السبت 20 ابريل 2024

دلالات خطاب الرئيس السيسى حول قضية السد الأثيوبى (4)

مقالات14-3-2022 | 14:07

لم تركز الدراسة المهمة التى أجراها الباحث المجتهد د. محمد عبد العزيز سيد طه عصيدة مدرس الإذاعة والتليفزيون بكلية الإعلام جامعة بنى سويف والمعنونة "سيميائية خطاب الرئيس السيسى حول قضية السد الأثيوبى خلال اطلاق مشروع تنمية الريف المصري" على الخطاب المكتوب الذى تلاه الرئيس على الحضور، بل تناولت بالتحليل أيضًا خطابه الارتجالى الذى جاء مفعمًا بالدلالات.

  بدأ الرئيس السيسى خطابه الارتجالى والذى حمل دلالات وإشارات سيميائية أكثر عمقاً من الخطاب النصي، فبينما تناول الخطاب النصى التأكيد على نجاح القيادة السياسية بالدعم الشعبى من تحقيق الإنجازات العديدة فى معركتى البقاء والبناء وسط تحدياتٍ داخلية وخارجية كبيرة، ليأتى إعلان انطلاق المشروع القومى لتنمية الريف المصرى تدشيناً للجمهورية الجديدة، ليختتم خطابه الرسمى بفقرة العلاقات الخارجية ودلالاتها وإشاراتها السيميائية التضمينية حول عدم السماح بأى تهديد للأمن القومى المصري، ليأتى الخطاب الارتجالى أكثر تفصيلاً وتوضيحاً لفقرات الخطاب المكتوب باستخدام مكثف لكافة الإشارات السيميائية اللفظية وغير اللفظية، وذلك على النحو التالي:

1- التأكيد على إدارة ملفات وقضايا مصر بعقلٍ راشد وتخطيطٍ عميق بعيداً عن صناعة الوهم ودغدغة مشاعر الناس، مستخدماً إشاراتٍ غير لفظية مثل: تعبيرات الوجه، لغة العيون، تغيير نبرة الصوت ما بين اللين والحزم، بالإضافة إلى الإشارة بــ قبضة اليد/كف اليد اليمنى منبسطاً/أصبع السبابة، بشكلٍ يجمع بين التقرب واستمالة مشاعر المستمعين والجدية وصدق كلامه فى العمل من أجل الوطن بكل إخلاص.

        

ويحمل تتابع حركات اليد أثناء توجيه الكلام للجمهور قبضة اليد/كف اليد المنبسطة أثناء النطق بكلمات ولا عمرنا حاولنا ندغدغ مشاعر الناس، وكذلك استخدام أصبع السبابة عند النطق بكلمات نقدم الوهم ده نقدمه ليكم ولا نصدره ليكم، إشارات سيميائية للرد على أهل الشر ومنصاتهم الإعلامية الساعية لتشويه صورة النظام السياسى المصرى وتصيد الأخطاء، مدعين دغدغة مشاعر الشعب بهدف الوصول للسلطة والبقاء فيها، وكذلك تشكيكهم فى قيمة المشروعات القومية وجدوى منظومة الإصلاح الاقتصادى عبر نشر الشائعات المغرضة.

2- أكد الرئيس خلال خطابة الارتجالى أنه فيما يخص القلق الشعبى إزاء قضية المياه فإن هذا القلق مشروعٌ مستخدماً نبرة صوت توضح تفهمه للموقف، ومستخدماً وضعية الوقوف (لغة الجسد) ممسكاً بطرفى المنصة التى يتوسطها شعار رئاسة الجمهورية، والذى يحمل إشارة سيميائية حول الإمساك بزمام القضية وفق متطلبات الأمن القومى المائى المصري. ثم أردف كلامه موجهاً سؤاله للجمهور مش أنتوا أمّنتونى عليها؟ وقد كرر هذا السؤال مرتين، مستخدماً تعبيرات وجه ونبرة صوت حنونة لطمأنة المستمعين، مستخدماً وضعية الوقوف ممسكاً بطرف المنصة الأيسر واليد اليمنى على شكل قبضة قوية أو كف اليد اليمنى منبسطاً.

