شهد معبد أبو سمبل في الساعات الأولى من صباح اليوم الثلاثاء ظاهرة تعامد الشمس على وجه تمثال الملك رمسيس الثاني بمعبده الكبير، وهي الظاهرة الفلكية التي تلفت أنظار العالم وتحدث مرتين سنويا في 22 فبراير و22 أكتوبر من كل عام، ويحرص السياح على متابعتها حيث تتعامد الشمس على قدس الأقداس في المعبد.
وقد بدأت ظاهرة التعامد في الساعة 6.23 دقيقة صباح اليوم، واستمرت لمدة 25 دقيقة، وحتى الساعة 6.48 دقيقة، قطعت خلالها أشعة الشمس 60 مترا داخل المعبد مرورا بصالة الأعمدة حتى حجرة قدس الأقداس لتسقط أشعة الشمس على وجه تمثال الملك رمسيس الثاني، في حدث تابعه أكثر من 6 آلاف سائح.
معلومات عن معبد أبوسمبل
ويؤرخ معبدا أبوسمبل بعصر الملك "رمسيس الثاني" (١٢٧٩-١٢١٢ ق.م)، وقد نقرا بهضبة مرتفعة من الحجر الرملي على بعد 4 كم جنوب موقعهما الحالي الذي نقلا إليه في حملة إنقاذ آثار النوبة بعد إنشاء السد العالي عام 1960م، حيث يضم الموقع معبدين هما معبد أبو سمبل الكبير الذي كان مكرسًا لعبادة "رع حور اختي" و"آمون رع"بتاح والملك نفسه، ومعبد أبو سمبل الصغير الذي يقع على بعد 100م من المعبد الأول الذي كرس للمعبودة حتحور والملكة نفرتاري الزوجة الرئيسية للملك.
وقد أطلق اسم "أبو سمبل" على هذا الموقع الرحالة السويسري "يوهان لودفيج بوركهارت" المعروف باسم "إبراهيم بوركهارت" الذي اكتشف الموقع عام 1813م حين اصطحبه إليه طفل اسمه "أبو سمبل".
والمعبد يتميز بطرازه المعمار الفريد حيث نقرت واجهته في الصخر، وزينت بأربعة تماثيل ضخمة للملك رمسيس الثاني يصل طول الواحد منها إلى حوالي ٢٠م، ويلي الواجهة ممر يؤدي إلى داخل المعبد الذي نقر في الصخر بعمق ٤٨م وزينت جدرانه مناظر تسجل انتصارات الملك وفتوحاته، ومنها معركة قادش التي انتصر فيها على الحيثيين، بالإضافة إلى المناظر الدينية التي تصور الملك في علاقاته مع المعبودات المصرية.
أما معبد أبو سمبل الصغير فقد أهداه الملك رمسيس الثاني للملكة نفرتاري زوجته الرئيسية ومحبوبته، وتزين واجهته ستة تماثيل ضخمة متساوية الحجم تمثل الملك والملكة في إظهار واضح للمكانة العالية التي تمتعت بها الملكة لدى زوجها، ويمتد المعبد إلى داخل الهضبة بعمق ٢٤م، وتزين جدرانه الداخلية مجموعة من المناظر الرائعة التي صورت الملكة تتعبد للآلهة المختلفة إما مع الملك أو منفردة .
تعامد الشمس
وترجع أهمية معبد أبو سمبل الكبير إلى ارتباطه بظاهرة تعامد الشمس على وجه تمثال الفرعون رمسيس الثاني مرتين في السنة؛ ٢٢ أكتوبر و٢٢ فبراير.
وهذه الظاهرة كانت لمعتقد لوجود علاقة بين الملك رمسيس الثاني والآلهة رع اله الشمس عند القدماء المصريين، حيث استمرت قرابة 33 قرنا من الزمان، وجسدت مدى التقدم العلمي الذي بلغه القدماء المصريون، خاصة في علوم الفلك والنحت والتحنيط والهندسة والتصوير والدليل على ذلك الآثار والمباني العريقة التي شيدوها.
وفي القدم كانت ظاهرة تعامد الشمس تحدث في الماضي يومي 21 من شهرى فبراير وأكتوبر من كل عام لكنها تغيرت إلى يوم 22 خلال نفس الشهريين بعد نقل المعبد في مشروع إنقاذ آثار النوبة في عام 1963 حيث انتقل المعبد من مكانه القديم حوالي 180 مترًا بعيدًا عن النيل وبارتفاع قدره 63 مترًا.
حيث تم الانتهاء من نقل المعبدين من موقعهما الأصلي في عام 1968 بعد بناء السد العالي بأسوان، الذي هدد بإغراقهما، وتم تفكيك المعبد وتقسيمه إلى قطع ونقلهم إلى موقعهم الجديد وإعادة تركيبهم بنفس النسق الذي كان عليه الموقع الأصلي، ووقد ساهمت الجهود الدولية التي قادتها اليونسكو في إتمام عملية النقل بنجاح، وتم قبول المعبد في قائمة مواقع التراث العالمي في عام 1979.