يوافق اليوم 29 مارس، الذكرى الأولى لنجاح رجال هيئة قناة السويس في تعويم السفينة إيفرجيفن، التي تسببت في إيقاف الملاحة البحري بالمجرى الملاحي لنحو ستة أيام، وأثرت على حركة التجارة العالمية، سطر خلالها أبطال الهيئة ملحمة مصرية بالعمل ليلًا ونهارًا حتى نجاح جهودهم في تعويم السفينة باحترافية وإعادة الملاحة مرة أخرى.

جنوح السفينة إيفرجيفن

وتعد السفينة إيفرجيفن واحدة من أكبر سفن الحاويات في العالم، وبدأ العمل بها منذ 9 مايو 2018، واكتمل في 25 سبتمبر 2018، وتديرها شركة إيفرجرين البحرية، وهي مُسجلة في بنما، ويبلغ طولها يبلغ 400 متر تقريبًا، وفي يوم الحادثة كان يبلغ وزنها 224 ألف طن في طريقها إلى ميناء روتردام في هولندا.

في صباح اليوم الثالث والعشرين من مارس 2021، تعرضت السفينة إيفرجين إلى الجنوح إثر عاصفة رميلة وقوة الرياح، والتي أدت إلى انحراف جسم السفينة، حيث جنحت عند علامة الكيلو 151 كيلومتر (82 nmi)، ودارت بحيث أصبحت غير قادرة على تحرير نفسها، مما أدى إلى سد القناة على كلا الطرفين.

وبلغت سرعة الرياح 40 عقدة، ما أدى إلى فقدان القدرة على توجيه السفينة، ومن ثم جنوحها، وفقًا لما أعلنته هيئة قناة السويس في ذلك الوقت، لكن الهيئة أكدت أن هذا السبب ربما يكون ليس الوحيد في الجنوح، وأن الأمر قد يعود إلى احتمال وجود خطأ فني أو بشري، وبدأت التحقيق في الواقعة.

وقد أدى جنوحها إلى إعاقة ما لا يقل عن 150 سفينة على جانبي القناة لأنها أصبحت محصورة بعد سد السفينة لمجرى القناة، وبدأ رجال هيئة قناة السويس جهود منذ اللحظة الأولى لتعويم السفينة، فتم أولا إزالة الوقود ومياه الصابورة والعديد من الحاويات من السفينة للمساعدة في تخفيفها حمولتها، وبجانب ذلك بدء الحفر لتحرير مقدمة السفينة، بجانب عمل العديد من زوارق القطر في عملية توقع البعض أنها تستغرق أيامًا إلى أسابيع.

وفي 25 مارس، أعلنت هيئة قناة السويس (SCA) إيقاف الملاحة عبر قناة السويس، حتى يمكن إعادة تعويم إيفر جيفن، واستمرت عمليات الحفر بواسطة الحفارات المصرية والكراكات التابعة للأسطول الملاحي لهيئة قناة السويس، والتكريك للوصول بها إلى عمق 18 مترًا؛ لتسهيل عملية تعويمها بجانب زوارق القطر، حيث عمل الجميع تحت هدف واحد وهو تعويم السفينة.

تعويم السفينة

ومن أبرز مشاهد جهود تعويم السفينة، كان مشهد الحفار الصغير الذي ظهر بجوار السفينة، والذي أصبح أشهر حفار في أزمة السفينة الجانحة، حيث نجح في تعويم مقدمة السفينة، والتي كانت جانحة في منطقة صخرية، حيث تم استدعائه عقب جنوح السفينة في قناة السويس.

وعمل الحفار على إزالة الرمال حول السفينة من الجانبين وأسفله بشكل احترافي، وذلك لتجهيز السفينة للتعويم من قبل كراكات التعويم الأخرى مثل صابر ومشهور، حتى نجحت المهمة في أيام معدودة وعادت حركة الملاحة لطبيعتها.

ففي يوم الإثنين 29 مارس 2022، أعلن الفريق أسامة ربيع رئيس هيئة قناة السويس، بدء تعويم سفينة الحاويات البنمية الجانحة "إيفر جيفن" بنجاح بعد استجابة السفينة لمناورات الشد والقطر، حيث تم تعديل مسار السفينة بشكل ملحوظ بنسبة 80%، وأن حركة الملاحة في القناة ستستأنف فور توجيه السفينة إلى منطقة الانتظار بالبحيرات.

وقد حصد هذا النجاح إشادة عالمية، حيث جاءت صحف العالم لتهنئ مصر بنجاحها، فقالت صحيفة فاينانشيال تايمز البريطانية أن ما فعلته «كتيبة قناة السويس» فخر وطني وانتصار تاريخي، مشيرة إلى أن قناة السويس أحد أكثر الشرايين البحرية حيوية في العالم، وتعد ممرًا ملاحيًا مهمًا للغاية، فهي توفر أكثر من 11 يومًا أمام السفن المارة من الشرق الأقصى إلى أوروبا، كما أن 40% من بضائع العالم تمر عبر القناة.