاحتلال، خلال الفترة التي يُغطّيها التّقرير، مستنداً على حصيلة الرّصد والتّوثيق والمتابعة القانونية والميدانية التي تقوم بها المؤسسات الأربع.
يستعرض التّقرير جزءاً من انتهاكات الاحتلال المرافقة لعمليات الاعتقال اليومية وظروف التّحقيق والاحتجاز، بالإضافة إلى الانتهاكات المتعلّقة بظروف الاعتقال والأسر، التي تخرق جملة من الحقوق المكفولة للأسرى والمعتقلين بموجب القانون الدّولي الإنساني والقانون الدّولي لحقوق الإنسان، ومنها:
الاعتقالات الجماعية والإبعاد وهدم المنازل:
واصلت قوات الاحتلال حملة اعتقالاتها في مواجهة نضال الفلسطينيين لانتزاع حقوقهم وحرّيتهم، وبلغ معدل الاعتقالات اليومية إلى (16) حالة اعتقال في اليوم، وصاحب ذلك انتهاكات عدة بدءاً من اقتحام المنازل في ساعات متأخّرة ليلاً، والاعتداء على المعتقل وعائلته، بالإضافة إلى تعمّد قوّات الاحتلال استخدام القوّة المفرطة أثناء عمليات الاعتقال التّعسّفية، بصورة عشوائية وجماعية.
وقد شهدت القدس حملة اعتقالات واسعة شملت معظم بلدات وأحياء المدينة، خاصة بلدات الطور والعيسوية وسلوان، رغم قسوة الأوضاع الجوية، فاعتقل الاحتلال ما يزيد عن 70 مقدسياً، أغلبهم ضمن "اعتقالات ميدانية" بالتزامن مع العاصفة الثلجية في المدينة، بإدعاء "إلقاء الثلوج والحجارة" باتجاه القوات ومركبات الشرطة والمستوطنين"، حيث اعتقل بتاريخ 26/1 في اليوم الأول للعاصفة وبالتزامن مع هطول الثلوج ما يزيد عن 20 مقدسياً من الطور وباب العمود والعيسوية، كما نفذ الاحتلال في اليوم التالي اعتقلات ميدانية في معظم أحياء المدينة، بذات التهمة خاصة من بلدتي الطور والعيسوية.
كما شهد حي الشيخ جراح حملة اعتقالات جماعية فجر ال19 من الشهر الماضي، ل25 فرداً من الفلسطينيين _بعضهم نشطاء متضامنون_ خلال اقتحام منزل عائلة صالحية؛ لهدمه وإخلائه، واعتدت على المعتقلين بالضرب والقنابل والغاز، وبعد ساعات أفرج عن معظم المعتقلين باستثناء 5 منهم، حيث أفرجت عنهم في اليوم التالي بشرط الإبعاد عن حي الشيخ جراح لمدة شهر.
رصاص حيّ واعتقالات في محيط حرم جامعة بيرزيت
يواصل الاحتلال سياسته في ملاحقة طلبة الجامعات الفلسطينية على خلفية أنشطتهم الطلابية، حيث اعتقل خلال الشهر الماضي حوالي10 طلبة (7 من طلبة جامعة بيرزيت و3 من طلبة الجامعة العربية الأمريكية)، ورغم أن ذلك يشكل امتداداً لسنوات من الانتهاكات المتوالية بدءاً من قتل الطلبة، أو اعتقالهم وملاحقتهم وتهديدهم، إلا أن تكرار تلك الانتهاكات، يعيد تسليط الضوء على فداحة جرائم الاحتلال، التي كان أبرزها مؤخراً إطلاق الرصاص الحي صوب مجموعة طلبة من جامعة بيرزيت أمام جامعتهم، لتصيب أحدهم قبل اعتقاله مع 4 طلبة آخرين.
ملاحقة الأسرى المحررين وإبعادهم
يستمر الاحتلال في ملاحقة الأسرى المحررين فور انتهاء محكومياتهم وخروجهم من السجن، باعتقالهم وفرض قيود عليهم كسياسة لتهديدهم وتخويفهم ونزع فرحتهم بالتحرر؛ بمنع إجراء أي احتفال بمناسبة تحررهم، وخلال الشهر الماضي أعاد الاحتلال اعتقال الأسيرين المقدسيين أنس عويسات وباسل عبيدات، فور الإفراج عنهما من سجن النقب الصحراوي، بعد قضاء محكوميتهما البالغة 8 سنوات، وبعد ساعات من التحقيق والاحتجاز في مركز شرطة "المسكوبية"، أفرج عنهما بشرط الإبعاد عن مدينة القدس لمدة أسبوع.
كما اعتقلت مخابرات الاحتلال المحرر عرين زعانين، فور الإفراج عنه من سجن ريمون بعد قضائه 9 أشهر، وأفرج عنه في اليوم التالي، واعتقلت المحرر أشرف خالد الهدرة، فور الإفراج عنه من سجن النقب، بعد قضائه محكوميته البالغة 16 شهراً، وأفرج عنه بعد ساعات من التحقيق بشرط الإبعاد عن القدس لمدة 10 أيام.
