الخميس 23 مايو 2024

30 رواية في السينما| السمان والخريف (4-30)

غلاف الرواية

ثقافة5-4-2022 | 11:50

عبدالله مسعد

يزخر تراثنا العربي بالكثير من الأعمال الأدبية القيمة، والتي حظيت بقراءة واهتمام أجيال عدة منذ وقت صدروها وحتى الآن، واستطاعت الرواية العربية أن تفرض نفسها كلون أدبي في ساحات الأدب العالمية، وتحصد الجوائز أيضًا وتظل خالدة، كما أنها ألهمت السينما للاستنتاد على أحداثها وتحويلها إلى أفلام حققت هي الأخرى التفرد والنجاح مثلما فعلت الرواية الأصلية، تاركة هي الأخرى بصمة في تاريخ الفن والأدب.

السمان والخريف، هي إحدى روايات نجيب محفوظ، نُشرت عام 1962، ويصور نجيب محفوظ في روايته السمان والخريف الواقع تصويرًا أمينًا وخلق من بطل الرواية شخصية حية تحي حياة كاملة تجيش بالعواطف والرغبات، ظلت تتعايش مع عقود من أزمنتنا منذ صدور الرواية عام 1962، وجسدت شخصية بطل الرواية، عيسى، شريحة اجتماعية برزت في مجتمعات ما بعد التغيير متماثلة في السلوك الاجتماعي والنفسي.

كانت في يوم ما «كماشة النار»، في أيدي السلطة الحاكمة أو الحاكم الفرد، أداة جلاّدة وقمعية من هنا تكمن قدرة الإبداع في استجلاب واختيار النموذج إلى فضاء الإبداع في الأدب الروائي عند نجيب محفوظ، نموذج بسمات إنسانية عميقة التداخل والتناقض انعكست عليها ظروف ما بعد ثورة 23 يوليو 1952، لتتجاوز ظرفيه زمانًا ومكانًا.

فعيسى نموذج لشريحة تشعر بأنها زائلة، بلا انتماء ومأزومة العيش بفضاء يتضاءل شيئًا فشيئًا، مع تلازم الإحساس بالألم نتيجة للإحساس بالذنب جراء ما ارتكبت من خطايا بحق مواطنين.

ففى رواية السمان والخريف نجد شخصيات يرسمها نجيب محفوظ رسمًا عابرًا دون أن يهتم بالتفاصيل والجزئيات، فزوجة عيسى بطل الرواية لا تستغرق من اهتمامه أكثر من بضع صفحات.

ولو أن هذه الشخصية النسائية، الثرية، العاقر، نصف المثقفة، التى تزوجت أكثر من مرة، لو أن هذه الشخصية وقعت في يد نجيب محفوظ أيام كان يكتب «زقاق المدق» أو «بداية ونهاية»، لتفنن في عرضها وتقديمها ومتابعتها في كل تفاصيل حياتها اليومية الدقيقة، وفي أحوالها النفسية المختلفة وطريقة اجتذابها للرجال وتعويض ما لديها من نقص ولكن نجيب في «السمان والخريف » وقد مر على هذه التفاصيل كلها مرا سريعًا بحيث أنك تخرج من الرواية وقد نسيت كل شىء عنها، ما عدا أنها تمثل فرصة من فرص بطل الرواية للتغلب على أزمته.

وهكذا ينتقل نجيب من النزعة الطبيعية ويبتعد عنها، وهو في الوقت نفسه ينتقل من الاهتمام بالتفاصيل إلى الاهتمام بالمشاكل الكلية العامة، ويتحول من ذلك الفنان الذى كان همه أن يعطينا أدق صورة للبيئة المحلية التى نعيش فيها، إلى فنان يعرض ويناقش مشكلة إنسانية عامة، تعنى البيئة المحلية كما تعنى البيئة الإنسانية كلها. وهذا هو ما أعنيه بانتقال نجيب محفوظ من المحلية إلى العالمية في الوقت الذى ترك فيه مذهب الطبيعيين وبدأ يبحث لنفسه عن عالم جديد مختلف.

ونجيب محفوظ عبد العزيز إبراهيم أحمد الباشا، أحد أشهر الروائيين والكتاب المصريين، وهو العربي الوحيد الحائز على جائزة نوبل في الأدب. ولد في11 ديسمبر عام 1911م، بحي الجمالية بالقاهرة، بدأ حياته الدراسية بدخوله الكُتاب ثم أكمل تعليمه الابتدائي والثانوي، وبدأ شغفه واهتمامه يزيد بالأدب العربي، والتحق بجامعة فؤاد الأول "القاهرة" سنة 1930م، وحصل على ليسانس الفلسفة، وبدأ بعدها في إعداد رسالة الماجستير.

كتب نجيب محفوظ خلال مسيرته أكثر من 50 رواية ومجموعة قصصية، من أشهرها: الثلاثية "بين القصرين- قصر الشوق- السكرية"، حديث الصباح والمساء، خان الخليلي، الحرافيش، بداية ونهاية، الكرنك، اللص والكلاب، زقاق المدق، ثرثرة فوق النيل، ميرامار، الشحاذ، أفراح القبة، رادوبيس، العائش في الحقيقة وغيرها الكثير.

نُقلت بعض أعماله إلى السينما والتلفزيون وقدمت عبر أعمال إبداعية استطاعت أن تحفر مكانًا لها في ذاكرة التاريخ، ولم تقتصر كتابات محفوظ على الروايات فقط، بل امتدت إلى كتابة المقالات الصحفية في الجرائد المصرية أيضًا واستمر فيها حتي وفاته.. وبالتوازي مع انشغاله في الأدب التحق محفوظ بالعمل الحكومي ما بين وزارة الأوقاف، ووزارة الثقافة، والمؤسسة العامة للسينما.

حصل نجيب محفوظ على جائزة نوبل في الأدب عام 1988 وكانت الجائزة سببا في انتشار وترجمة أدبه عالميا، كما حصل على قلادة النيل العظمى في العام نفسه، إضافة إلى العديد من الجوائز مثل جائزة كفافيس 2004، وسام الجمهورية في عام 1972، جائزة الدولة التقديرية في الآداب 1968، وسام الاستحقاق من الدرجة الأولى عام 1962، أيضا جائزة الدولة التشجيعية في الآداب عام 1957، وفي عام 1946 حصل محفوظ على جائزة مجمع اللغة العربية عن رواية "خان الخليلي"، جائزة وزارة المعارف عن "كفاح طيبة" عام 1944، جائزة قوت القلوب الدمرداشية عن رواية "رادوبيس"في عام 1943، بالإضافة إلى ذلك حصد دروع التكريم وشهادات التقدير والمداليات والدكتوراه الفخرية من مختلف الهيئات والمؤسسات والجامعات.