يربط مصر والقارة الأوروبية علاقات تاريخية وعميقة منذ أكثر من 200 عام، وتعززت هذه العلاقات في عهد الرئيس عبد الفتاح السيسي، حيث تستقبل القاهرة قادة الاتحاد الأوروبي لبحث القضايا ذات الاهتمام المشترك وتعزيز التعاون في كافة المجالات سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وتنمويا.
وتوجه اليوم الرئيس السيسي إلى العاصمة البلجيكية بروكسل، للمشاركة في الدورة السادسة لقمة المشاركة بين الاتحاد الأفريقي والاتحاد الأوروبي، والتي ستعقد على مدار يومي 17 و18 فبراير الجاري بمقر الاتحاد الأوروبي، ومن المقرر أن يعقد الرئيس السيسي على هامش القمة لقاءات بقيادات الاتحاد الأوروبي.
تاريخ العلاقات بين مصر والاتحاد الأوروبي
تعود العلاقات بين مصر والقارة الأوروبية لأكثر من 200 عاما، وفي عام 1976 برزت العلاقات المصرية مع الاتحاد الأوروبي، وظلت تتنامى وخاصة بعد اتفاقية الشراكة بينهما التي تم تفعيلها منذ عام 2004، والتي تسمح بمزيد من التعاون والتبادل التجاري والثقافي والتنسيق بشأن القضايا السياسية وعلى رأسها مواجهة الهجرة غير الشرعية ومكافحة الإرهاب.
ويسير الاتحاد الأوروبي ومصر قدمًا في العمل وفقًا للأولويات المشتركة المنصوص عليها في إطار اتفاقية الشراكة التي وُقعت في 2001، ودخلت حيز النفاذ في 2004، وتقدم اتفاقية الشراكة إطارًا للحوار السياسي المنتظم بين الشريكين، كما تعزز التعاون في عدد من القطاعات الرئيسية بدءًا من التجارة والاستثمار، ووصولًا إلى الطاقة والتعليم، وتضع إطارًا للمساعدة الأوروبية القوية والمستدامة.
وبعد تولي الرئيس السيسي الحكم، حرص على تعزيز العلاقات مع الجانب الأوروبي وخاصة في ظل الدور المصري في المنطقة كركيزة للاستقرار في الشرق الأوسط وأفريقيا، حيث يؤكد دائما الاتحاد الأوروبي دائما الدور المصري في استقرار الأوضاع في شرق المتوسط وأفريقيا ومنطقة الشرق الأوسط بجانب امتلاكها فرصا واعدة للاستثمارات والتبادل التجاري.
وعقدت عدة لقاءات رئاسية ووزارية خلال السنوات الماضية، أسفرت عن عقد أول قمة بين الدول الأعضاء في جامعة الدول العربية وتلك الأعضاء بالاتحاد الأوروبي يوميّ 24 و25 فبراير 2019 بشرم الشيخ، بحضور رؤساء دول وحكومات نحو 50 دولة من الجانبين، بهدف بحث سُبل تعزيز التعاون لمواجهة التحديات المشتركة في المجالات السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، والبيئية، والأمنية.
وفي زيارة كانت بمثابة تدشين لحقبة جديدة من التعاون بين الجانبين، زار جوزيف بوريل نائب رئيس المفوضية الأوروبية، مسئول السياسة الخارجية والأمنية بالاتحاد الأوروبي فى سبتمبر 2020 القاهرة، حيث التقى بالرئيس السيسي، والتي تزامنت مع زيارة كريستيان برجر الرئيس الجديد لبعثة الاتحاد بالقاهرة لتولي مهام منصبه فى ديسمبر 2020.
وتوالت اللقاءات بين الجانبين حيث الرئيس في نوفمبر 2021 مفوض الاتحاد الأوروبي لسياسة الجوار أوليفر فارهيلي، كما التقى أيضا شارل ميشال رئيس المجلس الأوروبي في باريس خلال مؤتمر باريس الدولي حول ليبيا.
واتفق الجانبان المصري والأوروبي على تعزيز التقارب والتعاون والتنسيق القائم على الاحترام المشترك، كما تتطابق رؤى الجانبين في العديد من الملفات من بينها الأزمة الليبية وأمن المتوسط ومكافحة الإرهاب والهجرة غير الشرعية وكذلك القضية الفلسطينية، وفيما يخص مسألة سد النهضة أكد مسئولون أوروبيون موقفهم الداعم لاستمرار المفاوضات بين الدول الثلاث مصر والسودان وإثيوبيا وترحيبهم بالموقف المصري بشأن القضية بشكل عام.
