الأحد 19 مايو 2024

من روائع الإنشاد.. عبدالرازق الجندالي (30-8)

الشيخ عبدالرازق الجندالى

ثقافة9-4-2022 | 17:31

عبدالله مسعد

الإنشاد الديني هو فن يربطه بالإسلام علاقة وثيقة وروحانية، فهو لون من ألوان الغناء باستخدام الآلات البسيطة التي صنعها الإنسان، وهو من الفنون الهادفة التي تسمو بالروح الإنسانية إلى أعلى مراتب السكينة والاطمئنان، عبر أصوات خاشعة وحناجر تصدح بكلمات طيبة تتسرب إلى روحك كلمات تحمل معاني التضرع والذكر لله سبحانه وتعالى.

وتقدم دار الهلال خلال شهر رمضان الكريم، كل يوم ابتهالًا لأحد المبتهلين المصريين الذين تناولوا في إنشادهم موضوعات عدة كلها ذات طابع ديني منها العشق الإلهي وأو مدح الرسول ووصف أخلاقه وتعالميه وسيرته الطاهرة.

ولد الشيخ عبدالرازق إبراهيم الجندالي 13 أبريل عام 1946، بكفر الجراويين التابعة لقرية قصاصين الشرق مركز الحسينية محافظة الشرقية، وألحقته والدته في سن مبكرة بكتاب القرية لحفظ القرآن الكريم، وأتم حفظه وعمره لم يتعد العاشرة.

كان الشيخ عبدالرازق الجندالي يعمل وهو في سن الطفولة حتى يتمكن من دفع أجرة الشيخ الذي يحفظ القرآن على يديه، وتعلم الابتهالات الدينية على يد الشيخ عمر إبراهيم عمر والشيخ أحمد محمد عامر والشيخ نصر الدين طوبار.

والتحق بإذاعة وسط الدلتا بطنطا عام 1979، وفي نفس اليوم الذي تم اعتماده بإذاعة وسط الدلتا كانت الليلة الختامية لمولد سيدي أحمد البدوي، وتغيب الشيخ محمد عمران، فقدم الجندالي الابتهال المطلوب ومن هنا كانت الانطلاقة الكبرى.

وفي عام 2002، أصيب الشيخ بجلطة في عام 2002، وانقطع عن محبيه لعدة سنوات حتى وافته المنية في مثل هذا اليوم 17 يناير عام 2008 عن عمر يناهز 62 عامًا، تاركًا إرثًا من الابتهالات والتواشيح الدينية والتلاوات القرآنية.

وللإنشاد الديني قصة تؤكدها كتب التراث بأن بدايته كانت مع بداية الأذان، وكان الصحابي بلال بن رباح -رضي الله عنه- يجود في أذانه كل يوم 5 مرات، ويرتله ترتيلاً حسنًا بصوت جميل جذَّاب، ومن هنا جاءت فكرة الأصوات الندية في الإنشاد بالأشعار الإسلامية، ثم تطور الأمر على أيدي المؤذنين في الشام ومصر والعراق وأصبح له قوالب متعددة وطرق شتى. 

وتؤكد كتب التراث الإسلامي أن بداية الإنشاد الديني كان على أيدي مجموعة من الصحابة، ثم مجموعة من التابعين. وكانت قصائد حسان بن ثابت، شاعر الرسول، صلى الله عليه وسلم، هي أساس المنشدين. ثم أنشدوا قصائد أخرى لغيره من الشعراء الذين كتبوا في موضوعات متنوّعة منها: الدعوة إلى عبادة الله الواحد، والتمسك بالقيم الإسلامية وأداء الفرائض، غيرها.

وفي عهد الأمويين أصبح الإنشاد فنًّا له أصوله وضوابطه وقوالبه وإيقاعاته، واشتهر كثير من المنشدين، وكان أكثر المشتغلين بفن الإنشاد الديني وتلحين القصائد الدينية، إبراهيم بن المهدي وأخته عَليَّة، وأبو عيسى صالح، وعبد الله بن موسى الهادي، والمعتز وابنه عبد الله، وعبد الله بن محمد الأمين، وأبو عيسى بن المتوكل، وغيرهم. وكان عبد الملك بن مروان في دمشق يشجع الموسيقيين وأهل هذا الفن ويدعمهم.

وفي عهد الفاطميين تطور فن الإنشاد، فأصبحوا أول من احتفل برأس السنة الهجرية، وبليلة المولد النبوي، وليلة أول رجب، وليلة الإسراء والمعراج، وليلة النصف من شعبان، وغرة رمضان وعيد الفطر وغيرها من المناسبات. وفي بدايات القرن العشرين أصبح للإنشاد الديني أهمية كبرى، حيث تصدى لهذا اللون من الفنون كبار المشايخ والمنشدين الذين كانوا يحيون الليالي الرمضانية، والمناسبات الدينية. وتطوّرت قوالب الفن فأصبحت له أشكال متعددة وأسماء كثيرة تمجِّد الدين الحنيف، وتدعو لوحدة المسلمين، وتشجب الرذيلة، وتدعو إلى الفضيلة، كما ظهرت قنوات متخصصة للإنشاد.