السبت 18 مايو 2024

إبراهيم حجازي.. في حياتنا

حسن المستكاوي

ملاعب الهلال11-2-2022 | 19:04

حسن المستكاوي

لم يعرف أبدًا كلمة مستحيل، كان رجلًا جسورًا، شجاعًا، مقدامًا، اكتسب تلك الشجاعة والجسارة من تجربته كضابط احتياط في المظلات في القوات المسلحة  المصرية، ولم يكن هذا رأيي وحدي في إبراهيم حجازي، زوج شقيقتي وأخي، وسندي فى الحياة بعد رحيل الأب.

كان يواجه المشاكل بصدره، وبحماسته، ويقهر أي مشكلة ويهزمها، وهو الذى أسس الأهرام الرياضي، وهو الذي اختار خيرة الصحفيين الشباب، الذين كانوا شبابًا وقتها بالطبع، فأضفوا على المجلة الوليدة روحًا وإبداعًا ومستوى راقيًا من الكتابات الصحفية الرياضية؛ وهو الذي جعل سفح الأهرامات عجيبة الدنيا الباقية الوحيدة ظهيرًا لملعب اسكواش، وجعل بطولة الأهرام حدثًا عالميًا، وكان هو أولًا من أهم أسباب تفوق المصريين في اللعبة فى العصر الحديث.

إبراهيم حجازي له قصة عند كل إنسان عرفه، ستجده جزءًا من حياته، حياة إبراهيم، وحياة من عرفه، فهو إما مشجعًا لصحفي صغير، أو مساعدًا لمريض، أو مساهمًا في جمع تبرعات مادية وعينية لمؤسسات صحية أو خيرية، وهكذا كان جزءًا في حياة كل فرد من العائلة، عائلتنا، أو العائلة الصحفية، أو العائلة الأكبر وهي وطنه.
 
بكيته كما بكيت أبي وأمي وكما بكيت أعز الناس، لم يكن إبراهيم حجازي مجرد زوج شقيقتي أو فرد من العائلة، وإنما هو السند، والظهر، وهو من نلجأ إليه في مشكلة، وهو من نجده مبادرًا بالمساعدة في مشكلة لم نطلعه عليها، حتى آخر يوم في عمره كان مقاتلًا، حاول أن يهزم الفيروس اللعين، الذي أصاب جسده، وحاربه بقوة، حتى وهو غائب عن وعيه كنت أشعر بأنه يقاوم، ويحاول، إلا أن أمر الله نفذ ورحل إنسان جميل، إنسان جدع وشهم، يبادر بمساعدة الناس ويجبر بخاطرهم.

الحمد لله على الحب الذى فاز به إبراهيم حجازي في قلوب الناس، والحزن على رحيله في مواقع التواصل الاجتماعي، وكثيرون يحكون قصص شهامته وجدعنته ومواقفه وشجاعته ورأيه الحر، فكيف جبر خاطر صحفي صغير، وكيف ساعد إنسانًا مريضًا، وكنت أراه دائما يجمع، يتحرك، يخاطب وزراء ومستشفيات لعلاج شخص ما وقد لا يعرفه أصلًا، ولأنه كان إنسانًا مبتكرًا حتى في وسائل المساعدة، فقد نجح في جمع 22 مليون جنيه لمستشفى 57357 من 20 عامًا، حين أطلق حملة في الأهرام ليتبرع التلميذ القادر بمبلغ جنيه واحد، والحمدلله أنه بعد رحيله قرر المستشفى وقفًا خيريًا باسمه تقديرًا لدعمه له كثيرا، ويا لها من صدقة جارية عظيمة الأجر عند الله سبحانه وتعالى.


ولأنه كان إنسانًا مبتكرًا أصدر مجلة «الأهرام الرياضي» قبل 30 عامًا، وأصبحت أقوى مجلة رياضية مصرية وعربية، ولأنه كان إنسانًا مبتكرًا قرر تنظيم بطولة «الأهرام الدولية للاسكواش» عند سفح الأهرامات، حتى أن صحيفة الجارديان البريطانية وضعت صورة ملعب الاسكواش الزجاجي وخلفيته الأهرامات في صدر صفحتها الأولى.


كان إبراهيم حجازى رجلًا وطنيًا، بتعريفه للوطنية «مصر أولًا ودائمًا»، مصر فيها روح ودم ونبض كأنها كائن حي يعيش فينا ولا نعيش فوق أرضه، وقد أصبح عضوًا في مجلس الشيوخ تقديرًا لأدواره الوطنية، وكان ذلك تقديرًا عظيمًا من الرئيس عبد الفتاح السيسي، وأذكر فرحة إبراهيم وسعادته الغامرة حين علم بقرار تعيينه، وكان أيامها في أشد الحاجة إلى هذا التقدير.


لم تتوقف حكايات إبراهيم حجازي لنا عن تجربته في حرب 73، وعن بطولات الجيش في تلك الحرب، أعظم الإنجازات المصرية، حرب ردت فيها كرامتنا، كما قال كثيرًا، وهو من جيل عاش نكسة 67، وما بعدها من سنوات بناء القوات المسلحة وما فيها من بطولات عظيمة، قاتل فيها الرجال عدوهم بمنتهى الشجاعة والبسالة، وكنا نراه يزيّن ظهوره على الشاشة بصورته وهو ضابط، ولو كان يستطيع لأمسك بها ووضعها على صدره فخورًا بالبطولة، فخورا بالشجعان، فخورًا بالجسارة؛ وقد عرفته، لم يعرف الخوف أبدًا من أي شىء، من عدو، من موقف، من مرض، من تجربة.   


بكيت إبراهيم كما بكيت أبي وأمي وأعز الناس، لكن جبره للخواطر ومساعدته للبسطاء وللزملاء ولكل الناس سوف تنير قبره بإذن الله.


وداعا للرجل الجسور الشجاع، الجدع، الشهم، المحارب.. وإلى لقاء..

 

نشر في مجة الهلال عدد فبراير 2022