فى ظل احتمالات إطالة أمد الأزمة العالمية.. وتوقعات اشتعال أزمات جديدة ..ليست بعيدة عنا مثل أوكرانيا.. ولكن فى منطقتنا فالأوضاع تتصاعد وتتفاقم فى الأراضى الفلسطينية المحتلة ..لذلك العالم يسأل.
مع استمرار وإطالة أمد الأزمة «الروسيةــ الأوكرانية» ستزيد الصعوبات على العالم.. وستكون التداعيات أكثر قسوة على السواد الأعظم، ليصاب بالضرر والأذى.. وهناك بطبيعة الحال قلة رابحة سواء اقتصادياً أو سياسياً.. لكن فى النهاية سيكون شكل العالم ومعاناته مفجعاً.. وهناك دول تذرف الدموع، وبات الخوف من القادم والمستقبل ..يشكل كابوساً للجميع.
لا أدرى من يخطط ويدفع لخراب هذا العالم؟.. وإلى هذا الحد يتفنن البشر فى الشر والخراب والدمار ..وما هو السبيل إلى النجاة..فأحاديث الفناء والهلاك والمجاعات.. والمعاناة والعذاب تتواتر.. التوقعات أيضاً تنذر بوجود كوارث ومصائب.. فمَن من مصلحته إطالة أمد الأزمة الروسيةــ الأوكرانية؟ ..وماذا يستفيد منها؟.. ولماذا يحذر بوتين من الصعوبات القادمة وزيادة الأسعار، ونقص الإمدادات والاحتياجات والسلع الرئيسية للعالم.
استمرار الأزمة الروسيةــ الأوكرانية سوف يؤدى إلى زيادة معدلات التضخم وزيادة الأسعار، رغم أنف الدول، وعلى عكس رغبات وتطلعات الشعوب.. فالأزمة ليست من صنع الدول ولا إرادتها، ولم تتوقعها.. ولم تكن تريدها ..والشعوب مع ارتفاع وتيرة واشتداد وطأة الأزمة سوف تشعر بمزيد من الألم ..إذاً.. ما هو الحل؟.. وماذا عن طريق العبور والنجاة؟.. وما هو مطلوب من الدول؟.. وماذا يجب على الشعوب؟.. فى ظل الصعوبات الحالية والقادمة واستمرار زيادات الأسعار بشكل خارج عن إرادة ورغبة الجميع.. الأمر المهم فى الموضوع.. وبشكل عام هو الحديث مع الناس.. وإحاطتهم بتداعيات الأزمة والواقع المأساوى الذى يجتاح العالم وكيف أثرت الحرب الروسيةــ الأوكرانية على جميع دول العالم.. وأقصد هنا الوعى بما يحدث وأسباب ومظاهر وتداعيات الأزمة ..لكن هناك من يخبرنى أن الناس لن تأكل وتشرب كلاماً وأحاديث.
هنا أقول: الحديث إلى الناس ينقسم إلى شرائح:
(1)الأغنياء والأثرياء، وهنا يستهدف الحديث مخاطبة الدوافع الإنسانية والخيرية والوطنية بالإسهام فى مساعدة ودعم الفئات الأكثر احتياجاً والأولى بالرعاية.. وأيضاً تعريف فئات الأثرياء بأهمية ترتيب أولوياتهم وإعادة صياغتها فى ظل تداعيات الأزمة العالمية، فما كان يصلح قبل الأزمة ربما لم يعد يصلح الآن.
(2)الحديث مع الطبقة المتوسطة يستهدف أمرين.. أولاً تحقيقها لعنصر التوفير والترشيد وعدم الهدر والإسراف.. وفهم الواقع وما يدور فيه.. واكتساب الوعى والصبر وأيضاً الأخذ بمبادئ فقه الأولويات.. أى أن كلاً منا مطلوب منه إعادة صياغة أولوياته والتركيز فى هذه المرحلة على الأساسيات لا «الرفاهيات» والشكليات.. أن نعيش بالقليل.. ونشترى نصف ما كنا نشتريه من بعض الاحتياجات، لتوزيع الدخل بشكل صحيح.. على سبيل المثال من الممكن أن يشترى رب الأسرة نصف كيلو «لحم» بدلاً من أن يشترى «كيلو» فى أيام ما قبل الأزمة.. وهنا لا تشعر الأسرة بالحرمان أو تأثير الأزمة.. أو يشترى بدلاً من كيلو يشترى كيلو ونصف الكيلو لكن يقدم للأسرة على مرتين.
