لا تزال قضية بناء الإنسان القضية التي لا تغيب عن عقل الرئيس عبد الفتاح السيسي منذ أن تولي المسئولية في ظرف بالغ الدقة والحرج، وكان تحرير العقل المصري من الخرافة همه الأكبر، فقضية زماننا هي الوعي الصحيح المبني على أساس من الفكر السليم والتوازن القائم على تصور الواقع تصورا صحيحا يخلو من الوهم ومن عبث العابثين الذين لا هم لهم إلا أن تظل الفجوة قائمة بين الواقع وإدراك أبعاده وتحدياته وبين المواطن، لكي يبقى دائما قابل للتضليل، أو الانخداع بدعايات مشبوهة تدفعه إلى تحرك مدمر لا يجدي معه الندم نفعا.
لقاءان للرئيس السيسي يؤكدان ذلك وبوضوح يجب على الجميع إلى الالتفات إليهما، حيث استقبل الرئيس كاتبة الأطفال سماح أبو بكر التي سخرت قلمها مقاتلة في معركة الوعي، فقررت أن تقدم ما يمكن أن نسميه الأدب الوطني لبناء جيل من الأطفال يعي قيمة وطنه، فينشأ مدركا لأهمية الحفاظ عليه وعدم السماح لأحد أن يلهو بمصيره ليس هذا فحسب فإن اختيار استضافة الكاتبة في القصر الجمهوري وأن يستقبلها الرئيس استقبال الرؤساء رسالة مهمة تبعث بها رئاسة الجمهورية إلى كل المبدعين أن جهدكم متابع ومقدر، وأن مصر في حاجة إلى جهودكم فلا تتكاسلوا، فرئيس الدولة أرفع مسئول في الدولة يتابع إبداعكم وسيشد على يد المبدعين منكم فانهضوا لمسئولياتكم بجد ونشاط.
اللقاء الآخر هو لقاء الرئيس السيسي بوزير الأوقاف الدكتور مختار جمعة حيث طالبه الرئيس بإعداد أجيال مستنيرة من الدعاة يكونون قادرين على الخروج بالخطاب الديني من استغلال الحاشدين في ميادين السياسة إلى ساحة المجاهدين في بناء الأخلاق والشخصية السوية لتنقية التدين من انحرافات البعض الني ضيقت ما تركه الله واسعا رحبا حتى بات الدين في نظر البعض منطقة شائكة يجب الابتعاد عنها .
اللقاءان يمثلان تأكيدا لا رجعة عنه من الرئيس عبد الفتاح السيسي عن مواصلة الجهود لبناء الشخصية المصرية وإزالة الرواسب التي تكونت نتيجة ترك الساحة لأصحاب الهوى والغرض لممارسة جرائم تارة باسم الدين وأخرى عبر تلويث الموروث الثقافي الذي تكون عبر عقود وعقود.
ولقد تنبهت وزارة الأوقاف إلى هذه القضية مبكرا ففي عام 2017 وخلال الاحتفال بليلة القدر أهدى الدكتور مختار جمعة الرئيس السيسي نسخة من موسوعة "الدروس الأخلاقية" التي تولى إخراجها شباب علماء وزارة الأوقاف بالإضافة إلى نسخة من كتاب "الزهروان في متشابهات القرآن" لعدد من الباحثات المصريات والواعظات من وزارة الأوقاف وهما محاولتان مهمتان لتجنب الإساءة المتعمدة لفهم الدين وتنبيه لخطورة الخطاب الإقصائي المتشدد الذي تسبب في إهدار للدماء والمهمة اليوم حلقة في تلك السلسلة من الجهود لتعليم الناس الدين الصحيح، البسيط، السهل، الذي يراعي حياة الناس وظروفهم، عبر تأسيس خطاب ديني حديث يبني مجتمعاً متماسكاً، يسوده التسامح والعدل والرحمة خطاباً يربي أجيالاً قوية واعية مخلصةً لوطنها وشعبها، تعيد لمصر مجد ماضيها وتحافظ عليه.
إن حديثنا عن دور الأدب والخطاب الديني في بناء الإنسان المصري ما هو إلا دعوة مفتوحة للجميع بأن يشارك كل في موقعه لا يتأخر عنا أحد فالوطن للجميع والحفاظ عليه يهم الجميع، فبتكامل الجهود والمواصل بعزم لا يلين تتعاظم قدرتنا على طرد أي خطاب تدميري قد يبث فينا، كما تزداد مناعتنا الجماعية تحصينا ضد تيارات لا ترقب فينا إلاً ولا ذمة، فنحن بحاجة إلى ثورة فكرية شاملة تظهر الجوهر الأصيل للدين الإسلامي السمح وتواجه محاولات اختطاف الدين ومصادرته لصالح تفسيرات خاطئة وذرائع لتبرير جرائم لا مكان لها في عقيدتنا وتعاليم ديننا لتسسلم الأجيال منا جيلا وراء الآخر راية مصر أبية شامخة عصية على عدوها.