السبت 23 نوفمبر 2024

أخبار

إحياء ثراث مصلحة الشهر العقاري والتوثيق بالجمهورية الجديدة

  • 22-2-2022 | 16:03

مصلحة الشهر العقارى

طباعة
  • زهران جلال

يتفقد الدكتور مصطفى مدبولي رئيس الوزراء مساء اليوم الثلاثاء أعمال تطوير ديوان عام مصلحة الشهر العقاري والتوثيق التاريخي بعد رفع كفاءته، وذلك تنفيذا لتكليفات الرئيس عبد الفتاح السيسي بتطوير القاهرة التاريخية بوجه عام وإحياء التراث  ضمن خطة الدولة في الجمهورية الجديدة  لعودة العاصمة لدورها التاريخي  والثقافي والأثري يجعلك تفخر بالتراث المصري  بالمباني التاريخية والتحفة المعمارية ذات الطراز الأثري والثقافي لأحد وأعرق  قطاع بوزارة العدل ألا وهو مصلحة الشهر العقاري والتوثيق ، المصلحة القانونية العريقة المستقلة والقائمة بذاتها والتي تتمتع بالشخصية الاعتبارية والمعنوية المستقلة ويمثلها قانونا رئيسها ، وليست جهة معاونة، وتتبع إداريا وزارة العدل كالعديد من دول العالم ، كما تتبع الهيئات القضائية.

أنشئت مصلحة الشهر العقاري والتوثيق الكائنة بشارع رمسيس في صدارة واجهة دار القضاء العالي بموجب القانون رقم 114 لسنه 1946 م وهو العام الذي انشأ أيضا فيه الشهر العقاري جنبا إلى جنب مع إنشاء اعرق المؤسسات القضائية وهو مجلس الدولة المصري في عهد الملك فاروق وحكومة التكنوقراط إسماعيل صدقي باشا و تحت رعاية واهتمام وإصرار وزير العدل المصري في ذلك الوقت المستشار محمد كامل مرسي باشا ومجهوده وأفكاره العظيمة لتطوير منظومة العدالة بمصر وقتها في إنشاء هذان الكيانين مجلس الدولة والشهر العقاري والتوثيق وفقا للنظام الفرنسي خلال عام 1946.

ويعتبر المصريون القدماء أول من عرفوا نظام التوثيق و التسجيل العقاري، حيث أسسوا إدارة تختص بمسح الأراضي وإحصاء الملكيات والسندات وضبطها في سجلات، والوثيقة هى تسجيل ثابت للحدث ساعة حدوثه بما يحفظ تفصيلات الموضوع ويحميها من عوامل التغيير والزيادة أو النقص الذى يطرأ نتيجة لتبَدُّل الأفكار والتوجهات وتأولات المتأخرين وتحريفاتهم إمّا قصداً نتيجة الأهواء الشخصية أو بدون قصد نتيجة الجهل أو نتيجة النسيان الذى هو من طبيعة النفس البشرية عبر التاريخ، فلذلك نظم القُدماء المصريين توثيق الثروة العقارية وإثباتها وتداولها رسمياً وبعقود كتابية موثقة على جدران المعابد والمخطوطات الفرعونية التى كانت أهميتها متوازية للحكم والحاكم.

وهذا ما عبر عنه التمثال الفرعونى الأشهر على الإطلاق "الكاتب الجالس" والذى أثبت للعالم أجمع أن المصرى أول من أمسك بالقلم وكتب فى التاريخ خلال عصر الدولة المصرية القديمة، وقد لا يعلم الكثير منا ان العُملة الورقية المصرية الحالية فئة الـ200جنيهاً، وهى أكبر عملة مصرية ورقية حالياً، والمطبوع عليها هذه الصورة تمثال الكاتب الجالس الفرعونى أو "كاتب القرفصاء" وهو من أشهر الآثار المصرية القديمة، وهو يعبر عن الموثق الفرعونى وكان من أعلى المناصب وأرفعها شأنا، خاصة وان من شروط توليه هذا المنصب ان يتحلى بالهمة والمهارة والكفاءات الواجبة لدى الحاكم.
و احتلت مهنة الكتبة (الموثقين) مكانة عُظمى فى مصر القديمة واعتبرت درجة هامة فى سلم الترقى الوظيفي، والمُطالع للكاتب الفرعونى وهو يجلس فى سكينة وقد بسط لفافة بردى بين يديه بينما تمسك يده الأخرى بريشة الكتابة، وقد التمعت عيناه وشردت قليلًا وكأنه فى انتظار ما يُملى عليه من تعاقدات او يفكر فيما سيكتب ويوثق،وفى إطار كافة المهن الفرعونية، ان لكل منصب فرعونى رئيساً له، إلا وظيفة الكاتب (الموثق)، فهو سيد قراراته ومدير شئونه، وهو ما يؤكد على استقلال مهنته وعمله فى الدولة المصرية القديمة، فقد كان يُلقب بـ "كاهن المعبودة ماعت" إلهة الحق والعدل عند الفراعنة، والتى تمثلت بهيئة سيدة مُجنحة رمزاً للعدالة،وتعلو رأسها ريشة النعام، وهو الشعار المُتخذ حالياً رمزاً لوزارة العدل المصرية،وكما فى الصورة المرفقة، نجدها مُمسكة مفتاح الحياة (عنخ) فى أحد يديها وتمسك فى يدها الأخرى صولجان الحكم، وأحياناً يُرمز لإلهة الحق والعدل بالريشة،ويُنسب للمعبودة "ماعت" أيضاً التحكم فى فصول السنة وحركة النجوم، لهذا سميت مصر قديماً (أرض النيل والماعت)،وكان من أبرز ملامح "ماعت" آلة العدالة هى أن تاج رأسها عبارة عن ريشة الكاتب (الموثق)الفرعوني، والتى هى الآن رمز لمهنة الموثقين بمصر وبكل دول العالم،وهو ما يؤكده كافة المخطوطات الفرعونية وقد أجمعت على تفخيم وتمييز منصب الكاتب (الموثق) الفرعوني، وكان يسمو ويرقى فوق مستوى أى عمل من الأعمال الأخرى، حيث كان مراحل تدريبه ليكون موثقاً، تبدء منذ ان كان طفلاُ، بخلاف باقى المهن الفرعونية كافه،وكان منصب كاتب العدل (الموثق) الفرعوني، لا يُسند مبدئياً إلا لأحد افراد الاسرة المالكة الفرعونية، ولم يسمح لغير افراد العائلة المالكة بتولى هذا المنصب إلا فى الدولة الفرعونية الحديثة، وكان الموثقين الفراعنة من كبار موظفى الدولة المصرية القديمة ؛ وكانوا بمثابة عُظماء مثقفيها وحكمائها.

الاكثر قراءة