في 9 رمضان من عام 112 هجرية تمكن القائد أسد بن الفرات من فتح جزيرة صقلية في البحر الأبيض المتوسط والتي تعتبر همزة الوصل بين شمال أفريقيا من ناحية وبين إيطاليا من ناحية أخرى بالإضافة إلى الأهمية التجارية والحضارية حيث سهل الفتح أمر الاتصال بالشعوب صاحبة الحضارة على شواطئ المتوسط منذ قديم الزمان .
وللمعلومة لم يكن غزو المسلمين عن طريق البحر أمراً غريباً عنهم أو غير مألوف بالنسبة لهم ، فقد كانوا يفرحون للغزو في البحر ابتغاء الشهادة التي توصِل الشخص إلى جنة الله ، بالإضافة إلى أنهم كانوا يطلبون من الذي يقومون بغزو البحر أن يدعو لهم لأنهم مستجابين الدعوة ولذلك لم يكن ركوب البحر غريباً على المسلمين بتاتاً ، فقد غزا معاوية بن أبي سفيان جزيرة قبرص ، كما قاد عبد الله بن أبي سعيد بن أبي السرح معركة ذات الصواري، وكانت معركة رهيبة غيّرت تاريخ البحر الأبيض المتوسط وكانت أكبر معركة بحرية عام 34هـ ، كما واصل عبد الله بن قيس الفزاري قيادة هذا الأسطول، فوصل إلى صقلية فغنم وعاد سالما .
واستمر الغزو الإسلامي لجزيرة صقلية واشتد ساعد الدولة الإسلامية عندما انضم كان مسلمو أفريقية بحكم موقعها الجغرافي قد تولوا أمر هذا الفتح وكان أشهرهم عباس بن أخيل وكان من أحد رجال موسى بن نصير . وبحلول العصر العباسي وفي خلافة المأمون بن هارون الرشيد تم الظفر وفتح صقلية على يد أسد بن الفرات حيث قاد عشرة آلاف رجل، منهم ألف فارس و خرج إلى سوسة ليتوجه منها إلى صقلية وركب أسد بن الفرات البحر سنة 212هـ، ونزل في مدينة فأزر من بلاد صقلية، والتقى الجمعان، وكان أسد بن الفرات يحض ويحث المسلمين على الصمود والقتال واستطاع الجيش الإسلامي أن يدك حصونـًا ويقتحمها إلى أن حاصر سرقوسة، وفي أثناء الحصار أصيب بجروح بالغة ثم فتك به الطاعون حتى فاضت روحه إلى ربها راضية مرضية.
وحين رأى الجنود وفاة قائدهم استبسلوا مجاهدين الروم، حتى جعلوهم يهربون ، وكتب زيادة الله والي إفريقيا إلى الخليفة المأمون بأن الله تعالى أتم فتح صقلية على يد القاضي أسد بن الفرات.