السبت 4 مايو 2024

فوتوا الفرصة!

مقالات8-3-2022 | 12:00

يتعرض العالم أجمع هذه الأيام لاختبار صعب على كافة الأصعدة السياسية والاقتصادية والصحية، فلم يكد يستقر الوضع الصحي لجائحة كورونا ويعود الأمل في استعادة الحياة الطبيعية في بعض الدول بعد فترات من الإغلاق والإجراءات الاحترازية والوقائية حتى بدأت الحرب الدائرة في أوكرانيا والتي ألقت بظلالها على كافة أرجاء المعمورة.

 ومن أهم هذه التأثيرات ما يتعلق بالجانب الاقتصادي حيث ارتفع سعر البترول بشكل جنوني لم يحدث منذ زمن مع ازدياد المخاوف من استمراره في الارتفاع لمستويات غير مسبوقة حال اتخاذ خطوات تصعيدية جديدة من جانب المعسكر الغربي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية في مواجهة روسيا.

ومع تأثر إمدادات السلع الغذائية التي كانت تأتي من روسيا وأوكرانيا وعلى رأسها القمح، نجد التأثر المبالغ فيه بالأسواق المحلية لأسعار السلع التي من المحتمل أن تتأثر بنقص أو توقف تلك الإمدادات.

فقد أتت هذه الأحداث في وقت تتسابق فيه بعض الأُسر لتخزين بعض السلع استعدادًا لشهر رمضان المبارك مع تداول الأخبار عبر صفحات التواصل الاجتماعي والتي بعضها صحيح والآخر مبالغ فيه عن زيادة محتملة في أسعار بعض السلع، مما دعا بعض التجار للقيام بجمع الكثير من السلع بغرض الاحتكار والاستفادة من زيادة الأسعار المتوقعة في الفترة القادمة.

إن هذا السلوك المشين الذي يقوم به بعض ضعاف النفوس لا يتفق مع القيم الإنسانية والأخلاقية التي ينبغي أن تسود في مجتمعنا لا سيما في هذه الأيام الطيبة التي يستقبل فيها المسلمون مناسبات دينية محببة إلى النفس وبها الكثير من الفلسفة التي تدعو إلى الزهد والامتناع عن الملذات لفترة من الحياة في صورة أداء فريضة الصوم مع ما يواكبه من عبادات أخرى يحرص المسلمون على أدائها في هذا الشهر الكريم.

إن ما تقوم به السلطة من ضبط الأسواق وتطبيق القانون على من يقوم باحتكار السلع أو رفع الأسعار دون مبرر لن يكون وحده كافيًا لوقف مثل هذه الممارسات حين يتحول المجتمع إلى فريقين، أحدهما ينتهز الفرصة ويحتكر السلع بغية الاستفادة من الزيادة المحتملة في الأسعار نتيجة الحرب الدائرة في أوكرانيا والعقوبات الاقتصادية التي يتم فرضها ردًا على روسيا، والفريق الثاني يحاول شراء ما يزيد عن حاجته خوفًا من تلك الزيادة المحتملة أو استعدادًا لشهر رمضان.

 إن ما يفعله الفريقان يشكل عبئًا كبيرًا على المخزون الاستراتيجي للسلع المتوفرة في البلاد ويزيد من احتمالية نقص بعضها ومن ثم رفع الأسعار بالفعل.

لذا وجب على كل تاجر وطني شريف البعد تمامًا عن السلوك الاحتكاري وممارسة التجارة بصورة طبيعية دعمًا لمجتمعه ووطنه، كما يجب على كل مواطن يلاحظ سلوكًا غريبًا من تخزين بعض السلع أو المواد الغذائية بشكل غير معتاد من حوله أن يبادر بإبلاغ الجهات المختصة عن ذلك عن طريق الاتصال بالأرقام التي يجب أن يتم إعادة الإعلان عنها في كل وسائل الإعلام لمحاربة هذا الجشع.

كما ينبغي على كل أسرة وكل فرد ألا يساهم في صناعة أزمة بمحاولة تخزين سلع أو مواد غذائية أكثر من الاستهلاك العادي حتى يتم تفويت الفرصة على أولئك الانتهازيين وتنقضي هذه الأوقات بسلام.

حفظ الله مصر وشعبها.

Dr.Randa
Dr.Radwa