الإثنين 25 نوفمبر 2024

مقالات

يوم الشهيد.. لولا هم ما كنا نحن

  • 21-3-2022 | 18:55
طباعة

كم أنتِ عظيمة يا مصر، بأبنائك وحُكّامك الذين صنعوا تاريخك التليد، وصنعوا أمجادك التي نتغنى بها منذ أن أشرقت الشمس على الأرض، وحتى يومنا هذا، بل حتى مستقبلنا المنير بقناديل الإنجازات، وطنية أو عالمية، في جميع المجالات، ليشهد العالم أن مصر تبني ولا تهدم، تصلح ما أفسده من يعيثون في الأرض فسادًا، وتحاربهم ليس، من أجل شعبها فقط، بل من أجل الإنسانية جمعاء، والتي تحملت مسئوليتها منذ أن جعلها الخالق منارة لإنسانية العالم، وقبلة الحضارات أجمعين.

ولكي يتم لمصر ما كتبه الله عليها لتكون واحة الأمن والأمان، كان لذلك ثمن غالٍ دفعته من دماء أبنائها الزكية التي روت الأرض وحمت العرض، فتحقق لمصر ما أرادت من حرية وحضارة، وجعل لأرضها قُدسية يهابها كل من تُسوّل له نفسه المساس بها، فالتضحية صارت فرضًا على كل فرد من أبنائها "خير أجناد الأرض" من أجل أمان كل من يعيش على الأرض الطيبة، أرض مصر الغالية.

أما عن حُكّامها، فتاريخنا مليء برجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه، رجال تحمّلوا المسئولية وكانت أرواحهم أقل ما يقدمونه فداء للوطن، بداية من أول شهداء العسكرية المصرية "الملك سقنن رع" الذى اُستُشهد في إحدى معاركه أثناء مقاومة الهكسوس، ليستكمل بعده ابنه كاموس، ليطارد الهكسوس لكنه اُستُشهد قبل أن يقضي عليهم بالكامل ليخلفه أخوه أحمس الأول الذي أتم ما بدأه والده وأخوه وطرد الهكسوس من مصر.

وتبدأ سلسلة التضحيات من أجل تحقيق الحرية والحضارة، من الحاكم الذي يقدم روحه فداءً لوطنه ويتبعه أبناء شعبه، ليمتلئ كتاب التاريخ على مر العصور بلوحات الشرف بأسماء الشهداء كما قال القائد السيسي "إنه كما كان الماضي زاخرًا بأمجاد الأجداد، الحاضر يأتي أيضا مصحوبًا بإنجازات الأحفاد، وما سطّره أبناؤها من شهداء مصر الأبرار من تضحيات سيتوقف التاريخ أمامه إجلالًا واحترامًا".

إن ما نحن نعيشه الآن من أمن وأمان دفع ثمنه أبناء هذا الوطن من قواتنا المسلحة الباسلة، ورجال الشرطة، ورجال القضاء الشامخ، بل وحتى من المواطنين الأبرياء الذين كانوا ضحية عمليات آثمة هدفها زعزعة استقرار البلاد، لكن هيهات أن يتحقق للمفسدين ما أرادوا، فأبناء مصر غيورون على أرضهم، لا يتقبلون معنى الهزيمة، لا يعرفون سوى النصر بعزيمتهم الوطنية التواقة للحرية، فما نعيشه اليوم نتاج تاريخ تضحيات الشهداء، وفي السنوات العشر الأخيرة قدمت مصر خيرة أبنائها من رجال قواتنا المسلحة على طول وعرض مصر فداء لذلك الوطن، وحتى يطمئن أهلها؛ وهذا ما نلمسه جميعا.

فالأمان لم يكن يومًا كلمات تقال، بل شعور لا يمكن تكذيبه، وهذا ما يشعر به كل من يعيش على أرض مصر، فأبناؤنا يذهبون لمدارسهم وجامعاتهم في أمان، والفلاحون في الحقول يزرعون ويحصدون في أمان، والعاملون في المصانع في أمان، الكل في أمان نتاج ثمنٍ دفعه رجالنا من القوات المسلحة والشرطة من أجل أماننا.