الأسرة المتوسطة أو الفئات المستورة تحتاج أيضاً إلى دعم الدولة.. ولكن بأسلوب مختلف، ألا وهو توفير الاحتياجات والسلع الأساسية وإقامة المعارض والتصدى إلى الجشع والاحتكار.. وزيادة المعروض بحيث يحظى بالتخفيضات والتيسيرات.. والاستفادة من جهود الدولة فى هذا الأمر.
(3)الفئات الأكثر احتياجاً.. تحتاج أيضاً إلى أحاديث الوعي.. والفهم.. لكن أيضاً هى الفئات التى فى أشد الحاجة إلى دعم الدول وبرامج الحماية الاجتماعية، ولا يجب أن تكون جهود دعم هذه الفئات مقصورة على الدولة ولكن لابد أن تبذل وتظهر جهود القادرين والأغنياء والأثرياء وأيضاً توفير الاحتياجات والسلع الأساسية وبأسعار أقل من السوق وبجودة عالمية.
الحقيقة نحن جميعاً فى حاجة إلى التحاور والحديث معاً.. لأن الظروف الصعبة أكبر من الجميع.. والجميع شركاء فى العبور من تداعيات الأزمة.. ليس فقط الحديث والتحاور، ولكن أيضاً العمل والفكر.. والرؤى للتعامل مع هذه الظروف، لابد من تغيير حقيقى فى الأولويات الرسمية والشخصية لكل منا.
للأسف الشديد إن حالة الرفاهية أصابت الناس فى الـ«4 عقود» الأخيرة.. وهناك من لا يستطيع التحمل والصبر والجلد والتخلى عن السلع والأمور غير الأساسية.. ولا أقول التافهة.. تخيل إن كنا نتحدث عن سعر «ورق العنب».. وإيه ورق العنب.. وما هى قيمته وأهميته لنا.. وألا نستطيع أن نستغنى عنه.. اللَّه يرحم أجدادنا وآباءنا.. زمان كان الواحد يكفيه القليل وتشبعه القناعة والرضا.. أصبحنا آخر دلع ورفاهية.. وبنزعل على «ورق العنب» والياميش ونسينا البلح والمحشي.. نسينا إننا نقدر نستغنى عن أى حاجة.
هل زيادة أسعار «ورق العنب» مؤشر على نجاح أو فشل الحكومة.. هل تستدعى منا صب اللعنات والسخط والضجر.. وأحاديث «السوشيال ميديا».. بتقول إننا بنواجه آثار وتداعيات أزمة عالمية ومحاولة التخفيف منها على المواطن.. هل هذه الأجيال لم تترب على «اخشوشنوا».. بصراحة حاجة غريبة.. كان زمان يقولك «هات الموجود».. و«الجودة بالموجود».. و«خير ونعمة وفضل».. الناس كانت تقبل لقمة الخبز قبل ما تأكلها.. الإنسان لما بياكل لقمة الفول اللى معمولة بمزاج، كانت أسعد أيام الدنيا.. عمر المصريين ما اتكلموا فى الأكل والشرب.. يا سيدى الل أنت شايف إن سعره غالي.. أرجوك لا تشتريه.. قاطعه.. بلاها ورق عنب.. بلاها أى حاجة.. أنا مقدرش عليها.. بهذه الطريقة كل أسعار السلع هتنزل وهتستقر.
