كتبت – نيفين الزهيرى
“دانيال داي لويس لن يعمل ممثلا بعد الآن، وإنه ممتن بشدة لكل المتعاونين معه ولجمهوره على مدى السنوات الطويلة" كان هذا نص البيان المقتضب الذي أعلنته ليسلي دارت مديرة أعماله، مؤكدة أنه لن يكون هناك تعليق آخر، وكأنه يطوي صفحة في حياته دون العودة إليها مرة أخري، وليؤكد من خلال هذا البيان انه لن يكون متاحا للإعلام وأنه سيعود إلي حياته العادية كشخص طبيعي، وأعلن عن هذا الأمر بعد أن انتهي من تصوير آخر أفلامه Phantom Thread والذي سيعرض في ديسمبر القادم.
ولكن هذا الخبر كان بمثابة صدمة لجمهوره وزملائه في الوسط، فهو الممثل الإنجليزي صاحب أعقد الأدوار في تاريخ هوليوود، والممثل الأعظم على الإطلاق بحسب تصنيف مجلة الـ Time الأمريكية، الظاهرة التمثيلية التى لن تتكرر مرتين في تاريخ السينما العالمية، وبالرغم من أن مسيرة دانيال داي لويس الفنية تمتد لما يقارب الـ40 عاماً، إلا أنه لم يقدم إلا 20 فيلماً فقط، ولكن ما قدمه دانيال في هذه الأفلام لم يقدمه ممثلون آخرون قد يصل عدد أفلامهم لـ50 أو 70 فيلماً وأكثر، كما أن دانيال معروف عنه البقاء لسنوات دون المشاركة في أي عمل فني، لكن عندما يعود للشاشة، فإنه يقدم دوراً يبقى في الأذهان لسنوات، ويحصد به كل الجوائز الممكنة، فالمتابع لأعماله لا يستطيع اختيار الأفضل من بينها فكل شخصياته المحفورة فى ذاكرة جمهوره بأدق تفاصيلها، فكل فيلم يعتبر حالة فريدة ومميزة عن الآخر استطاع النجم من خلالها اقتناص الجوائز العالمية، خاصة "الأوسكار" التى تعد الجائزة السينمائية الأهم على مستوى العالم، حيث يعد أول ممثل في تاريخ جوائز الأوسكار يفوز بجائزة أفضل ممثل عن دور رئيسى 3 مرات خلال مسيرته المهنية.
فلقد كان داي لويس حريصا علي التعاون مع مخرجين لامعين ومخضرمين، كما لم يكن يعتمد على موهبته وحدها، ولكنه دائما ما يصقلها بقدرته على الاهتمام بأدق التفاصيل الخاصة بكل شخصية يجسدها لدرجة التوحد معها، كما أنه لا يتوقف عن مراقبة حياة الناس وتصرفاتهم وطريقة حياتهم وآرائهم وأفكارهم، ولذلك ففى كل شخصية يجسدها نادرا ما يلاحظ الجمهور تشابها بينها وبين شخصية آخرى جسدها في عمل آخر من قبل، فهو لا يكرر نفسه أبدا، ودائما ما يبحث عن التجديد في الموضوعات التى يناقشها، ويطور من أدائه للشخصيات، وهو السبب وراء خروج شخصياته قريبة من الواقع.