وتهدف أولويات الشراكة (2017-2020) التي اتفق عليها الطرفان إلى التصدي للتحديات المشتركة التي تواجه كلا من الاتحاد الأوروبي ومصر، بغية دعم المصالح المشتركة وضمان الاستقرار على جانبي البحر الأبيض المتوسط على المدى الطويل، وتقوم على التزام مشترك بالقيم العالمية للديموقراطية، وسيادة القانون، واحترام حقوق الإنسان.
كما تهدف إلى تعزيز التعاون لمساندة "استراتيجية التنمية المستدامة – رؤية 2030" في مصر، وتشمل هذه الشراكة دعم التنمية الاقتصادية والاجتماعية المستدامة، والحكم الرشيد، وسيادة القانون، وحقوق الإنسان، والهجرة، والأمن، ومكافحة الإرهاب، والتعاون في السياسة الخارجية من خلال عقد مشاورات مكثفة حول القضايا الإقليمية والدولية.
زيارة الرئيس لبروكسل
كان الرئيس عبد الفتاح السيسي قد توجه صباح اليوم الثلاثاء إلى العاصمة البلجيكية بروكسل، للمشاركة في الدورة السادسة لقمة المشاركة بين الاتحاد الأفريقي والاتحاد الأوروبي، والتي ستعقد على مدار يومي 17 و18 فبراير الجاري بمقر الاتحاد الأوروبي.
وصرح المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية السفير بسام راضي بأن القمة الأفريقية / الأوروبية تعقد هذا العام تحت عنوان "أفريقيا وأوروبا: قارتان برؤية مشتركة حتى 2030"، حيث عقدت أولى دوراتها في القاهرة عام 2000، والتي شهدت تأسيس آليات المشاركة بين الجانبين من خلال "خطة عمل القاهرة"، أخذاً في الاعتبار أن الجانب الأوروبي يعد من أبرز الشركاء الدوليين الذين يحرص الاتحاد الأفريقي على تعزيز أواصر العلاقات معه، لاسيما فيما يتعلق بملفات التنمية وصون السلم والأمن الدوليين، فضلاً عن التشاور المستمر بين الجانبين حول كيفية التصدي للتحديات المشتركة.
وأوضح المتحدث الرسمي أن الرئيس السيسي يعتزم التركيز خلال أعمال القمة الأفريقية / الأوروبية على مختلف الموضوعات التي تهم الدول الأفريقية، خاصةً ما يتعلق بتعزيز الجهود الدولية لتيسير اندماجها في الاقتصاد العالمي، بالإضافة إلى تأكيد ضرورة تقديم المساندة الفعالة لهذه الدول في سعيها لتحقيق أهداف التنمية المستدامة 2030، ونقل التكنولوجيا للدول النامية، ودفع حركة الاستثمار الأجنبي إليها، وتمكين الدول النامية من زيادة الاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة، مع استعراض استعدادات مصر لاستضافة قمة الأمم المتحدة القادمة للمناخ في نوفمبر 2022، والجهود المصرية في هذا الإطار لخروجها بنتائج متوازنة وقابلة للتنفيذ، وكذا الدفع نحو أهمية بلورة رؤية مشتركة لدعم وتمويل القارة الأفريقية خلال جائحة كورونا، مع تسهيل النفاذ والتوزيع العادل لمختلف التقنيات المرتبطة بالجائحة، خاصةً ما يتعلق بإنتاج اللقاحات.
ويتضمن برنامج زيارة الرئيس السيسي إلى بلجيكا عقد مباحثات قمة مع كل من الملك فيليب ليوبولد، ملك بلجيكا، و ألكسندر دي كرو، رئيس وزراء بلجيكا، وذلك لبحث سبل تعزيز العلاقات الثنائية، بما يحقق المصالح المشتركة للدولتين والشعبين الصديقين، فضلاً عن التشاور والتنسيق المتبادل حول عدد من الملفات الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك.
ومن المقرر كذلك أن يعقد الرئيس السيسي لقاءً مع نخبة من مجتمع رجال الأعمال البلجيكي لبحث سبل دفع التعاون في المجالات الاقتصادية والتجارية والاستثمارية بين الجانبين.
كما يجتمع الرئيس أيضاً على هامش القمة بقيادات الاتحاد الأوروبي، وكذا عدد من رؤساء الدول والحكومات، وذلك للتباحث حول دفع أطر التعاون الثنائي والتشاور حول مختلف القضايا الإقليمية والدولية.