السبت 18 مايو 2024

عزيزة الخصوص.. امرأة حديدية

8-2-2017 | 09:53

بقلم –  عادل سعد

زمان سعدت بإصدار كتاب عن مركز الهلال للتراث بعنوان : «القناطر الخيرية .. من محمد علي للسيسي» واقتضى العمل أن أغوص داخل قرى وطرقات القليوبية لعدة أسابيع، وأعرف معاناة سكانها.مع النظافة والصرف الصحى ورغيف الخبز.وقتها لمحنا مع بعض الأصدقاء مخالفة صارخة واستجار بنا بعض الأهالي، ورحنا للمحافظة نشكو، وفوجئنا بأن هناك من تحرك بالفعل وتصدى للتعديات قبل أن نطلب، وأن كل من فعل ذلك امرأة، وعرفت لأول مرة د.عزيزة السيد نائب رئيس مجلس المدينة.

 

روايات عجيبة سمعتها عن نشاطها وتحركاتها حتى صدر قرار بنقلها لتصبح نائب رئيس مجلس مدينة الخصوص.الغريب أنها لم تعترض .وخاضت من مكانها في الخصوص حروبا هائلة ضد جبال الفساد.وأزالت تعديات وأوقفت مطامع في أقوات الغلابة.وأعادت الانضباط للشارع والنظافة والمواد التموينية وقادت حملات لإزالة التعديات.حتى أصبح الأهالي يطلقون عليها لقب المرأة الحديدية.ويلوحون لها عندما تمر باعتبارها واحدة منهم..

بالأمس فقط وصلني خبر حزين.د. عزيزة السيد نقلت إلى ديوان المحافظة.اتهموها بتلقى تبرعات بلا تصريح.الغريب أن أحدا من هؤلاء الذين سددوا التبرعات لم يتقدم بشكوى.الشكوى جاءت من رئيس مجلس المدينة.والمحافظ أحال القضية للتحقيق.وقبل أن ينتهي التحقيق نقلت عزيزة إلى ديوان محافظة القليوبية.

أقول لأي مسئول عن المحليات ومكافحة الفساد في هذا البلد اقرأوا كم الاحتجاجات على الفيس بوك من سكان الخصوص.لتعرفوا قدر الحزن والكمد الذي أصابهم بانتقال د .عزيزة السيد بعيدا عنهم ليتلقفهم اللصوص والمنتفعون بعد أن كانت تكتم على أنفاسهم عينا ساهرة لا تنام.

أحدهم كتب يبكي: «نحن لا نستحقها .. لا نستحقها .. وهؤلاء قدرنا..ما هو الجديد؟» طويت ذلك الحزن بعيدا.وبرغم مرور أسبوعين تقريبا على إبعاد المرأة الحديدية د .عزيزة السيد مازال الفيس بوك ينفجر كل يوم بالاحتجاج على غيابها .ولكن هؤلاء ينطبق عليهم القول : «لقد أسمعت لو ناديت حيا..ولكن لا حياة لمن تنادي» لأن «الفساد في المحليات للركب» وهي كلمة حق وإن كان من قالها فاسد.

ويادكتورة عزيزة دمت يدا نظيفة لم تتلوث ودامت ابتسامتك الطيبة التي تهش في وجه كل فقير ومريض ومحتاج وتمد يد العون.وتحارب بكل قوة أى فساد وبلطجة وعدوان.

• في الوقت نفسه تصلني احتجاجات بلا نهاية بشأن ما وصل إليه الحال في أسيوط.جبال القاذورات في شوارع المدينة.وفوضى عارمة وطفح المجاري بمنطقة مبارك والأربعين.ومشكلات لا تتوقف في رغيف الخبز وتعديات على النيل .وكل هذا يجعل الناس هناك تتحسر على أيام اللواء نبيل العزبي,خدم الرجل في أسيوط مديرا للأمن.وبمجرد أن تولى المسئولية كمحافظ أحالها إلى جنة.وامتدت أعمدة الإنارة وخطط الرصف وفتح الطرق وانتشرت عربات النظافة بكل مكان.وفي زمن قياسي صارت أسيوط المدينة الأجمل.بفضل محافظ كان الأول بعد سنوات الإرهاب الذي لا يتحرك داخل سيارة مصفحة وينام في الشارع بين السكان، بعد أن اعتادوا على هذا الرجل الذي لا يتوقف عن العمل ليلا وينام في مواقع العمل,ليستيقظ الناس على لمسة جمالية وحلول لمشاكلهم.الآن المدينة يعلوها سحب الغبار.بفضل أصحاب المصالح الذين تقدموا بملايين الشكاوى ضد اللواء نبيل العزبي ليرحل عنهم .