     

ويمثل تكرار السؤال مع الوقوف ممسكاً بطرف المنصة بيد والأخرى على شكل قبضة قوية أو كف منبسط إشارة سيميائية تجمع بين اللغة اللفظية وغير اللفظية معاً للتدليل بالتوكيد اللفظى على حفظه للأمانة والمسئولية التى ألقاها الشعب على عاتقه لحماية مقدرات الدولة والعبور بها نحو آفاق المستقبل، وتحمل وضعية الوقوف دلالة على إمساك الرئيس بزمام الأمور وإدارته الرشيدة لكافة مؤسسات الدولة بما يحقق تطلعات المصريين وحماية مقدراتهم، كما يدفع هذا السؤال الجمهور إلى التفكر فيما حققه المتحدث من إنجازات رغم كبر التحديات المحيطة لإنقاذ مصر كما جاء فى الخطاب النصي.

3- أكد الرئيس أن الحديث مع الإثيوبيين والسودانيين كان من منطلق جعل نهر النيل نهر للشراكة وللخير للجميع، وليس للمصريين فقط، وقد طرح خلال خطابه الارتجالى حلاً جذرياً للأزمة حول السد قائلاً " إذا كان السد ده زى ما بتقولوا هيوفرلكم التنمية من خلال توليد الكهرباء فاحنا معاكم" مستخدماً نبرة صوت وتعبيرات وجه مستاءة تحمل معنى فهم المقاصد الخبيثة وراء بناء السد، وأنه ليس سداً لتوليد الكهرباء. وإلا فما الداعى وراء مماطلة الجانب الإثيوبى والتهرب من توقيع اتفاق قانونى مُلزم لملء وتشغيل السد.

 وقد أردف الرئيس حديثه "ده كان كلامنا وتوجهنا، ومستعدين لده بنقل الخبرات والتعاون فى مشروعات الكهرباء والإنتاج الزراعي، فلدينا فى مصر قدرات مختلفة ومتوفرة لأشقائنا مش بس أثيوبيا والسودان، لكن لكل أشقائنا فى القارة الأفريقية، بس بشرط محدش يقرب من المياة بتاعت مصر، ومصر أبداً مكانتش بتسعى للتهديد أو التدخل فى شئون الدول". وتحمل تلك الفقرة إشارة سيميائية غاية القوة، بأنه إذا أرادت أثيوبيا والسودان التنمية والرخاء من وراء السد فإن مصر داعمة بقوة من خلال التعاون المثمر فى مجالات الكهرباء والطاقة والزراعة، بينما تحمل جملة "ومصر أبداً مكانتش بتسعى للتهديد أو التدخل فى شئون الدول" إشارة سيميائية إلى التهديد باستخدام كافة الخيارات العسكرية بتوجيه ضربة عسكرية للسد، والسياسية بدعم الاضطرابات والمتمردين داخل المجتمع الإثيوبي، أو تأجيج الخلافات الحدودية بين أثيوبيا وجاراتها من الدول الأفريقية، أى بذل كافة السبل لحفظ مقدرات الوطن المائية.

4- طرح الرئيس إمكانية تقبل مصر للتنمية الناتجة عن توليد الكهرباء بشرط توقيع اتفاق قانونى مُلزم لملء وتشغيل السد لضمان عدم المساس بحقوق مصر المائية قائلاً "احنا نقبل التنمية اللى هتنتج من إنتاج الكهرباء للإثيوبيين مع التأكيد بأنه لا مساس بالمية الخاصة بمصر، باتفاق قانونى مُلزم ينظم الموضوع بين الدول الثلاث فيما يخص ملء وتشغيل سد النهضة" مستخدماً حركة اليد (كف اليد المفتوحة لأسفل) عند النطق بكلمة الإثيوبيين، والتى تحمل إشارة سيميائية إلى سيطرة الدولة المصرية على الأزمة رغم تعنت الجانب الإثيوبى نظراً لفارق القدرات العسكرية والسياسية والاقتصادية بين الدولتين، حيث تحتل مصر المرتبة الأولى عسكرياً أفريقياً والمرتبة 12 على مستوى العالم. كما استخدم الرئيس حركة اليد المرتفعة لمستوى أعلى الكتف للتأكيد على عدم السماح بالمساس بحقوق مصر المائية، كما تحمل حركة اليد فى شكلها مظهر الأفعى المتحفزة للانقضاض، كما هو موضح بالصورة، فى إشارة سيميائية لقدرة الدولة المصرية وقواتها المسلحة على الانقضاض على السد الإثيوبى حال تهديده حقوق مصر المائية.

