الأربعاء 15 مايو 2024

سيد بنجر والأمم المتحدة

مقالات17-4-2022 | 14:32

من منا يستطيع نسيان ذلك المشهد العبقري من بطولة الراحل حسن فايق الذي اضطرته ظروف قلبية غرامية إلى التخلي عن اسمه إرضاء لحماه فقرر أن يتخلى -بعد عناء- عن اسمه وشهرته بين أهله من أجل حبيبة قلبه رتيبة هانم فقرر أن يتحول من سيد بنجر إلى علي بنجر وعلى الرغم من ذلك لم يستطع من عاش عمره سيد بنجر أن يفهم متطلبات مرحلته فراحت منه فرصة لم الشمل بعروسه المصون.

هكذا بالضبط فعلت الأمم المتحدة التي فشلت أيضا بلا شك في تحقيق أهدافها التي تأسست لأجلها ففي مثل هذا اليوم أنشئت عصبة الأمم المتحدة والتي تأسست عقب مؤتمر باريس عام 1919 الذي أنهى الحرب العالمية الأولي بعد أن أتت على بلدان أوروبا بالدمار والخراب.

كانت عصبة الأمم أول منظمة أمن دولية سعت لتأسيس السلام الدولي وبلغ عدد الدول المنتمية لهذه المنظمة 58 دولة وتوافق المنضمون إليها على ضرورة منع قيام الحرب عبر ضمان الأمن المشترك بين الدول، والحد من انتشار الأسلحة، وتسوية المنازعات الدولية عبر إجراء المفاوضات والتحكيم الدولي.

وكانت العصبة تعتمد على القوة العسكرية للدول العظمى لفرض قراراتها والعقوبات الاقتصادية على الدول المخالفة لقرار ما، أو لتكوين جيش تستخدمه عند الحاجة، غير أنها لم تلجأ لهذا أغلب الأحيان لأسباب مختلفة، منها أن أعضاء العصبة كان أغلبهم من الدول العظمى التي تتعارض مصالحها مع ما تقره الأخيرة من قرارات.

ومن هنا زرع الفشل مبكرا في جينات المنظمة الدولية التي تحولت بعد ذلك إلى منظمة الأمم المتحدة حيث لم تكن المؤسسة إلا أداة في يد الكبار لمعاقبة الصغار أو فرض ما لا يمكن قبوله بغطاء شرعي أشبه بمسرحية سياسية تظهر فيها شخصيات بأدوار محددة في وقت معلوم.

وجاءت الأزمة الأوكرانية الروسية لتكون كاشفة على عجز الأمم المتحدة عن حفظ السلام الدولي وعادت إلى سابق عهدها تميل إلى طرف على حساب طرف فقد انقسمت إلى معسكرين تناسى كل منهما أهداف إنشاء المنظمة وهو منع النزاعات وحفظ السلام لتستخدمها الولايات المتحدة كدليل على هيمنتها وقدرتها على حشد المؤيدين ضد روسيا لتفقد المنظمة هيبة شرعيتها بعد أن طرحتها الولايات المتحدة جانبا وبدأت في إقرار عقوبات متنوعة خارج أجندة الشرعية الدولية بالتعاون من أتباعها حول العالم في استعراض أفقد المنظمة دورها ومزق ميثاق تأسيسها إلى الأبد.

وما أن وضعت الحرب العالمية الثانية أوزارها إلا وانحلت عصبة الأمم المتحدة ليحل محلها المنظمة الحالية بشكلها الحالي وهنا يبدو السؤال مهما ومطروحا هل تنهي الحرب الروسية الأوكرانية منظمة الأمم المتحدة بشكلها الحالي بعد أن باتت عاجزة لا حول لها ولا قوة خاصة مع تشكل نظام عالمي جديد لم تعد فيه القوى العظمى متحدة على هدف واحد بل باتت متصارعة يسعى كل منها إلى تحقيق سيادته كيفما شاء ووقتما شاء.

لاشك أن التحالف الغربي مع الولايات المتحدة قد بات أكثر وهنا وضعفا ويمكن رصد ذلك وبوضوح حين تعقد مقارنة سهلة وبسيطة بين عدد المصوتين على إدانة التحرك العسكري الروسي الذي بلغ 141 بلدا وبين التصويت على تعليق عضوية روسيا في مجلس الإنسان حيث قل هذا العدد بـ48 دولة ليكون إشارة واضحة إلى انفراط عقد الضغط الدولي الذي تستخدم فيه أمريكا نفوذها على الدول الصغيرة لمواجهة روسيا بالوكالة عنها.

وهذا مؤشر يدلل على انتهاء صلاحية المنظمة الدولية التي تفقد هيبتها يوما تلو الآخر وبدا أن العالم اليوم -والذي ترسم ملامحه الجديدة مجريات الأزمة التي تدور على أرض أوكرانيا- في حاجة إلى نظام عالمي جديد أكثر قدرة على التأثير وأكثر تحصنا من أن يكون لعبة في يد تلك القوة أو غيرها فهل يكون وضع الحرب الجارية أوزارها إيذانا ببدء نظام عالمي وشرعية دولية جديدة؟ أم من الممكن أن تستعيد المنظمة استقلالها وشرفها الدولي من جديد .

Dr.Radwa
Egypt Air