الخميس 6 يونيو 2024

عودة البطل الظافر 5

4-7-2017 | 22:19

بقلم – إقبال بركة

بعد انتشار خبر "الثغرة" فى الدفرسوار هاتفنى العديد من الأقارب والأصدقاء للسؤال عن زوجى، وكانت إجابتى للجميع: لا أعرف أى شىء عنه, أما الصديقة العزيزة المخرجة إنعام محمد على، المخرجة بإدارة برامج المرأة في التليفزيون فى تلك الفترة، فقد قالت لى إنها فى طريقها إلى بيتى مع طاقم البرنامج ليسجلوا حلقة مع زوجة وأبناء مقاتل مصرى, وقبل أن أستفسر عن المزيد رن جرس الباب وازدحمت الشقة بطاقم العمل, الطريف أن ابنتى الصغيرة دفنت وجهها فى الوسادة ورفضت تماما لقاء المذيعة أو الإجابة على أسئلتها، أما الصبى فقد تحدث بطلاقة وقال إنه يفتخر بوالده، خاصة بعد أن سأله زملاؤه فى المدرسة: نعمل إيه عشان بابا يروح يقاتل مع الجيش المصرى زى باباك؟ وقلت فى الحوار إن خبر الحرب كان أسعد مفاجأة فى حياتى، رغم علمى أن زوجى سيشارك قطعا فى القتال.

حلت ذكرى ميلاد زوجى فى التاسع عشر من شهر أكتوبر، وغصت فى حالة من الحزن الشديد والتوجس لغيابه فى مناسبة ينتظرها ولديه سنويا لنحتفل بها معا, وانقبض قلبى بشدة وأفكار سوداء تحوم حول عقلى يزيحها أمل كبير فى أن يفاجئنا بحضوره، ولكن الليلة انقضت وامتد عذابى لأكثر من شهر, وذات مساء سمعت أزيز عربة جيب أسفل العمارة، فأسرعت إلى التراس ووجدت زوجى يهبط من السيارة, فتتلقفه أم محمد، السيدة الطيبة أم حارس العمارة بالأحضان، ويعانقه سايس الجراج مهنئين بسلامته وبالنصر العظيم، وأسرع ابنى ليقف بجوار أبيه مفتخرا سعيدا, وعلى مائدة العشاء حكى لنا البطل العائد كيف تحققت المعجزة وتداعت حصون خط بارليف كما تتداعى قطع الثلج فى يوم قائظ, كانت سعادته لا توصف وهو يرى العلم والجنود يسقطون, العلم الإسرائيلى ذو النجمة السداسية الزرقاء الذى كان يؤذى بصره ويؤلم مشاعره، ويرفعون العلم المصرى, أخيرا خرس الجنود الإسرائيليون فى الضفة الشرقية الذين كانوا ينادون الجنود المصريين فى الضفة الغربية ساخرين شامتين: يا مصرى.. كيف حالك؟!

 ولم ينم الطفلان إلا بعد أن قص عليهما والدهما كيف بدأت ملحمة العبور بعد ظهر السادس من أكتوبر بانطلاق نسور الجو المصريين فى الطلعة الأولى وعادوا جميعا سالمين إلا من شهيد واحد هو الطيار عاطف السادات شقيق رئيس الجمهورية! بعدها سقطت حمم المدفعية المصرية لتدك خط بارليف, كانت مفاجأة صاعقة للإسرائيليين فلم يردوا بطلقة واحدة، وتدفق المشاه المصريون  ليرفعوا العلم المصرى ويقتحموا النقاط الحصينة ويفتكوا بجنود الأعداء الذين اختبأوا فيها كالجرذان, وبعد فتح ثغرة فى الساتر الترابى بخراطيم المياه فى العاشرة مساء قامت كتيبته البرمائية بنقل المدرعات التى توغلت فى البر الشرقى للقناة  أكثر من 10 كيلو مما جعل إسرائيل تستنجد بحليفتها أمريكا لتسعفها بكل إمكانياتها المتقدمة عبر جسر جوى وتفيدها بوجود فراغ فى الضفة الغربية كان "الثغرة" التى تسللت منها الدبابات الإسرائيلية وهاجمت قواعد الصواريخ المصرية المضادة للطيران, ويوم 19 أكتوبر فى عيد ميلاده قصفت الدبابات الإسرائيلية كتيبته فأصيب بجرح واستشهد أحد جنود الكتيبة..

ونستكمل الحكاية فى الأسبوع القادم بإذن الله