• أخيرا مازلنا نعاني جميعا من الانفجار السكاني.ولا حل لإيقاف زيادة السكان إلا بالتعليم.كل نظريات العالم تقول ذلك .لكن كم عدد الأميين فى مصر ؟ للأسف لا أحد يعرف .وطبقا لإحصائيات تعداد ١٩٩٦ هناك ١٧ مليونا ، يضاف إلى هؤلاء ٧ ملايين شخص يقرأ ويكتب وغير حاصل على شهادة ، والأمية الأبجدية فى مصر تصل إلى ٢٨ فى المائة من السكان وفقا لتقديرات الدولة لكنها تزيد على ٣٠ بالمائة على الأقل وترتفع بين النساء فى بعض المناطق إلى ٦٠ بالمائة ،وحتى الآن نحن لانملك أى أرقام باستثناء هذه التقديرات.

تسرب الأطفال من التعليم الإلزامى بالمدارس الابتدائية يتزايد،وهناك ١١٨٥ قرية ونجعا وتابعا لا يوجد بها أى خدمة تعليمية من أى نوع ،لا مدرسة ولا مكتبة ولا حتى فصل واحد ، التسرب يحدث لأن مناهج الدراسة غير جذابة أما في تلك المناطق فلا توجد مدارس أصلا ، والأخطر عمالة الأطفال، قانون التعليم الأساسى يغرم الأب الذى يتغيب ابنه عن الدراسة عشرة جنيهات ، والطفل يكسب ٥٠ جنيها فى الأسبوع .

وفى مصر ٧٥ ألف مدرس لتعليم الكبار، ولا توجد فصول لمحو الأمية ويتعاون الجهاز مع الكنائس والجمعيات الشرعية للتدريس فى «منادر العمد» أو الأراضى الفضاء المفتوحة أو المدارس بعد الدوام.

وترصد الدولة سنويا لمكافحة الأمية ١٥٢ مليون جنيه، البند الأول فقط - الأجور - يستهلك مائة مليون منها، والمرصود لمحو أمية الفرد حوالى ١٦٨ جنيها ، إذا افترضنا أن معدلات تفشى الأمية منذ ١٩٩٦ صحيحة وثابتة ولم ترتفع، بينما التكلفة الحقيقية للفرد الواحد تصل إلى ٣٠٠ جنيه وفى محافظة كالبحر الأحمر ترتفع إلى ٤٧٠ جنيها لوجود معوقات اجتماعية.

• نحن أيضا نعانى أمية دينية في مصر.وتلك كارثة , ولا يعرف الناس أن الشيخ جاد الحق شيخ الجامع الأزهرـ رحمه الله ـ كان يفتى حينما يفتى فى أحد الأمور الدينية بالمذاهب الثمانية ، أربعة منها للسنة للشافعية والمالكية والحنفية والحنبلية واثنين للشيعة للاثنى عشرية فى العراق وإيران والجعفرية والزيدية فى اليمن والأباضية فى ليبيا وتونس وسلطنة عمان والمذهب الظاهرى، وهذه المذاهب جميعا لديها اجتهادات والقانون المصرى أخذ من المذاهب الأخرى وأضاف إليها بما يفيد تكامل الفكر الإسلامى، مثل قضية من يموت قبل أبيه ،وهذا التكامل يولد رؤية ناضجة للإسلام، لكن استئثار تيار بعينه كالحنبلى مثلا وفرع منه كالتيار الوهابى التيموى نسبة لابن تيمية يخلق حزازات كثيرة فى مواجهة وسطية أكثر مرونة، والمؤسف أن الأمية الدينية منتشرة بين الشباب الذين يدعون الدفاع عن الإسلام ولا يعرفون شيئا عن دينهم.

 

    الاكثر قراءة