نحن فى مواجهة فارق الأسعار.. فكل شيء ارتفع.. البترول والغاز والقمح.. تشهد ارتفاعاً كبيراً فى الأسعار على مستوى العالم.. مساهمات روسيا وأوكرانيا فى توفير غذاء العالم تراجعت تماماً.. وأحدث ذلك خللاً.. وأصبح الحصول على السلع الأساسية فى العالم أمراً ليس سهلاً.. والسؤال: الدول قدمت موازناتها بسعر 60 أو 65 دولاراً لبرميل البترول.. تقريباً الآن يقترب من الضعف.. إذن من أين لى بالفارق؟
مهم جداً ودون تفاصيل أن نأخذ ونطبق فقه الأولويات سواء بالنسبة للدولة وخططها.. ومشروعاتها وسياساتها وأيضاً بالنسبة للأشخاص والأفراد والأسرة، يجب التركيز على ما يوفر «الحياة» ويحافظ عليها.. والاحتياجات الرئيسية والسلع الأساسية والاستراتيجية.. ولا داعى على الإطلاق لاستيراد أى شيء سوى تحت شعار مهم جداً وضروري.. أما المكسرات وأكل القطط وملابس «الستات» والموبايلات والأجهزة.. عدم استيراد أى شيء طالما أن له بديلا مصريا موجودا وبنفس الجودة والكفاءة.. يجب ألا نفرط فى دولار واحد سوى فى الأساسيات والسلع الأساسية ومستلزمات الإنتاج.
الأمر المهم أيضاً الحرص على استمرار عجلة العمل والإنتاج خاصة فى ما بين أيدينا من مشروعات.. وكما قلت إن بداخلنا أشياء كثيرة وثروات وموارد، وعلينا أن نركز عليها الآن وننقب عنها.. الذهب والمعادن والبترول والغاز أهم أسلحة المعركة الوجودية الآن.. أضف إليهما الزراعة وما يجب تطبيقه من أولويات فى هذه المرحلة بالنسبة لزراعة السلع.. وزراعة ما يحتاجه العالم للتصدير وتوفير مورد للعملات الصعبة واستمرار التوسع الرأسى والأفقى فى مجال الزراعة بكل ما أوتينا من قوة.. باختصار يجب أن تكون الزراعة والصناعة.. والتنقيب والبحث عن مواردنا وثرواتنا المدفونة تحت الأرض أبرز أولويات أجندة العمل الاستراتيجية بالنسبة لمصر.. أى كل ما يدر دخلا أو يسد احتياجا أو يوفر عملات صعبة أو يدعم الاقتصاد ويوفر الاستيراد.. ويحقق الاكتفاء.
هل اشتعال الوضع فى الأراضى الفلسطينية المحتلة وممارسات الكيان الصهيونى وآخرها بالأمس من الاعتداء على المصلين بالمسجد الأقصى فى يوم الجمعة.. هل سيزيد المنطقة اشتعالاً وصراعاً.. هل نحن مقبلون على انفجار بالمنطقة، يتزامن مع تداعيات وآثار الأزمة الروسيةــ الأوكرانية.. ليصاب العالم بلمس أكتاف وضربة قاضية.. تجعل أصوات صرخات الشعوب الجائعة وغير الآمنة تخترق الآذان.. هل هناك مخطط للأسوأ.. هل كل شيء يمضى بحساب لدى الشيطان من ظهور «أوباما وبايدن» معاً.. هل تحول المواقف الدولية وتغيير خريطة الأصدقاء والحلفاء.. فمن كان عدو الأمس، أصبح صديق اليوم.. واسأل أمريكا وإيران.. وقس على ذلك الكثير.. ولا داعى للتفاصيل.
الغريب أن المستقبل يقول إن الانفجار قادم لا محالة فى العالم.. فكلما ازداد أمد الصراع الأمريكى الغربى من ناحية.. والروسى الصينى من ناحية أخري.. ازدادت رقعة الصراع.. فالخطأ وارد.. وعدم القدرة على ضبط النفس وارد.. لكن من الواضح أننا أمام أزمة عالمية أسقطت كل الأقنعة، لكننى دائماً أقول إننا أمام عالم لا يستحيى ولا يعرف الخجل، عالم فاجر.. الفلسطينيون مثلاً يتعرضون على مدار أكثر من 7 عقود للتنكيل والتعذيب والاحتلال والبربرية والوحشية.. لم يسأل عنهم العالم ولم يتحرك فى نفس الوقت الذى يتحرك فيه مذعوراً.. متألماً، أسفاً لما حدث لأوكرانيا.. رغم أن الحق فى فلسطين أقوى بكثير.