    

5- ذهب الرئيس إلى مخاطبة المجتمع الدولى ممثلاُ فى مجلس الأمن الذى تقاعس عن حل أزمة السد الإثيوبي، معللاً السبب وراء سلوك المسار الدبلوماسى عبر مخاطبة أعلى المحافل الدولية رغم العلم المسبق بعدم اتخاذ مجلس الأمن لأية خطوات جادة، لكن يكمن الهدف فى وضع الأزمة على أجندة الاهتمام الدولي، حتى لا تُسأل مصر عن استخدامها للقوة العسكرية حال اللجوء إليها. فقد قال المتحدث "وتحركنا الأخير فى مجلس الأمن هو وضع الموضوع على أجندة الاهتمام الدولي، والموضوع مترتب كويس، فى كلام هاقدر أقوله وفى كلام مش هاقدر أقوله وهو الاعداد اللى بنعده جوه مصر. زى المشروعات اللى بتتعمل جوه مصر لتوفير كل نقطة مياه زى تبطين الترع اللى مرصود له أكثر من 60 مليار جنيه، ومحطات معالجة المياه اللى تم خلال الأربع سنوات اللى فاتوا واللى بيتعملوا دلوقتى واللى هيتعمل خلال السنتين الثلاثة اللى جايين الهدف منهم هو الاستفادة القصوى بما لدينا من مياه، يعنى أنا عايز أقول اننا أخدنا بالأسباب فى كل شيء"، وتحمل هذه الفقرة إشارة سيميائية للتدليل على بذل مصر كافة السبل الدبلوماسية على المستوى الأفريقى والدولى أو بمراجعة وتوسيط القوى الكبرى، كذلك توجيه رسالة للمجتمع الدولى حول معدلات الفقر المائى الذى تعانيه مصر، حيث سعت الدولة للاستغلال الأمثل للمياه بتبطين الترع أو إنشاء محطات معالجة المياه، مما يؤكد عدالة المطالبات المصرية فى حقوقها المائية.

6- أكد الرئيس السيسى ضرورة أن يكون الشعب المصرى على قلب رجلٍ واحد لضمان النجاح ضد أى تحدي، قائلاً "وبنقول للآخرين أنتوا تعيشوا واحنا هنعيش، ومصر دولة كبيرة.. مصر دولة كبيرة، مستقبل البلاد والشعوب مش بالكلام، لا ده بالعمل والعمل والعمل، فى كل اللى فات احنا مانجحناش إلا ان احنا دائما كنا معاً. أى تحدى أى تحدى إن شئتم أنه انتم تسمونه تحدى مش هننجح فيه إلا اذا كنا على قلب رجل واحد.. على قلب رجل واحد" مستخدماً لغة جسد واثقة عند النطق وإعادة جملة "مصر دولة كبيرة " فى إشارة سيميائية إلى أن الدولة المصرية لن تفرط فى حقوقها المائية، مهما كانت الدول الممولة أو الداعمة لبناء السد الإثيوبي، وأن مصر بمقدورها ردع التعنت الإثيوبى بكافة السبل. كما شدد الرئيس على أهمية وحدة الصف المصرى لمواجهة أى تحدي، وتحمل عبارة "إن شئتم انتم أن تسمونه تحدى مش هننجح فيه إلا اذا كنا على قلب رجل واحد" مستخدماً نبرة صوت حازمة وحركة يد (قبضة اليد) إشارة سيميائية على مدى ثقة الرئيس وإمساكه بزمام القضية وإدارتها وفق ما يحفظ مقدرات الدولة المائية.

