الأحد 12 مايو 2024

حق الدولة والمجتمع يا عريس

مقالات20-2-2022 | 11:45

​كشفت واقعة ضرب عروس الإسماعيلية في قارعة الطريق عن الفجوة الشاسعة ما بين الخطاب الإعلامي الذي اشتد به الوطيس حول ضرب الزوجة وتصريحات شيخ الأزهر وبين الواقع المعاش حول المسألة فمن حاول تلخيص المسألة في فريقين يريد أحدهما أن يلغي كلمة "واضربوهن" من المصحف الشريف والفريق الأخر الذي كان يعتبر شيخ الأزهر مصدرا من مصادر التشريع لا حارسا شارحا لمراد الله من شرعه ليقوم بهذا الدور.

كشفت الواقعة مدى غياب كيانات مثل المجلس القومي للمرأة عن اختراق طبقات المجتمع ومحاولة مناقشته في ما ينتهجه من سلوكيات بالية ما زالت تعتبر المرأة متاعا يورث فظهر جليا أن الخطاب الصادر عن الإعلام وعن تلك المجالس النسوية ما هو إلا من باب سد الخانة وإظهار ممارسة دور غير موجود فعليا في الواقع.

مازال الخطاب القائم على ازدراء المرأة وتأخيرها متسيدا وقد ظهر هذا جليا في تبرير عريس الإسماعيلية لفعلته الدنيئة مع زوجته علنا وفي الطريق العام فالرجل في مكنونه يعد ذلك جزءا من رجولته التي لا تثبت إلا بقهر زوجته فقد قال بلا خجل إحنا عندنا ضرب الست عادي مش زي ولاد البندر ودي بنت عمي وبضربها.. هكذا بكل أريحية تكلم الرجل ليشرح لنا جهلنا ويفسر لنا اندهاشنا نحن أولاد البندر اللي محبكينها حبتين.

وهنا  تكمن المصيبة فأسوأ من تتعامل معه هو الجاهل جهلا مركبا وهو الذي يفهم أنه يدري وهو في الحقيقة لا يدري وهنا يطرح سؤال مشروع كم موقفا مثل ضرب عروس الإسماعيلية لم تسجله الكاميرات كم من القهر المخبوء خلف الجدران لم يخرج بعد ليزداد اندهاشنا.

وهنا لا يقهر  الظلم  ويردعه إلا تطبيق القانون وفورا ومن هنا أدعو النائب العام ليتحرك ضد تصرف هذه العائلة التي تواطأت على الظلم بل تبرره بفخار وعدم خجل فلابد أن يدرك كل هؤلاء أن الدولة أقوى من العادات وأقوى من فهمك القاصر فلابد أن يتحول قهر المرأة إلى جريمة مخلة بالشرف تلحق الأذى بمن يستمرئها ويستحل الولوج إليها مرارا في تحد للجميع.

ما أكرمهن إلا كريم وما أهانهن إلا لئيم عبارة حاسمة تشير إلى لؤم هؤلاء الرجال الذين تحالفوا للدفاع عن فعلة ابنهم بعد أن سلطت عليه الأضواء  وفضحته السوشيال ميديا إن الكذب الذي مارسوه أمام كاميرات الصحفيين لإظهار الانسجام التام وأنه لا داعي للانزعاج مما حصل  ما هو إلا خوف لئيم من المحاسبة وتنويم اضطراري  لمجتمع فجع مما رآه فإن تنازلت المسكينة عن حقها وقد يكون لتحصيل قوت يومها وعجزها الاقتصادي عن إعالة نفسها فلا يجب أن تتنازل الدولة  عن حقها في جريمة ارتكبت في الطريق العام لشخص تحدى القانون وأدار له ظهره فأشباه عريس الإسماعيلية ملايين يترقبون هل ستمر الواقعة فيكون اعترافا  وإقرارا ضمنيا بأنه لا أحد يكترث لما تفعلون فاستمروا في قهر النساء كما ستحول كل شجاعة من خانة التأهب للمواجهة إلى خانة الخوف إن فتحت فمها بالشكوى مستقبلا.

إننا بحاجة إلى استنفار الجهود لمواجهة ترسخ وتجذر مفهوم قهر المرأة لكبح جماح الجنوح الإنساني والمآسي التي تترتب على هذه الظاهرة فقد أظهرت إحصائيات للمجلس القومي للمرأة أن 8 ملايين امرأة يتعرضن للضرب من أزواجهن بسبب أو بدون سبب بغرض التأديب يعني بالبلدي كده من باب "ادبح لها القطة" أما الاكتفاء بالبيانات ومؤتمرات تشكيل اللجان والتحرك سريعا فلم تعد تجدي.

ولنا أن نتساءل في هذا الإطار عن صمت وحدة مناهضة العنف ضد المرأة المنوط بها تحقيق أفضل النتائج المرجوة من الاستراتيجية الوطنية لمناهضة العنف ضد المرأة عن الواقعة  فمن المفترض بحلول عام 2022، تكتمل مساهمة المرأة بشكل كامل في تنمية مصر ويتم احترام جميع حقوق النساء والفتيات المنصوص عليها في الدستور وحمايتها والاستجابة لها دون أي تمييز .. فهل تحقق الهدف أظن أن واقعة الإسماعيلية تحمل الإجابة.

Dr.Radwa
Egypt Air