أكدت الكاتبة الصحفية "كريستينا لو" أنه على الرغم من استمرار العملية العسكرية الروسية فى أوكرانيا إلا أن الدول الأوروبية حتى الآن لم تتمكن من محاسبة روسيا لإنها غير قادرة على الاستغناء عن واردات الغاز الروسية.
وأشارت الكاتبة فى مقال نشرته مجلة "فورين بوليسى" الأمريكية أن الدول الغربية مازالت تواجه ضغوطاً كبيرة من أجل فرض عقوبات على أهم قطاع اقتصادى فى روسيا وهو قطاع الطاقة.
وعلى الرغم من إعراب القادة الأوربيين على مدار الأسابيع الماضية عن استيئاهم ورفضهم للعملية العسكرية الروسية فى أوكرانيا، إلا أن العقوبات الاقتصادية التى فرضوها على روسيا لم تشمل قطاع الطاقة خشية أن تؤدى هذه العقوبات إلى تفاقم أزمة الطاقة فى بلادهم والتى تعتمد إلى حد كبير على الواردات الروسية فى توفير احتياجاتها من الطاقة .
ولكن مع تزايد الضغوط المُطالبة بفرض عقوبات اقتصادية أكبر على روسيا، فإن القادة الأوروبيين يواجهون حالياً أزمة كبيرة تتمثل فى كيفية فرض مزيد من العقوبات على روسيا تشمل قطاع الطاقة دون أن يؤدى ذلك إلى أزمة اقتصادية فى بلادهم.
وتشير الكاتبة إلى رأى خبيرة أمن الطاقة بمؤسسة بروكنجز "سامنتا جروس" والتى تعرب فيه عن اعتقادها أن المسألة بالتاكيد ليست بالأمرالهين بالنسبة لأوروبا التى تود أن تتخلص من اعتمادها على الغاز الروسى ولكنها فى نفس الوقت غير قادرة على تنفيذ تلك الرغبة.
وتوضح الكاتبة أن أوروبا هى أكبر مستورد للطاقة من روسيا حيث تستورد ما يربو على نصف صادرات روسيا من الزيت الخام ومعظم صادراتها من الغاز الطبيعى. وعلى الجانب الأخر، يرى المسؤلون فى أوكرانيا أنه مع استمرار الحرب للشهر الثانى على التوالى على أراضيهم فإن استيراد الدول الأوروبية لواردات الطاقة الروسية يمثل تمويلاً للحرب الروسية فى أوكرانيا.
وتشير الكاتبة إلى تصريحات لوزير خارجية أوكرانيا ديميترو كوليبا يقول فيها إن الغرب يساند أوكرانيا من جانب ويساند فى نفس الوقت الآلة العسكرية الروسية.
وترى العديد من الدول الأوروبية أن مقاطعة واردات الطاقة الروسية مشكلة ليس لها حل، فدول الاتحاد الأوروبى تعتمد بشكل رئيسى على الطاقة الروسية والتى تمثل حوالى 40 بالمائة من واردات الدول الأوروبية من الغاز الطبيعى وحوالى 25 بالمائة من البترول، وفى نفس الوقت، فإن توفير بديل آخر للطاقة الروسية يعتبر أمراً غاية فى الصعوبة بل قد يكون مستحيلاً على المدى القريب.
بالإضافة إلى ذلك، نجد دولة مثل ألمانيا ضاعفت من وارداتها من الطاقة الروسية على الرغم من العملية العسكرية الروسية الأولى فى أوكرانيا عام 2014.
وعلى الرغم من قيام البرلمان الأوروبى يوم الخميس الماضى باصدار قرار رمزى لتفعيل حظراً شاملاً على واردات روسيا من الطاقة بما فيها الغاز والبترول والفحم إلا أن قليل من الدول الأوروبية بدأت فى تقليص تعاونها مع روسيا فى مجال الطاقة واكتفت بعض الدول بحظر استيراد الفحم فقط من روسيا ولكنه لايمثل أهمية اقتصادية كبيرة بالنسبة لروسيا.
يقول نيكوس تسافوس خبير الطاقة بمركز الدراسات الدولية والاستيراتجية إن الدول الأوروبية بهذه الطريقة يتأرجحون بين الواقع النظرى والعملى، فعلى المستوى النظرى فقد فرضوا عقوبات اقتصادية على قطاع الطاقة الروسى - بحظرهم استيراد الفحم من روسيا - ولكنهم فى نفس الوقت لم يتخذوا الإجراء القوى الذى يؤثر على منظومة الطاقة كلها.
ويقول الخبراء إن الاستغناء عن واردات الطاقة الروسية فى الوقت الحالى سيمثل ضربة موجعة لأوروبا بأسرها لإنه سيؤدى إلى الإضرار بصناعات رئيسية تعتمد على الطاقة بشكل كبير كما أنه سيؤدى إلى اللجوء لترشيد استهلاك الطاقة لأنه ليس هناك بديل عن الواردات الروسية لتوفير احتياجات أوروبا من الطاقة..