الخميس 16 مايو 2024

من روائع الإنشاد.. الشيخ سيد محمد النقشبندي (1-30)

النقشبندي

ثقافة2-4-2022 | 19:20

عبدالله مسعد

الإنشاد الديني هو فن يربطه بالإسلام علاقة وثيقة وروحانية، فهو لون من ألوان الغناء باستخدام الآلات البسيطة التي صنعها الإنسان، وهو من الفنون الهادفة التي تسمو بالروح الإنسانية إلى أعلى مراتب السكينة والاطمئنان، عبر أصوات خاشعة وحناجر تصدح بكلمات طيبة تتسرب إلى روحك، كلمات تحمل معاني التضرع والذكر لله سبحانه وتعالى.

وتقدم «دار الهلال» خلال شهر رمضان الكريم، كل يوم، ابتهالًا لأحد المبتهلين المصريين الذين تناولوا في إنشادهم موضوعات عدة كلها ذات طابع ديني، منها العشق الإلهي وأو مدح الرسول ووصف أخلاقه وتعالميه وسيرته الطاهرة.

وأول من نبدأ بهم هو الشيخ سيد محمد النقشبندي، أحد أشهرالمنشدين والمبتهلين فى تاريخ الإنشاد الديني، وقد لحن له بليغ حمدي ألبومًا كاملًا بعنوان «مولاي»، وكلمة النقشبندى نسبة إلى فرقة من الصوفية يعرفون بالنقشبندية نسبة إلى شيخهم بهاء الدين نقشبند، ولايزال صوت النقشبندى أحد أهم ملامح شهر رمضان المعظم، وهو مولود فى 1920 بقرية دميرة بالدقهلية، ثم انتقلت أسرته لمدينة طهطا بالصعيد، ولم يكن بلغ العاشرة، وفيها حفظ القرآن وتعلم الإنشاد الديني في حلقات الذكر بين مريدي الطريقة النقشبندية.

وفي 1955، استقر في طنطا وذاعت شهرته في محافظات مصر والدول العربية، وسافر لسوريا لإحياء الليالي الدينية في مدنها بدعوة من الرئيس حافظ الأسد، وزار أبوظبي والأردن وإيران واليمن وإندونيسيا والمغرب العربي ودول الخليج ومعظم الدول الأفريقية والآسيوية.

وفي 1966، كان النقشبندي بمسجد الحسين بالقاهرة، والتقى الإذاعي أحمد فراج فسجل معه بعض التسجيلات لبرنامج «في رحاب الله»، ثم سجل العديد من الأدعية الدينية لبرنامج «دعاء»، الذي كان يذاع يوميًا عقب أذان المغرب، واشترك فى حلقات البرنامج التليفزيونى «في نور الأسماء الحسنى»، وسجل برنامج الباحث عن الحقيقة عن سلمان الفارسي، وقد لحن له مجموعة من الابتهالات ملحنون معروفون، منهم محمود الشريف، أحمد صدقي، سيد مكاوي، بليغ حمدي، وحلمي أمين، وقد ترك للإذاعة تراثًا غنيًا من الابتهالات، إلى أن توفي في 14 فبراير 1976.

وللإنشاد الديني قصة تؤكدها كتب التراث، بأن بدايته كانت مع بداية الأذان، وكان الصحابي بلال بن رباح -رضي الله عنه- يجود في أذانه كل يوم 5 مرات، ويرتله ترتيلاً حسنًا بصوت جميل جذَّاب، ومن هنا جاءت فكرة الأصوات الندية في الإنشاد بالأشعار الإسلامية، ثم تطور الأمر على أيدي المؤذنين في الشام ومصر والعراق، وأصبح له قوالب متعددة وطرق شتى. 

وتؤكد كتب التراث الإسلامي، أن بداية الإنشاد الديني كان على أيدي مجموعة من الصحابة، ثم مجموعة من التابعين، وكانت قصائد حسان بن ثابت، شاعر الرسول، صلى الله عليه وسلم، هي أساس المنشدين. ثم أنشدوا قصائد أخرى لغيره من الشعراء الذين كتبوا في موضوعات متنوّعة منها: الدعوة إلى عبادة الله الواحد، والتمسك بالقيم الإسلامية وأداء الفرائض، غيرها.

وفي عهد الأمويين أصبح الإنشاد فنًّا له أصوله وضوابطه وقوالبه وإيقاعاته، واشتهر كثير من المنشدين، وكان أكثر المشتغلين بفن الإنشاد الديني وتلحين القصائد الدينية، إبراهيم بن المهدي وأخته عَليَّة، وأبو عيسى صالح، وعبد الله بن موسى الهادي، والمعتز وابنه عبد الله، وعبد الله بن محمد الأمين، وأبو عيسى بن المتوكل، وغيرهم. وكان عبد الملك بن مروان في دمشق يشجع الموسيقيين وأهل هذا الفن ويدعمهم.

وفي عهد الفاطميين تطور فن الإنشاد، فأصبحوا أول من احتفل برأس السنة الهجرية، وبليلة المولد النبوي، وليلة أول رجب، وليلة الإسراء والمعراج، وليلة النصف من شعبان، وغرة رمضان وعيد الفطر وغيرها من المناسبات. وفي بدايات القرن العشرين أصبح للإنشاد الديني أهمية كبرى، حيث تصدى لهذا اللون من الفنون كبار المشايخ والمنشدين الذين كانوا يحيون الليالي الرمضانية، والمناسبات الدينية. وتطوّرت قوالب الفن فأصبحت له أشكال متعددة وأسماء كثيرة تمجِّد الدين الحنيف، وتدعو لوحدة المسلمين، وتشجب الرذيلة، وتدعو إلى الفضيلة، كما ظهرت قنوات متخصصة للإنشاد.