لا يعلم الكثير أن المقاهي المصرية تعدّ جزءًا يمثِّل تاريخ مهم من تاريخ جمهورية مصر العربية، وأنها ليست مجرد أماكن للتجمعات وقضاء أوقات الفراغ كما يظن البعض، فداخل مصر العديد من المقاهي ذات التاريخ والأثر، الذي يفوح منه عبق التاريخ، وقد شهدت المقاهي المصرية إنطلاقًا فكريًّا وثقافيًا كبيرًا، على مر حقبات زمنية مؤثرة استطاعت تغيير التاريخ، حيث جمعت المقاهي كافة الطبقات الاجتماعية أسفل سقفها، واكتسبت شهرتها من قامات مرتاديها، على كافة المستويات الفكرية والثقافية وفي مختلف المجالات، السياسية والفنية والأدبية وغيرها.
يعد مقهى الهندي القريب من ميدان عرابي الشهير بمنطقة المنشية بالاسكندرية، أعرق المقاهي المصرية وأقدمها، فهو يعد من أكبر عمائر الاسكندرية وهو عبارة عن "ربع" ويعرف مبنى المقهى باسم "مانفراتو" باللغة الإيطالية.
تأسس المقهى في أواخر القرن الـ 19 عام 1882م، وشكله يشبه الكهف، حيث يمتاز بطرازه المعماري الإيطالي، والقبة الزجاجية أعلى المبنى تعرف بـ "الشخشيخة" التي تميزه وتربط 3 عمارات علي الطراز الإيطالي ببعضها، ويقع موقعه في المساحة الواصلة متوسط المباني الثلاثة، وظهر المبنى في العديد من الأفلام السينمائية، حيث سجلت العمارة التي يقع بها المقهى ضمن مجلدات الآثار.
وكان المقهى في بدايته ملك لسيدة يونانية كما هو الحال لأغلب المقاهي المصرية حينذاك، اسمها "ماريا خريستوان"، وكان يشاركها فيه مواطن مصري اسمه حسن الهندي، يقال أنه من أصول هندية، ويحاوط المقهى مباني يرجع تاريخها إلى قرون، وتفصله ممرات ضيقة عن الشارع الرئيسي، تجعل من رؤيته أمر صعب، ولهذا كان يطلق عليه أيضًا اسم "خبيني".
وشهد المقهى أحداث تاريخية مهمة، فكان يستخدم كمخبأ لحماية المواطنين إثر دلوع الحرب العالمية الأولى والثانية، وهو من أجمل مقاهي الاسكندرية ويحرص السياح والزائرين على الجلوس فيها.