أرسل الرئيس الأمريكي جو بايدن الليلة الماضية إلى الكونجرس رغباته بشأن الميزانية بشأن العام المالي الجديد الذي سيبدأ في أكتوبر 2022 مما يوضح مساعي الرئيس من أجل إجبار الأغنياء على دفع المزيد من الضرائب.
من الناحية الفنية، تخطط هذه الإجراءات التي يدعو إليها الرئيس بايدن إلى فرض ضرائب تصل نسبتها إلى 20٪ على جميع قيمة الدخل، بما في ذلك المكاسب الرأسمالية غير المحققة، للأشخاص الذين تتجاوز ثروتهم 100 مليون دولار (أي ما يساوي 91 مليون يورو). ويتعلق هذا الإجراء في حالة الموافقة عليه بنحو 20 ألف أسرة، أي 0.01٪ من الأمريكيين.
ويذكر أنه من خلال عدم بيع أسهم مجموعتهم مطلقا، تمكن رواد الأعمال مثل إيلون ماسك صاحب شركة تسلا أو جيف بيزوس الذي يمتلك شركة أمازون العملاقة، في بعض السنوات، من عدم دفع أي ضرائب فيدرالية. من ناحية أخرى، عندما يبيع رجال الأعمال بعضا من أسهمهم، ترتفع قيمة الضرائب المفروضة عليهم، كما حدث مع إيلون ماسك، الذي سيدفع عن عام 2021 أعلى مبلغ دفعه فرد على الإطلاق. وكتب رئيس شركتي تسلا وسبيس أكس في نهاية ديسمبر 2021 تغريدة على حسابه على موقع "تويتر" قال فيها "لمن يتساءل، سأدفع أكثر من 11 مليار دولار كضرائب هذا العام".
هذا الإجراء هو نفس الاقتراح الذي صاغه النواب الديمقراطيون في الكونجرس في خريف عام 2021، ولكن تم تعطيله من قبل النواب الوسطيين. والآن في خضم الحملة الانتخابية لانتخابات التجديد النصفي في شهر نوفمبر المقبل والتي تعد بأن تكون صعبة للغاية على الديمقراطيين، فإن الإجراء، الذي من المفترض أن يجلب 360 مليار دولار على مدى عشر سنوات، لديه فرصة ضئيلة لاعتماده. ومع ذلك، فإنه يشهد على قلق متزايد الأهمية بين الأمريكيين، وهو تبني ضرائب أكثر عدلاً.
وبالفعل تشهد الميزانية الأمريكية تغيرات أخرى فقد جعل الرئيس الأمريكي جو بايدن "مسئولية الميزانية" إحدى "قيمه" المركزية. هذه المسألة تعني تقليل العجز. وينبغي أن تنخفض هذه النسبة من 12.4٪ من إجمالي الناتج المحلي في عام 2021، وهو عام خطة التعافي بعد تفشي فيروس كورونا، إلى 5.8٪ في عام 2022. وينبغي أن يستمر الانخفاض في عام 2023، مع خفض العجز إلى 4.5٪ من إجمالي الثروة الوطنية. ومن المعروف أن البيت الأبيض يبدأ بوضع افتراضات نمو متفائلة (3.8٪ و 2.5٪ في 2022 و2023، مقابل 2.8٪ و 2.2٪ توقعهما مجلس الاحتياطي الفيدرالي، البنك المركزي الأمريكي) إلا أن النهج الملتزم بالنظام الموضوع مسبقا واضح.
أما “القيمة” الثانية التي يدافع عنها بايدن هي “الأمن” سواء الداخلي أو الخارجي. بعد إخفاقه في إقناع الكونجرس بتبني خطته للتعافي الاجتماعي والبيئي، قام بايدن باتخاذ خطوات مهمة تجاه الناخبين الوسطيين وغير المسجلين. وتعلق صحيفة "نيويورك تايمز" على ذلك قائلة "مع وجود ميزانية تميل نحو الوسط، يذعن بايدن للواقع السياسي".
وأصر الرئيس على ميزانية الشرطة، واعتبر أنه لا يمكن خفض تمويلها، كما طالب في صيف 2020، يسار الحزب، خلال حركة "حياة السود مهمة". كما أنه سيعزز شرطة الحدود والهجرة. ورد الفعل هذا ضروري، بينما تشهد البلاد ارتفاعًا في جرائم القتل، والتي يقترب عددها من الأرقام القياسية المسجلة في التسعينيات.
كما قدم بايدن ميزانية دفاعية قياسية، بزيادة 4٪ ، لتصل إلى 813 مليار دولار، بينما تحتدم المعراك إثر العملية العسكرية في أوكرانيا ، لكن الولايات المتحدة غادرت أفغانستان. ولايوافق السناتور التقدمي عن ولاية فيرمونت، بيرني ساندرز على هذا النهج وقال "في الوقت الذي ننفق فيه بالفعل أكثر من الدول الـ 11 التالية مجتمعة على الجيش، لا نحتاج إلى زيادة هائلة في ميزانية الدفاع".
إلا أن هذه التنازلات لم تمنع انتقادات شديدة من الجمهوريين، الذين يتهمون جو بايدن بأنه سبب التضخم، مع خطته للتعافي التي خلفت خطة دونالد ترامب. وقال نائب ميسوري جيسون توماس سميث، عضو لجنة الميزانية "ما تظهره هذه الميزانية، هو أن قيم الرئيس بايدن هي المزيد من الإنفاق، والمزيد من الديون، والمزيد من الضرائب، والمزيد من الألم للشعب الأمريكي".