يختلف شهر رمضان الكريم في عاداته وطقوسه بالنسبة للمصريين، فيظهر به الزينة والأنوار وفروع الإضاءة في الشوارع والحارات، تزدهر الأسواق، وتنتعش حركة البيع، تكثر العزومات على الإفطار ويتبادل الجيران الأطباق، تجتمع العائلات لمشاهدة المسلسلات، ونرى مهن لا تظهر إلا في هذا الشهر، وهناك أخرى توجد طوال العام ولكنها تبرز وتنشط في هذا الشهر.
قبل بداية شهر رمضان بأيام قليلة نلاحظ في الأسواق بائع القطايف يعد عدته استعدادا للشهر الكريم، فهي تعتبر مهمة موسمية لا أذكر أنها تنشط إلا في شهر رمضان، ومن منا لا يحب القطايف، فهي من أشهر أنواع الحلوى التي نجدها على السفرة في كل منزل طوال شهر رمضان.
وهذه المهنة من المهن التي يتوارثها الأبناء عن أبائهم وأجدادهم، وتعتبر القطايف من الحلوى التي في متناول الجميع من حيث سعرها، فإذا تجولنا في الشوارع وراقبنا البائع وهو يعدها نجده يضع الحليب والخميرة في وعاء، ويخلطهم حتى التجانس، ثم يضيف الدقيق على دفعات مع الخلط، ويغطي الوعاء، ويتركه في مكان دافئ ، ثم يسكب مقدار صغير من مزيج القطايف في الوسط على شكل دائرة صغيرة، ويرفعيه عن النار بعد أن تظهر فقاعات على وجه القطايف.
وتعود حلوى القطايف وفقًا لما روته كتب التاريخ إلى العصر الفاطمي، فكانت تُصنع الحلوى لكسب رضا الخليفة، يقضون ساعات طويلة في المطبخ لابتكار كل ما لذ وطاب كي ينالوا رضاه، من أجل العمل بقصره.
وفي يوم قرر أحد صناع الحلوى أن يبتكر نوع حلويات جديد للخليفة، فقام بإعداد فطيرة صغيرة بمثابة كف اليد، وقام بحشوها بالمكسرات المختلفة، وذهب بها إلى قصر الخليفة متراصة بشكل أنيق في الطبق، ليقدمها للخليفة، وبمجرد أن كشف عن ابتكاره الجديد للعاملين بالقصر، تهافت عليها الجميع ليقطفونها من بعضهم، ومن هنا أطلق عليها صانعها اسم القطايف.