واعتقل الاحتلال نهاية الشهر الماضي، الأسير المحرر إبراهيم الزغل ووالده أحمد وشقيقه حسين وأحد أصدقائهم، حيث اقتحم منزل إبراهيم، عقب ساعات من الإفراج عنه، بحجة "إلقاء المفرقعات ورفع الأعلام" فور وصوله منزله، ثم أفرج عنهم بعد ساعات من الاحتجاز، علماً أن الزغل أمضى محكوميته البالغة 10 أشهر.
واقع المعتقلين داخل السجون الإسرائيلية
يتعرّض الأسرى والمعتقلون الفلسطينيون داخل السّجون الإسرائيلية إلى أنماط مختلفة من الانتهاكات التي تطال مجموعة واسعة من الحقوق المكفولة لهم، بموجب المعايير الدولية الخاصة بالأسرى، ومنها:
سياسة الإهمال الطبي (القتل البطيء)
يمارس الاحتلال سياسة ممنهجة قوامها حرمان الأسرى من الرعاية الطبية، والمماطلة المتعمدة في تقديم العلاج للمرضى والمصابين منهم، و بمراقبة أوضاعهم الصحية يتّضح أن مستوى العناية الصحية بالأسرى شديد التدني؛ وارتقى بسببه عشرات الشهداء منهم، فيما تتزايد خطورة الحالات المرضية .
وضاعف انتشار فيروس كورونا من الخطورة على حياة الأسرى ذوي الحالات المرضية المزمنة، حيث أن الفيروس منتشر في كافة السجون والأقسام خاصة سجن عوفر، الذي تجازوت عدد الإصابات المسجلة فيه ال 500، والذي يتواجد فيه عدد من المصابين بالأمراض المزمنة .
وفي الوقت الذي تغض فيه إدارة السجون الطرف عن الحالات المرضية الحرجة، يستخدم الاحتلال فيروس "كورونا" المُستجد، كأداة قمع وتنكيل بحق المعتقلين والأسرى مجدداً، لترسيخ جملة من الإجراءات الاستثنائية، وحرمان الأسرى من حقوقهم بذريعة انتشار الوباء، دون أدنى اعتبار للمخاوف المحيطة بمصيرهم داخل السجون التي تشكل بيئة محفزة لانتشار الأمراض، مع انعدام الإجراءات الوقائية اللازمة لمنع تفشي الوباء.
وأدت سياسة إدارة السجون في حجب المعلومات حول الأسرى والمعتقلين، بالإضافة لعدم إجراء الفحوصات للأسرى المخالطين؛ إلى عجز أي جهة حقوقية أو رسمية عن حصر عدد المصابين بالڤيروس منذ انتشاره في السّجون.
البرد الشديد... معاناة متجددة تحاصر الأسرى والمعتقلين سنوياً
تتجدد معاناة الأسرى في سجون الاحتلال الإسرائيلية وتشتد كل عام مع انخفاض درجات الحرارة بشكل كبير، وذلك بسبب ما يواجهونه من نقص حاد بالملابس الشتوية والأغطية والبطانيات، وعدم توفر أجهزة التدفئة في كثير من السجون ومراكز التوقيف والتحقيق.
وفي مثل هذه الظروف الجوية تتعمد إدارة معتقلات الاحتلال الاستهتار بحياة الأسرى ومطالبهم لا سيما المعتقلين حديثاً، فتزجهم بظروف معيشية مأساوية، وتحرمهم من إدخال ملابس شتوية أو بطانيات عبر ذويهم، وتوزع عليهم عوضاً عن ذلك ملابس خفيفة لا تقيهم البرد القارس، بل وتستغلهم بجعلهم مضطرين لشراء أغطية وبطانيات من الكانتينا بجودة رديئة وبثمن باهظ، كما تقدم إدارة السجون وجبات طعام رديئة نوعاً وكماً، حيث تُوزع على الأسرى باردة جداً غالباً، وبكمية قليلة، ولا يتناول معظمهم إلا القليل منها؛ لسد حاجتهم إثر الجوع الشديد.
ويعد المحتجزون في مراكز التوقيف الحديدية (الكرافانات) من أكثر الأسرى تضرراً من سوء الظروف الجوية، كما في مركز توقيف حوارة، وكذلك مركز توقيف "عتصيون"، فكلاهما لا يصلحان للعيش الآدمي، بالاضافة إلى السجون التي تقع في المناطق الصحراوية (كالنقب ونفحة وبئر السبع وريمون)، نظراً للأجواء الباردة التي تتميز بها تلك المنطقة.
ولا زالت إدارة السجون تتنصل من مسؤولياتها وواجباتها في توفير ما يلزم الأسرى والمعتقلين من الأغطية والملابس، التي تساعدهم على التغلب على الظروف المناخية الصعبة، ما يضطر الأسرى لشرائها على حسابهم من الكانتين، رغم الضغوطات التي تمارسها المؤسسات الحقوقية والقانوينة جاهدة لتحسين ظروفهم المعيشية.