السبت 18 مايو 2024

الشهيد إسلام مشهور.. "خريج المدرعة"


إسلام مشهور

مقالات21-3-2022 | 16:51

عميد دكتور. أحمد ماهر أبو جبل

كما خلق الله لنا نجومًا نهتدي بها في ظلمات الليل نحو طريقنا حتى لا نذهب بعيدا عن مرادنا، خلق الله لنا رجالا كالنجوم تكون لنا هديًا ورحمة منه حتى لا نضل عن مراد الله فينا، هؤلاء الرجال المتلألئين كالنجوم منهم من اختار أن يكون مخلصًا لوطنه ودينه وأهله وأن يكون شهيدًا لواجب حفظ أمن الناس أو لحفظ عقولهم ووعيهم من التضليل والتخريب.

هؤلاء النجوم قد اختاروا طواعية طريقًا مليئا بالأهوال إيمانا منهم بقضية دينهم ووطنهم، وأن الشهادة في سبيل الله لحفظ أمن الناس ممن أرادوا ترويعهم وتجويعهم، لهو الثمن الأقل عند الشهيد والأغلى عند الله وعند من ضحى من أجلهم. 
وكان أحد هؤلاء، الشهيد البطل الرائد إسلام  محمد مشهور، ضابط العمليات الخاصة بقوات الشرطة المصرية 

اختار الله لهذا البطل النشأة الصالحة التي تصنعه، فكان والده لواء بالقوات المسلحة المصرية، أفنى حياته في تنشئة طلبة الكليات العسكرية عسكريًا في مصنع الرجال وعرين الأبطال، وهو اللواء محمد حلمي مشهور، هذا الرجل العسكري العظيم كان مخلصًا مُحبًا لعمله, متفانيًا فيه دومًا، فأراد الله مكافأته بأن يكون أبًا لشهيد في سبيل الله أثناء الذود عن وطنه وشعبه.

ولم يكن مستغربًا أن يضع هذا الأب في أولاده حب الله والإخلاص للوطن منذ نعومة أظافرهم، فرزقه الله ببطلين في العمليات الخاصة قررا تكملة مسيرة والدهما، وأراد الله لأحدهما أن يرزق بالشهادة في سبيل الله، بل وأراد إسلام أن يُرزق بالشهادة، وأبدى رغبته تلك لأمه عدة مرات، فترد عليه بقلب الأم المُحبة والخائفة على ابنها  "بلاش توجع قلبي يا ضنايا"، ولكنه كان لديه يقين وإصرار غير عادي على نيل الشهادة والانضمام لسجلّ الشرف، ولذلك طلب الالتحاق بالعمليات الخاصة مثل أخيه الأكبر؛ ولكن كيف تُصنع الرجال ليكونوا أبطالا ونجومًا يُهتدى بها، كيف أصبحوا كذلك؟..
نشأ الابنان على حب الأب هادئ الطباع منخفض الصوت، المُحب لهما ولرسالته في الحياة وإخلاصه لعمله، رأى كل منهما أبًا محبوبًا من ضباطه وجنوده، يكره الظلم ويحب العلم.

تربى البطلان على يد أبيهما على الانضباط الذاتي في سلوكهما وعملهما، والرحمة بالناس في حياتهما، فأصبحا محبوبين، وحقق لهما الله ما تمنياه معا،  ضباطًا مقاتلين في العمليات الخاصة، وبعد ثورة 30 يونيو 2013 المجيدة، خرج علينا خوارج العصر من القتلة والمضللين، وهددوا المصريين بالذبح والترويع، وتوعدوهم بالخوف والتجويع، وصاروا يحصدون الأرواح بجنون، ورفعوا فوق رؤوسهم كلمة الله، والله بريء من أفعالهم، وصار المصريون في خوف على بلدهم وأرواحهم وأبنائهم، والتفوا جميعا حول العلم المصري شعبًا  وجيشًا، شرطة وقضاءً.

 وأظهر الله لنا بطلا مصريا ومعه رجاله من الجيش والشرطة وهو المشير عبدالفتاح السيسي، ليؤمنّوا بلدهم وشعبهم من الإرهاب المحتمل، فكان صراعًا بين الحق والباطل، الأبيض الناصع والأسود الحالك، أهل الخير وأهل الشر، وضع فيه رجال شجعان صدقوا ما عاهدوا الله عليه.. صدورهم درعًا لتأمين أهلهم، نسوا أنفسهم وتذكروا شعبهم وبلدهم، هكذا رباهم آباؤهم العظام، وكان منهم الشهيد البطل إسلام مشهور مثالا صادقا، ففي 20 أكتوبر 2017، وردت معلومات إلى الأمن الوطني، عن تمركز عناصر مسلحة إرهابية تابعة لتنظيم القاعدة، وأكدت المعلومات أن قائد الخلية الإرهابية هو الضابط الخائن لوطنه واسمه "عماد الدين عبدالحميد"، والرجل الثانى في تنظيم "المرابطون" الذى أسسه الضابط والخائن الإرهابى هشام عشماوي، وبعد التأكد من صحة المعلومات، تم التجهيز الأمني لمداهمة تلك البؤرة الإجرامية، وفي منطقة صحراوية في الكيلو 135 على طريق الواحات البحرية، نشبت المعركة الدموية بين أبطال الأمن والإرهابيين، وصارع الأبطال بشجاعة بالساعات الطويلة ضد كلاب النار حتى نفدت ذخيرتهم، وأراد الله أن يحقق لإسلام حلمه بنيل الشهادة في أشرف موقع، فكان استشهاد الشهيد البطل النقيب إسلام مشهور كأول شهيد، و15 آخرين من أبطال قوات العمليات الخاصة والأمن الوطني، وفي وقت لاحق تم تمشيط المناطق المتاخمة لموقع الأحداث بمعرفة القوات المعاونة، وأسفر التعامل مع العناصر الإرهابية عن مقتل وإصابة 15 إرهابيًا من كلاب النار ووقود جهنم.

ورغم حزن المصريين على شهداء الوطن من رجال الشرطة والجيش، عقد العزم شباب آخرون من إخوتهم وأبنائهم على استكمال مسيرة حماية الوطن، أو الاستشهاد دونه في سبيل الله. 

وتمر علينا كل سنة نتذكر فيها أبطالنا العظماء، مصابين وشهداء، نرى آلافًا آخرين مثلهم يتقدمون الصفوف للانضمام للكليات العسكرية سعيًا للذود عن الوطن واستكمالا لمسيرة إخوانهم من الأبطال. 

فتحية إعزاز وتقدير لهؤلاء الأبطال وآبائهم الذين ربوهم، سنتذكركم دائما وسيهتدي بكم إخوة لكم، ليسيروا على دربكم.

وليس مستغربًا على المصريين، فهكذا نعتهم رسول الله محمد بن عبدالله - صلى الله عليه وسلم -  من 1450 سنة بـ "خير أجناد الأرض".

الاكثر قراءة