حوار يكتبه: محمد رمضان
«مصيدة الإدمان».. فخ المجاملة داخل الوسط الفنى لتبدأ رحلة إدمان الفنان من خلال دعوة أقران السوء أثناء جلساتهم الفنية معه لتعاطى المواد المخدرة بحجة «عمل دماغ» لزيادة قدرته الإبداعية.. فيبدأ فى الانزلاق داخل مستنقع الاحتياج المزمن والملح ليقع المخ فى أسرها.
يستشهد الدكتور سعيد عبدالعظيم، أستاذ الطب النفسى بكلية طب قصر العينى، فى حواره معى بفنان الشعب سيد درويش كأشهر نموذج فنى تناول عقار الكوكايين بل غنى له أغنية «شم الكوكايين خلانى مسكين»..!
لماذا الفنانون هم أكثر عرضة للإدمان عن عامة الشعب؟!
يختلف الفنانون عن عامة الشعب، لأنهم أكثر عرضة فى الإصابة بالإدمان، حيث يتواجدون فى جلسات فنية وحفلات تجمعهم داخل الوسط الفنى وقد يتطلب منهم ذلك تناول الحشيش على سبيل المثال بحكم الزمالة فيتبادلوا شرب المخدرات من خلال «العزومات» ويتناولوا مخدر الحشيش بدافع تحسين قدرتهم على التفكير، ولكن المشكلة التى تقابلنا أثناء علاج المدمنين هى أنهم لا يستطيعون التوقف عن عدم تعاطى المواد المخدرة.. والتى تعتبر بمثابة موضة وفقًا للمخدر المتاح فى السوق، بل إننا نجد أن كثيرا من المدمنين يدمنون أكثر من مادة مخدرة مثل الخمور والأفيونات والمنبهات والسجائر، حيث تعد مادة النيكوتين مادة تساعد على إدمان السجائر ولكن قد يكون هناك مادة مخدرة هى الأهم بالنسبة لأى مدمن لا يستطيع الإقلاع عن إدمانها.
ما تأثير مادة الكوكاكيين على الإنسان؟!
يعد الكوكايين مادة منبهة تساعد من يتعاطاها على زيادة نشاطه، حيث تزداد ضربات القلب والتنفس بعد تناوله فالكوكايين يعمل على زيادة مادة الدوبامين التى يفرزها المخ التى تنشط الإنسان، ولذلك قد نجد سائقا يرغب فى قيادة سيارة نقل لمدة يومين فإنه يتناول هذا العقار لكى يستطيع أن يظل يومين أو ثلاثة مستيقظًا ويعد سيد درويش فنان الشعب من أشهر الفنانين الذين كانوا يتعاطون الكوكايين وكان له أغنية شهيرة عن الكوكايين تقول كلماتها «شم الكوكايين خلانى مسكين.. وعينيا فى رأسى رايحيين جايين».
ومن يتعاطون الكوكايين يعتقدون أن تناولهم لمثل هذه المنبهات تزيد من حالتهم الإبداعية، فهناك بعض الفنانين لا يستطيعون أن يبدعوا إلا بعد تناول هذه المواد فى حين أن هناك آخرين لا يفعلون ذلك فمثلًا نجيب محفوظ وعباس العقاد لم نسمع عن أحد منهما أنه كان حشاشا..!
فليس بالضرورة أن الإبداع مرتبط بتعاطى المخدرات ولا يوجد ارتباط شرطى بين الإبداع الفنى وإدمان المخدرات، ولكن الفنانين هم الفئة الأكثر عرضة للإدمان من باب المجاملة فيما بينهم.
كيف تبدأ رحلة تعاطى المخدرات لعامة البشر والفنانين بصفة خاصة؟!
الإدمان له أوجها وأشكالا عديدة.. فالإدمان يعنى أن يتعلق الإنسان بشىء مما يجعل هذا الشىء ضروريا ومهما وملحا وليس بالضرورة أن تقتصر طبيعة هذا الشىء على المواد المخدرة ولكنه قد يكون بمثابة أفعال وسلوكيات يمارسها الإنسان.
وبالنسبة لإدمان المواد المخدرة فإن المخ البشرى يوجد به معظم هذه المواد حيث يقوم بإفرازها بقدر معين، فهناك أفيونات موجودة بالمخ وظيفتها تخفيف الشعور بالألم عندما نتعرض لحدوث أى جرح.. كما أنه هناك مستقبلات للحشيش بالمخ الذى يعتبر بمثابة مصنع داخل الجسم يفرز الأفيونات المخية بنسب معينة وتعمل كمسكنات فى حين أن المدمن يتعاطى الأفيون مما يحدث داخل المخ نوعا من الإغراق وبالتالى يتوقف المخ عن إنتاج هذه الأفيونات بشكل طبيعى.. وعندما لا يحصل المدمن على الجرعة المناسبة تحدث له أعراض انسحابية لهذه المواد المخدرة، فيبدأ فى الشعور بالألم ويعتبر لكل عقار من العقاقير المخدرة أعراضه وتأثيره فعلى سبيل المثال المنومات لها أعراض انسحابية أخرى قد تكون قاتلة تؤدى بالحياة إلى الموت.. فى حين نجد أن الآثار الجانبية لمدمن الهيرويين والموروفين تظهر فى صورة أن عينيه تدمعان ويعانى من رشح بالأنف وإسهال وهذا يدل على أن هذه الأفيونات الموجودة بالجسم تسيطر على هذه المناطق.
وهناك أعراض أخرى أكثر خطورة ناجمة عن حدوث تسمم بالمخدر حيث إن تناول المدمن جرعة زائدة من المخدر تجعله يصاب بالتسمم، فضلًا عن تناوله جرعة زائدة من الأفيون قد تتسبب فى توقف مركز التنفس الذى يتواجد فى جذع المخ ولذلك نجد العديد من المدمنين ماتوا بعد تناولهم جرعة كبيرة من الأفيون.
وهناك مواد مخدرة كثيرة أخرى مثل الحشيش والمهدئات والمنومات والمنبهات مثل الانفيتامين والكوكايين حيث تقوم بتنشيط المخ، بالإضافة إلى المهلوسات التى يبحث عنها المدمن من أجل التأثير على وعيه ويسمونها «آيس» وهذه المهلوسات لها تأثير على المستقبلات الحسية حيث إنها تؤثر على إحساس المدمن بالأبعاد والمسافات وقد يسمع أصواتا ليس لها وجود وقد يرى أشياء أيضًا ليس لها وجود.
البعض يرى أن المنظور التاريخى للإدمان يرجع إلى تناول بعض الشعراء أمثال عمر الخيام فى أشعارهم الخمور؟!
بالفعل تأتى الخمور على رأس المواد المخدرة لاحتوائها على مادة الكحول التى تستخدم فى الغرب بشكل أكبر من الدول الإسلامية التى تحرم شربها، فى حين أنها تكون موجودة على مائدة الطعام فى فرنسا وهذه الخمور لها تأثير مهدئ على من يتناولها لأنها تعمل على القشرة المخية التى يوجد بها مراكز التفكير والإرادة وهذه المنطقة من المخ هى القادرة على إحداث أى تغيير فى حياتنا.