بقلم – أكرم السعدنى
.. نعم لم نكن نستحق أن نشارك فى الفرح الإفريقى باعتبار أن هناك دولًا إفريقية لم ترسل فرقا رياضية لزوم لعب الكورة ولكنهم أرسلوا بمجموعة من العفاريت الزرق يستطيعون أن يفعلوا ما يحلو لهم وقد تابعت فرقا لم يكن لها سابق فضل فى تاريخ الساحرة المستديرة مثل مالى. والتى حجرت معنا فى أول مباراة وقلنا الجواب باين من عنوانه وإذا كانت الهزيمة واردة فقد سألت المولى عز وجل ألا يفضحنا فى الموقف الكروى العظيم فى إفريقيا حتى لا نكون فرجة للعالمين.. ولكن الأمور صارت على الخير وبركة دعاء الوالدين وأولياء الله الصالحين الذين يحرسون المحروسة ويحيطون البلد الأمين ولكن كل ما واجهنا من فرق كروية كوم.. وهذا الفريق البوركيني.. فاسو.. شىء آخر. فقد تعودنا عليهم فى سابق العصر والأوان أنهم «الحصالة» التى تستقبل أكبر كم من الأهداف وتعود إلى بلادها وبلاهة الأطفال فى عينيهم.. هذا الفريق تحول إلى شىء يفرح القلب..
١١عملاقًا كلهم يلعبون فى كل الأماكن فى الدفاع تجدهم كما الصخرة فى الوسط، هم جميعا ولا فاروق جعفر فى زمانه.. كلهم ملوك ووزراء فى الوسط.. وإذا هاجموا فهم ولا هولاكو أيام المغول والتتار.. وقد نجانا الله عز وجل من أهوال البوركينا.. فاسو وغزواتهم وريحهم القاتلة بفضل هذا الرجل «النشال».. نعم.. فأنا أجزم بأن المستر كوبر.. صاحب مدرسة جديدة فى عالم الكورة وهى مدرسة «النشل» الكروي.. والذين يعرفون لغة الحرامية بالتأكيد لو عادوا بالذاكرة إلى الوراء سوف يتذكرون كيف كان الحال فى أى أتوبيس أو ترماى أو ترولى باص.. أيام السبعينيات عندما كان الواحد من أصحابنا إياهم يصعد إلى الأتوبيس وبحرفنة لا مثيل يقوم «بسلت» المحفظة من جيب سعادتك وهو لا يجرى بعدها وأيضًا لا يسكت، بل يتبادل الحديث مع صاحبها ولا مانع من أن يحكى له آخر نكتة.. فيموت صاحبنا من الضحك.. ثم يسلم بحرارة على البيه النشال ولأنه أحد أصدقاء الطفولة ثم يموت من الغيظ ويدخل فى نوبة بكاء على الأخلاق التى ذهبت والمحفظة التى طارت بمصروف الشهر.. هكذا فعل المستر كوبر.. نشلنا مباراة ثم لعبنا مع غانا.. وما أدراك ما غانا.. إنها الفريق الكروى الذى يضاهى فرق السامبا بل ويتفوق عليها.. نعم تعرضت غانا أيضًا لعملية نشل ضحكنا من قلبنا عليها ثم جاء الفريق المغربى العزيز وقد جدد شبابه بمجموعة من خيرة لاعبى «الكورة» فى الشمال الإفريقي. لعبوا وقدموا مباراة فى فنون الكورة أدهشتنا وأسعدتنا. ولكننا مارسنا معهم نفس عملية النشل، هناك.. ناس تلعب.. وناس ثانية تكسب.. وما همنا.. كان النقاط والصعود إلى النهائي.. وقد استمرت المسيرة بفضل الله حتى جاء الدور على الفريق البوركيني.. واستطاع أبناء مصر أن يحرروا هدفا.. وهو الهدف الذى تعودنا أن ننام عليه حتى تمر الـ ٩٠ دقيقة.. ولكنها لم «تضبط» معنا هذه المرة وقاوم أبناء «فاسو» حتى تمكنوا من التعادل - ولعبنا ٣٠ دقيقة إضافية.. أشفقت فيها على أبناء مصر ولكنها مرت بسلام بفضل