 

 

7- أعاد الرئيس فى خطابه الارتجالى دعوته قائلاً " الكلام لكل الناس المصريين وأيضاً لكل الاشقاء فى إثيوبيا والسودان تعالوا اتفاق قانونى مُلزم يحقق لنا الخير جميعاً لنا ولكم ونعيش كلنا فى سلام وأمان... ده كلمة أنا باقولها لكل من يهمه الاستقرار والسلام والتنمية بعيداً عن أى شكل من أشكال... التهديد"، مستخدماً الثنائية البنيوية (لين الحديث/التهديد) حيث حملت الفقرة إشارة سيميائية واضحة إما التوصل إلى اتفاق قانونى مُلزم، أو أحقية مصر فى استخدام القوة العسكرية لحفظ أمنها المائى حال عدم التوصل لحل جذرى للأزمة. وفى الموقف نفسه تحمل هذه الفقرة الطمأنينة للشعب المصرى بقدرة القيادة السياسية على إدارة هذا الملف بما يحفظ مقدرات الوطن، وفق ما ورد فى النص المكتوب.

8- اختتم الرئيس خطابه قائلاً " مش هاقول ماتسمعوش كلام حد، لكن انا والله العظيم كنت دائما صادق وأمين ومخلص معكم وشريف، وأنا ما زلت على العهد، ماتصدقوش كل الكلام اللى بيتقال يعني" مستخدماً حركة اليد فى وضعية القسم أمام الشعب دليلاً على إخلاصه للوطن، إضافةً إلى تعبيرات الوجه ونظرة العين ذات الأنين، فى إشارة سيميائية لما يلاقيه من ظلم وتصيد ومحاولات غير شريفة يمارسها الإعلام المعادى لتشويه صورته أمام جموع الشعب المصري، والافتراء على الإنجازات التى حققها على مدار سنوات حكمه.

     

 

سيميائية الزمان:

 قبل البدء فى تناول سيميائية البنى الزمنية للخطاب، نتحدث عن موعد إلقاء الخطاب فى 15 يوليو 2021 أى عقب جلسة مجلس الأمن فى 8 يوليو 2021 بأسبوعٍ واحد، وهذا يحمل إشارة سيميائية تؤكد متابعة الدولة المصرية عن كثب لموضوع السد الإثيوبى بعد ورود معلومات استخباراتية تفيد بفشل عملية الملء الثانى للسد لأسباب تقنية، فقد أكد خبراء بوزارة الرى السودانية ارتفاع منسوب المياه بالنيل الأزرق بالتزامن مع إتمام إثيوبيا الملء الثاني. أيضاً تعددت البنى الزمانية بالخطاب الماضية، الحاضرة، والمستقبلية، حيث بدأ الرئيس بالخطاب الارتجالى قبل النصى المكتوب، بسرد حلمه القديم (الماضي) بالعمل على تغيير حياة المصريين بالأحياء العشوائية من ماله الخاص (100 مليار جنيه) ثم ربطها بما أنجزه من خطوات فعلية للقضاء على العشوائيات بتشييد المدن السكنية الجديدة فى ربوع مصر (الحاضر). مؤكداً استمرار العمل والبناء لتحقيق التنمية لضمان مستقبل أفضل لنا وللأجيال القادمة.

  ونلاحظ أن الأزمنة الماضية قد نالت اهتماماً كبيراً فى البنى الزمنية للخطاب، حيث ذكر الرئيس السيسى أحداث ثورة 30 يونيو لإنهاء حكم جماعة الإخوان، وانحيازه المُطلق لإرادة الشعب المصرى لاستعادة الوطن، ثم تلبية نداء الشعب فى تولى مسئولية قيادة فريق إنقاذ الوطن، مواجهة أعمال العنف والإرهاب، اقتحام المشكلات الاقتصادية المتراكمة، تشكيل الغرف التشريعية، إطلاق المشروعات القومية.