لذا كان "يوم الشهيد".. الذي اختارته مصر في التاسع من مارس من كل عام، وذلك منذ عام 1969 تزامنًا مع إحياء ذكرى الشهيد الفريق عبدالمنعم رياض، رئيس أركان حرب القوات المسلحة الأسبق، الذى اُستُشهد فى مارس عام 1969، خلال توجهه إلى الجبهة لمشاركة جنوده الموقف، حيث انفجرت إحدى طلقات المدفعية بالقرب منه ولقي مصرعه متأثرًا بجراحه، ليضرب أروع الأمثلة فى الشجاعة، تأكيدًا على أن مكان القائد الحقيقي فى الصفوف الأمامية وسط الجنود الأبطال.

ويواصل رجال مصر السُمر الشداد الفداء بالروح في سبيل رفعة الوطن، وتستمر ملحمة الشهداء مزينة بأسمائهم من أجل تطهير أرض سيناء المباركة من دنس الإرهاب، وتحت اسم العملية الشاملة قام رجال قواتنا المسلحة ببذل أرواحهم من أجل استقرار الوطن وأمان شعبه، ليتزين سجلّ الشرف بـ "رامي حسنين" و"منسي" و"خالد دبابة" وغيرهم من شهدائنا الأبرار الذين لن تسعهم سطور مقال، ولكن تسعهم قلوبنا، بذكراهم الخالدة، فلولاهم ما كنا نحن الآن نعيش بأمان، وأولادنا يتحركون في أرجاء مصر بحرية واطمئنان، ولولاهم ما استطاعت الدولة أن تستكمل خطة التنمية التي نراها الآن في كل شبر على أرض الجمهورية الجديدة.

وعلى التوازي داخليًا ووسط شوارع وميادين مصر، كان رجال الشرطة يقومون بواجبهم لطمأنة المواطنين، والحفاظ على أمن الشارع المصري ومؤسسات الدولة من المخاطر المحدقة به، إذ تمكن رجال الشرطة من الأخذ بزمام المبادرة في توجيه ضربات استباقية خلال المعركة الحاسمة والفاصلة ضد الإرهاب لحماية المجتمع من شروره، فكانت أسماء شهداء الشرطة تزين لوحة الشرف مؤكدين أنهم "على العهد باقين" لن يرهبهم متطرفون ولن تطول يد الإرهاب مواطنًا مصريًا، فكانوا أعينًا ساهرة على أرواح المصريين حتى لو كان المقابل أرواحهم هم، فكان اللواء نبيل فراج شهيد كرداسة، والملازم أول عمر القاضي، والرائد الحوفي وغيرهم الكثير والكثير من ضباط ومجندين قدموا أرواحهم من أجل أمان بلدهم.

وأما عن الوطن .. مصر .. فلم ولن تنساهم، كما حفر أجدادنا اسم أول شهيد  "سقنن رع" ليصل إلينا بعد سبعة آلاف سنة، ونعرف قصة فدائه، فإن المصريين الآن يحفظون قصص استشهاد أبطال الجيش والشرطة بجعلها قصصًا تروى من جيل لجيل لتكون خير مثال للأجيال القادمة أن مصر تقدم شهداءها عن طيب خاطر لأجل شعبها، بل وكل عربي، لذا كان يوم الشهيد، ولذا يجب على كل مصري أن يحيي ذكرى الشهيد كل يوم، فلولاهم ما كنا هنا، وما شهدنا جمهورية جديدة أساسها الأمن والأمان للمواطن، وتكون الحرية نسمات يتلقفها كل مصري، ومع نسمات الحرية نتذكر شهداءنا الذين فتحوا لنا الباب ومهّدوا الطريق لتحيا مصر حرة أبيّة.

أخبار الساعة

الاكثر قراءة