تمر اليوم الذكرى الرابعة على رحيل أبرز كتاب أدب الرعب في مصر والوطن العربي أحمد خالد توفيق، فقد تميز الأديب الراحل ببراعته في كتابة هذا النوع من الأدب بجانب الفانتازيا والخيال العلمي، وترك لنا أعمال متعددة ومتنوعة يحبها الشباب والكبار والأطفال أيضًا، ولعل من أشهر هذه الأعمال هي رواية "يوتوبيا".
و"يوتوبيا" هي رواية اجتماعية أُصدرت في عام 2008 وتعتبر هي الرواية الأولى له التي يصدرها أحمد خالد توفيق خارج المؤسسة العربية الحديثة، وحققت هذه الرواية نجاحًا شعبيًّا كبيرًا، وجاءت الرواية في المركز الثاني في قائمة الكتب الأكثر مبيعًا في دار ميريت.
ومن الشخصيات الرئيسية في الرواية، "الشاب اليوتوبي"، وقد عرف عن نفسه باسم علاء، وهو ابن "مراد بك"، شاب ثري يعيش في يوتوبيا وقد مل من حياة الثراء، و"جريمنال" وهي صديقة علاء التي تغادر معه يوتوبيا، و"جابر"، الشاب المثقف الفقير الذي يأوي علاء وجريمنال في منزله، و"صفية"، شقيقة جابر.
ونقرأ داخل الرواية: "الآن فقط أفهم لما عزلنا أنفسنا في «يوتوبيا». لم يعد في هذا العالم إلا الفقر وإلا الوجوه الشاحبة التي تطل منها عيون جاحظة جوعى متوحشة. منذ ثلاثين عامًا كان هؤلاء ينالون بعض الحقوق، أما اليوم فهم منسيون تمامًا. هؤلاء القوم يتظاهرون بأنهم أحياء. يتظاهرون بأنهم يأكلون لحمًا، ويتظاهرون بأنهم يشربون خمرًا، وبالطبع يتظاهرون بأنهم ثملوا وأنهم نسوا مشاكلهم. يتظاهرون بأن لهم الحق في الخطيئة والزلل. يتظاهرون بأنهم بشر".
وتدور أحداث الرواية في سنة 2023 حيث تحولت مصر إلى طبقتين، الأولى بالغة الثراء والرفاهية وهي (يوتوبيا) المدينة المحاطة بسور ويحرسها جنود المارينز التي تقع في الساحل الشمالي والثانية فقر مدقع وتعيش في عشوائيات ويتقاتلون من أجل الطعام والرواية تحكى قصة شاب غني من يوتوبيا يريد أن يتسلى ويقوم بمغامرة لكسر ملل الحياة ورتابتها وهي صيد إنسان فقير من سكان شبرا واللعب به مع أصحابه للحصول على متعة ثم قتله والاحتفاظ بجزء من جسده على سبيل الفخر وهي من الهوايات الجديدة للأغنياء الذين يعيشون في الساحل الشمالي تحديدًا في يوتوبيا التي تشكل عالم الأغنياء.
ويوتوبيا مصطلح يشير إلى الدولة الفاضلة، ويصفها حيث يكون كل شيء مثاليًّا، وتكون كل قيم العدل والمساواة متوفرة وجميع الشرور مثل الفقر والبؤس والأمراض غير موجودة هذا الوصف والعديد من الأشياء الجميلة.
ويعود أصل كلمة "يوتوبيا" في كتاب يوتوبيا المنشور عام 1516 من تأليف توماس مور واعتمد في أفكار مدينته الفاضلة على أفكار أفلاطون في كتاب الجمهورية، أما في مدينة يوتوبيا التي كتبها أحمد خالد توفيق فهي مدينة الأغنياء فقط يحرسها رجال المارينز الأمريكان، لها جريدتها الخاصة لكن هناك جرائد عامة لا تستطيع قراءتها (ص27) وما زالت الأم هي الأم.. لا يمكنك التخلص منها (ص27).
ويصف لنا الفلوجستين وهو نوع جديد من المخدرات يختلف تماما عن الكلة والبانجو وحبوب الصراصير والحشيش واحتكار أهل يوتوبيا لكل شيء وتفاخر بطل الرواية بأبيه الذي لا يمكن تعاطي قرص اسبيرين في أي موضع في مصر إلا عن طريقه (الرواية ص162) وعن إسرائيل لك أن تتصور أنها افتتحت قناتها التي صارت بديلا جاهزا لقناة السويس والاسرائليون هم أعز أصدقاء الذين يعيشون في يوتوبيا والدول الخليجية نضب بترولها وطردت العمالة المصرية وأعفت الدولة نفسها من أي خدمات تقدمها وخصصت كل شيء
واللغة المستخدمة في الرواية هي مزيج بين العربية والمصرية العامية وفي بعض الأحيان العامية الوقحة التي يستخدمها الطبقات الشعبية، واعتمد أحمد خالد توفيق في بعض المواطن بشكل صريح على إحصائيات علمية وتقارير مثل تقرير للدكتور أحمد عكاشة عن الإدمان في مصر وتقرير صحفي في ملتقى الحوار للتنمية وحقوق الإنسان عن جرائم العنف ضد النساء وأيضا على موقع مصراوي كواحد من مواقع الإنترنت.
قبل تجميعها في كتاب واحد، كانت قد صدرت الرواية مسلسلة من 6 أجزاء في جريدة الدستور المصرية في عام 2006، ولكن في الرواية نفسها تم إضافة المزيد من الأحداث بها، وطبعت تلك الرواية في دار ميريت عام 2008، وترجمت بعد ذلك إلى عدة لغات أخرى.