المولى عز وجل واحتكمنا إلى ضربات الجزاء الترجيحية وظهر معدن الرجال كما ينبغى له أن يكون فى شخص هذا الساحر العملاق سد مصر العالى عصام الحضرى الذى عاد إلى شبابه المبكر بفضل دعوات ١٠٠ مليون مصرى ومن ورائهم ٣٠٠ مليون عربى الكل يهتف فى أعماقه باسم الغالية.. التى لا نظير لها فى كل أرض الله.. مصرنا الحبيبة كان الحضرى يستلهم قوته وبأسه من هؤلاء جميعًا فتمثل العرب فى شخص الحضري، فإذا به فريق بأكمله.. يصعد ببلده ووطنه العربى إلى نهائى كأس أمم إفريقيا.. أعظم قارة تلاعبت بالكورة فى وقتنا الحاضر.. والحق أقول إن هذه المباراة كانت بطولة وحدها.. بذل فيها كل الفريق المصرى جهدًا خارقًا.. واستنفدت كل المخزون داخل أحفاد الفراعنة.. ومن حظنا السيئ أننا واجهنا هذا الفريق الكاميرونى بشبابه الواعد ومن الحظ الأسوأ أننا أحرزنا هدفًا مبكرًا، وبالتالى نمنا على الهدف بدرى جدًا واتحنا لهذا الفريق أن يبادر بهجوم جنونى غجرى معتوه من الأجناب ومن المنتصف.
ومن كل مكان على البساط الأخضر.. حتى تحقق التعادل.. ولأن السحر دائمًا ينقلب على الساحر.. فقد نزل ولد يلبس رقم «١٠» فى الفريق الكاميرونى - نفذ نفس مخطط «كوبر» وقبل إنهاء المباراة بدقيقة واحدة وهو وسط ٣ لاعبين يحرسونه حراسة مشددة استخلص الولد الكورة من السماء بقدمه وكأنه يلعب بيده.. فى تحكم مذهل بالكورة ثم رفعها من فوق المدافعين و»شمس» الجميع ثم استعدل الكورة وقام بإرسالها فى أقصى شمال المرمى لنتفرج عليها جميعًا.. ومعنا عصام الحضرى غير المسئول من أى هدف فى البطولة على الإطلاق.
نعم.. نشلونا بتوع الكاميرون.. ولكن البادي.. أظلم.
ويا عم كوبر.. تعظيم سلام لشخصك العظيم ودهائك الأعظم.
ويا منتخب مصر.. أنت فشلت فى تحقيق الفوز بالكأس.. ولكنك.. نجحت فى شىء أهم وأخطر وأعظم من الكأس بكثير.. لقد أعدتم إلى مصر روحًا افتقدناها وحماسًا نسيناه. وهدفًا كان شعب مصر وأمة العرب فى أشد الحاجة للالتفاف حوله من جديد. وهذا وحده يكفيكم فخرًا، تحية لكم جميعًا من أعماق القلوب من أول الولد حجازى الذى كان عقدة كل اللاعبين الأفارقة إلى على جبر الذى جبر بخاطرنا إلى وردة الذى واصل عطاء والده فى إسعاد أهل مصر.. إلى الننى.. نعم كنت ننى العين يا ولدى إلى صلاح فاكهة الكورة المصرية ورافع رايات مصر فى بلاد الخواجا إلى الولد رمضان الذى فعل كل شىء فى الكورة حتى الوقوف فوقها إلى الواد العبقرى المصرى الصايع الكروى الجميل كهربا الذى قام بتوصيل تيار الفرح إلى قلوب كل المصريين والعرب إلى هذا المصرى الأصيل ابن الريف صاحب الجذور الضاربة فى التربة المصرية ابن النيل والفرات وبردى العذب الأخلاق والسلوك الخارج عن المألوف المحطم لكل المقاييس الجالب للفرح وللسعادة باعث الطمأنينة فى القلوب.. سد مصر العالى عصام الحضرى ودخلت تاريخ مصر ليس باعتبارك لاعب كورة ولكن باعتبارك أحد العباقرة الذين اجتمعت حولهم الأمة.. اللهم احفظ هذا البلد العظيم بأبنائه قولوا آمين.