ازدواجية أمريكا والغرب، ستقود الإنسانية إلى الانهيار.. سياسات الكيل بمكيالين أسقطت كل المؤسسات والمنظمات الأممية.. لذلك فاشتعال الأزمة الفلسطينية.. واستمرار الاحتلال فى ممارساته مع تجاهل العالم فى ظل تداعيات الأزمة الروسية ــ الأوكرانية.. وحالة الاهتمام غير المسبوق بالحالة الأوكرانية واللاجئين الأوكران.. وتجاهل حقوق الفلسطينيين المشروعة.. وعدم إيقاف عجلة وآلة القتل والبربرية الإسرائيلية يكشف العالم ويعريه ويشير إلى أنه فى حاجة إلى نظام عالمى جديد تتعدد فيه الأقطاب والقوى لتحدث الحكمة والرشد والعدل.
إن حالة الدلع والاهتمام الأمريكى والغربى بأوكرانيا.. وتوفير كل الامكانيات للتصدى لما يسمونه بالانتهاك الروسى وفى نفس الوقت استمرار الاحتلال الصهيونى فى فاشيته وبربريته وعدوانه واغتصاب حقوق الفلسطينيين وتمدد المستوطنات وسلب أراضى وثروات الفلسطينيين.. وعدم احترام المقدسات والشعائر الدينية والإسلامية والقتل والسجن والسحل الذى يمارسه الصهاينة، كل ذلك يدين أمريكا والغرب ويفضح ازدواجيتهم وميولهم وعنصريتهم وتجارتهم بحقوق الإنسان والتى تستخدم فزاعة لإرهاب الدول المتآمر عليها.
فى اعتقادى أن القادم أصعب.. والخشونة مطلوبة.. والصلابة والقدرة على التحمل والوعى والاصرار على مواجهة شياطين العالم الذين أصابوه بالإرهاب والقتل والموت والدمار والخراب.. واسأل أمريكا والغرب.
العائدون
من أروع وأجمل الأعمال الفنية والدرامية فى رمضان مسلسل العائدون للنجم أمير كرارة وأمينة خليل ويكشف بوضوح ويفضح بلا رحمة الدول والأطراف الإقليمية والدولية الضالعة فى إشعال الصراع والإرهاب فى المنطقة والمتاجرة بالدين وأنه ما كانوا يطلقون عليه سلطان المسلمين وأمير المؤمنين هو مجرد عميل وراع ومشرف على مشروع الفوضى الخلاقة والشرق الأوسط الكبير أو الجديد.. من جعلوه وزعموا أنه مدافع عن الإسلام اتضح أنه أكبر أعداء الإسلام.
المسلسل يفضح التنظيمات الإرهابية المتأسلمة ويكشف المخططات والتجارة بالدين وكيفية وآليات تنفيذ الجريمة المنظمة والعابرة للحدود.. كيف كانت تستخدم دول وأجهزة مخابرات هؤلاء المرتزقة الذين كانوا ومازالوا يتشدقون بالإسلام.
المسلسل يضرب بقوة.. ويدخل معابد الإرهاب.. ويفضح تجار الدين والعملاء والمرتزقة وحقيقة داعش.. وحقيقة رؤساء دول وأجهزة مخابرات.. وماذا كان يراد للمنطقة.. ويراد ويخطط لمصر.. لكن الحقيقة ان مصر بها رجال وشرفاء وصقور جارحة تسهر على أمن هذا الوطن.. وتسطر أعمالاً ينظر إليها البعض على أنها المستحيل ..لكن مصر ومخابراتها لا تعرف المستحيل.. كانوا فى أتون المعركة واللهب والنيران ولم يهابوا الموت أو الخوف أو الخطر بل كانت ومازالت شجاعتهم واحترافياتهم وذكاؤهم هو من يصنع الفارق ويحقق النصر.
مسلسل العائدون وثيقة جديدة تقدمها الدراما المصرية لتكشف الحقائق وتسقط الأقنعة وتزيد وعى الشعوب ..وتضع وساماًَ على صدور الصقور.. وتجعلنا نقدم التحية والاحترام والشكر والتقدير لجهاز وطنى عريق هو جهاز المخابرات العامة المصرية.