  بعد ذكر الأحداث والأزمنة الماضية ربطها المتحدث بــ (الحاضر) الذى يمثل ثمرة التصدى لمختلف التحديات التى واجهتها الدولة فى معركتى البقاء والبناء، وما تحمّله المواطن من آثارٍ مباشرة نتيجة برنامج الاصلاح الاقتصادي، فقد وردت كلمة "الآن" مرة واحدة، ووردت كلمة "اليوم" 4 مرات، ووردت كلمة "الحاضر" مرة واحدة، على سبيل المثال:

  • أقف متحدثا إليكم اليوم في لحظة يمتزج في نفسي مزيج من السعادة والفخر
  • وصولًا اليوم إلى انطلاق مشروعنا الوطنى الأعظم لتنمية الريف المصري.
  • لنقف اليوم آمنين مطمئنين سعيًا للبناء والتطوير والتنمية.
  • فاليوم أؤكد لكم: إن الإيمان بالحلم يصيغ الحاضر ويصنع المستقبل.

  أما الأزمنة المستقبلية فقد وردت كلمة المستقبل خمس مرات خلال الخطاب النصي، فى إشارة سيميائية إلى إصرار القيادة السياسية على إصرار القيادة السياسية منذ تحمل المسئولية على تحدى الصعاب للعبور بمصر نحو أفاق المستقبل، على سبيل المثال:

  • لم تكن أكبر أو أقوى من إرادتنا على مواجهتها والعبور بالوطن نحو آفاق المستقبل.
  • أهمية هذه الإجراءات لضمان مستقبل أفضل للأجيال القادمة
  • كان السباق مع الزمن لبناء مصر المستقبل وتعظيم قدراتها وأصولها فكانت المشروعات القومية الكبرى.
  • تحسين جودة الحياة لحوالى ٥٨ مليون مواطن خلال السنوات الثلاث القادمة.
  • موفرين كافة السبل لشبابنا لتحقيق مستقبل يليق بهم فى وطنهم العظيم.
  • إن الإيمان بالحلم يصيغ الحاضر ويصنع المستقبل.

 

سيميائية المكان.

  كشف التحليل السيميائى للبنى المكانية عن نوعين هما:

أ- البيئة المكانية لاستاد القاهرة الدولي: حيث اكتسب المكان أهميته من خلال البعد الجغرافى (الحجم) وما يحمله من إشارة سيميائية إلى الحشد الجماهيرى المتواجد سواء بمدرجات الاستاد أو ممثلين ورموز مختلف فئات الشعب المصرى المصطفة وراء قيادتها السياسية.

ب- الأماكن الواردة بالخطاب: والتى تمثلت فيما يلي:

  •  وردت كلمة "الوطن" 11 مرة مقترنة بتناول الأحداث والتحديات التى مرت بها مصر منذ ثورة 30 يونيو أو إعلان التجرد والإخلاص للوطن والعمل من أجله أو الإشارة إلى تضحيات الجيش والشرطة من أجل أمن وسلامة الوطن. كما وردت كلمة "مصر" 14 مرة مقترنة بسواعد الأبناء، الميادين، الشوارع، القري، المستقبل، والأمن القومي، وهو ما يحمل إشارة سيميائية إلى وحدة الصف الوطنى لاستعادة قوة مصر والعبور بها نحو المستقبل. بينما وردت كلمة "الدولة" 3 مرات مقترنة بـــ "شعب" عند الحديث عن القرارات المصيرية التى تتخذها القيادة السياسية لمواجهة التحديات أو تحقيق التنمية، كما جاءت مقترنة بــ "الديمقراطية والمدنية"، وهو ما يحمل إشارة سيميائية إلى الشراكة الحتمية ما بين القيادة والشعب لتحمل مسئولية الوطن وتحقيق مبادئ الدولة الديمقراطية المدنية الحديثة.
  • حملت أماكن "ميادين مصر وشوارعها وقُرَاها" إشارة سيميائية إلى شرعية النظام السياسى المستمدة من إرادة الأمة المصرية التى ثارت على حكم ذى أيديولوجية متطرفة أراد سلب هوية الوطن وانتهاك قدسية أراضيه.
  • تمثل الأماكن (مدن جديدة- المناطق الخطرة- العشوائيات- الريف المصري) إشارة سيميائية إلى إحدى المشكلات المتراكمة على مدار عقود، حيث تم إحلال المناطق الخطرة والعشوائيات بمدن جديدة تليق بالمواطن، أيضاً مواجهة سوء الخدمات المقدمة لأهالى الريف مقارنة بالمدن من خلال إطلاق مشروع حياة كريمة فى إشارة إلى بدء حصاد ثمار برنامج الإصلاح الاقتصادى وتدشين الجمهورية الجديدة.
  • أما عن الأماكن التى تمثل المحيط (الإقليمي- الدولي) والتى جاءت مقترنة بإدارة مصر لعلاقاتها الخارجية وإعلاء قواعد القانون الدولى أو الأمن الإقليمى والدولى حيث أردفها الرئيس السيسى بامتلاك مصر لأدواتٍ سياسية وعسكرية واقتصادية تمكنها من إنفاذ إرادتها وحماية مقدراتها، وهو ما يحمل إشارة سيميائية باتهام الرئيس للمجتمع الدولى المتمثل فى تقاعس مجلس الأمن فى البت أو تقديم حل جذرى لأزمة السد الإثيوبى رغم مخالفة الحكومة الإثيوبية للمواثيق الدولية المتعلقة بالأنهار العابرة للدول، مؤكداً امتلاك للخيارات للمتعددة لحماية مقدراتها سواء بالمفاوضات أو الردع بالقوة تحقيقاً لأمنها القومى على المستويين الإقليمى والدولي.

سيميائية الملابس:

 تختلف دلالات وسيميائيات الملابس وفق استخدام الشخصية والسياق المحيط بالموقف، فلكل ملبس دلالة اجتماعية، وسيتم التركيز على الملبس باعتباره نمطاً اتصالياً غير لفظى داخل السياق العام للخطاب، فقد جاء زى الرئيس السيسى خلال الاحتفالية ذا طابعٍ رسمي.. بدلة سوداء اللون وقميص أبيض ورابطة عنق حمراء، تمثل فى مجملها ألوان علم جمهورية مصر العربية، أما الحضور فقد ارتدى رئيس الوزراء وأعضاء حكومته زياً رسمياً (البدلة ورابطة العنق) عدا وزير الدفاع فقد ارتدى الزى العسكرى (البدلة الكاكى وليس الأفرول المموه)، كما ارتدى رئيسا مجلس النواب والشيوخ زياً رسمياً (البدلة ورابطة العنق)، أيضاً ارتدى كلٌ من شيخ الأزهر الشريف وبابا الكرازة المرقصية الزى الرسمى الخاص بهما. بينما جاءت ملابس الفنانين وممثلى النقابات والمجالس القومية ما بين الرسمية (البدلة ورابطة العنق) أو غير الرسمية. وهنا يقرأ سيميائية الملبس فى الخطاب باصطفاف الشعب المصرى خلف قيادته السياسية، على النحو التالي:

  • السلطات التشريعية والقضائية والتنفيذية والنقابات وممثلو النقابات والمجالس القومية وغيرهم من الحضور وهو ما يحمل إشارة سيميائية لتسخير مختلف إمكانات مؤسسات الدولة السياسية والثقافية والاقتصادية... وغيرها لحفظ حقوق مصر المائية.
  •  شيخ الأزهر الشريف وبابا الكنيسة المصرية يحمل إشارة سيميائية إلى وحدة النسيج المصري، إضافة إلى التلويح بما تمتلكه كلا المؤسستيْن الدينيتيْن من قوى ناعمة يمكن تسخيرها لصالح القضية.
  • القوات المسلحة ممثلة فى ملبس وزير الدفاع (البدلة الكاكى وليس الأفرول المموه) وهو ما يحمل إشارة سيميائية إلى أن مصر لا تسعى للحرب، إلا أن الخيار العسكرى مطروح بقوة حال فشل المفاوضات.