الأربعاء 15 مايو 2024

يوم المرأة العالمي.. زكي طليمات يعترف: فاتن حمامة سيدة عروش السينما

سيدة الشاشة العربية فاتن حمامة

فن8-3-2022 | 20:12

خليل زيدان

من المعروف أن التمثيل في مصر نشأ بفكر وجهد وإبداع الرجل، وإن كانت المرأة قد شاركته النشأة ودعمته عندما كان المسرح هو النافذة الأولى للتمثيل، لكن بسبب قدرته ومكانته الإجتماعية آنذاك كان للرجل السيادة، فهو من يقدر على التفاوض لتوفير صالة للعرض وتجهيزها بالديكورات والملابس والدعاية وخلافه، أما المرأة مع بداية التمثيل المسرحي فقد كانت عنصرا هاما لأنها تضفي الواقعية على الروايات إذ تمثل "الأنثى"، سواء كانت حبيبة أو أمًا أو زوجة.

لكن كيف قفزت المرأة لتتربع على عرش التمثيل وتصبح هي سيدته الأولى الخالدة، فهذا ما سنعرفه من خلال ما أكده رائد التمثيل المسرحي والسينمائي زكي طليمات بنفسه في عدد الكواكب الصادر في 28 أبريل 1953.

فاتن مع الموسيقار محمد عبد الوهاب في فيلم يوم سعيد

سيدة الشاشة في كواليس فيلم صراع في الوادي

قبل أن نسرد جزءًا من مقال طليمات الذي يشهد فيه أن المرأة تربعت على عروش التمثيل، وجب أن أذكر ما قاله صديقنا الكاتب الصحفي أشرف غريب في مقاله بمجلد فاتن حمامة مذكرات وذكريات، الصادر عن مركز الهلال للتراث، وهو أنه برغم براعة الرجل وجهوده في إرساء دعائم فن التمثيل في مصر والوطن العربي، لم نجد أبدا لقب "سيد الشاشة" وبرغم براعة الرجل في الغناء وريادته إلا أننا لم نجد أبدا "سيد الغناء" .. لكن هناك سيدتان نالتا اللقبين بإعجاز واقتدار، وهما السيدة أم كلثوم "سيدة الغناء العربي" والسيدة فاتن حمامة "سيدة الشاشة العربية".

 

نعود لسرد مقال زكي طليمات والذي يؤكد أن أحداثه بدأت عام 1944 في اليوم الأول لافتتاح الدراسة بالمعهد العالي للتمثيل العربي ، فالطلبة الذين اجتازوا امتحان القبول اجتمعوا في أحد الفصول .. يترقبون المجهول .. وهو المدرس الذي سيرسي قواعد التمثيل في وجدانهم، ودخل طليمات الفصل، ولم يلفت انتباهه غير شخصيتين .. شاب بدين يلوك الطعام في فمه ولا يقدر على بلعه .. وفتاة صغيرة واسعة العينين كأنها عروسة.

 

وصف طليمات تلك الفتاة بأن وجهها صغير، بالغ الحسن كوجوه العرائس، فيه عينان واسعتان تتحركان بلا انقطاع وكأن ورأهما قلق لا يهدأ .. فأشار إليها قائلا: تعالي هنا يا عروسة .. فوقفت الفتاة محتجة وقالت: أنا مش عروسة يا أستاذ !

ــ طيب ما تزعليش .. بكره تبقي عروسة .. اسمك إيه ؟

ــ فاتن حمامة

ــ تعرفي تطيري يا عروسة؟

ــ يعني ايه؟

ــ مش انت حمامة؟

ــ لا .. فاتن

ــ وإزاي يا فاتن أفندي يبقى نص اسمك الثاني مؤنث؟

 

سكتت الفتاة ولم ترد .. فطلب منها طليمات أن تصعد إلى المنصة لتؤدي أي دور يحلو لها .. وأدت فاتن حمامة دورا صغيرا، أكد طليمات أنه اكتشف فيها فطرة سليمة وموهبة نادرة ، فصوتها ضعيف لكنه ساخن ونافذ إلى القلب، وتؤدي بإحساس عميق .. لكن كان حرف "الراء" يتحول على لسانها إلى حرف "الغين" في لدغة بسيطة كأهل باريس الذين يختالون بهذا الحرف.

 

علل طليمات بأن السبب في نطق فاتن بهذا الشكل هو كسل بسيط في لسانها، فهو لا يتذبذب بالسرعة المطلوبة لإخراج حرف "الراء" فصيحا خالصا .. فبدأ معها علاجه السريع ، وأراد أولا أن يجعلها تثور وتضغب ليؤهلها إلى التحدي .. وكتب لها على السبورة جملة تصف الشاب البدين المحشور في التختة، وكانت الجملة : " انحشر حشرا في الدرج ولم يقدر أن يخرج ".. وطلب من فاتن قراءة تلك الجملة بسرعة، فاندفعت بانفعالها تقرأ .. وإذا باللدغة تفارق لسانها .. وصفق الطلبة لفاتن وحرص طليمات في كل محاضراته على تأكيد استمرار علاجه للدغتها حتى فارقتها تماما.

 

شهد طليمات بأن فاتن تربعت فيما بعد بقدرتها وإبداعها على عروش السينما المصرية، وتمنى ألا تنسى سيدة الشاشة العربية في مجدها القائم الخالد درسها الأول في معهد التمثيل.

وفي يوم المرأة العالمي لا يجب أن نغفل رائدات التمثيل ومنهن السيدة فاطمة اليوسف وأمينة رزق وعزيزة أمير وفاطمة رشدي وغيرهن، ومع دورهن الرائد في عالم التمثيل بجانب الرجل، فقد تمكنت واحدة منهن أن تنال لقد سيدة الشاشة العربية وهي فاتن حمامة.