قديما كان يطلق على القاهرة مدينة الألف مئذنة لكثرة عدد مآذن المساجد بها، والتي بلغ عددها 500 مسجد، ربما قيلت تلك المقولة قديمًا، قبل أن تنهار مئات المآذن بفعل الكوارث الطبيعية، مثل زلزال 1302 ميلادية، أو حتى زلزال 1992، وكذلك بفعل حرائق الفسطاط، أو تتابع الدول والممالك على مصر، أو ربما قيلت فى مرحلة متأخرة، حيث زادت عدد المساجد بشكل كبير، خلال القرون الأخيرة، حيث أن بيانات إحصائية أخيرة قالت إن إجمالي عدد المساجد والزوايا الموجود بمصر بلغ 132 ألفًا و809 مساجد وزاوية، منها 102 ألف و186 مسجدًا، و30 ألفًا و623 زاوية.
ونستعرض معكم عبر بوابة دار الهلال، خلال شهر رمضان الكريم، يوميًا أحد أشهر المساجد التاريخية في مصر، ونتناول اليوم مسجد إبراهيم الدسوقي.
يعد مسجد العارف بالله إبراهيم الدسوقي، بمدينة دسوق بمحافظة كفرالشيخ وضريحه الموجود بالمسجد منذ مئات السنين، وقد بني المسجد العامر في عهد الأشرف خليل بن قلاوون سلطان مصر في ذلك الوقت، فكان عبارة عن زاوية صغيرة يجاورها خلوة للإمام الصالح سيدي إبراهيم الدسوقي الذي زاره قلاوون، وأمر ببناء هذه الزاوية والخلوة، وبعد وفاته دفن سيدي إبراهيم الدسوقي في خلوته الملاصقة للمسجد.
وفي عهد السلطان قايتباي أمر بتوسعة المسجد وبناء ضريح لمقام سيدي إبراهيم الدسوقي، والذي أصبح من أشهر الأضرحة لأولياء الله الصالحين في مصر، وفي عام 1880 أمر الخديوي توفيق ببناء مسجد سيدي إبراهيم الدسوقي وتوسعة الضريح وبنى المسجد حينها على مساحة 3000 م2.
وفي عام 1969 بعهد الرئيس جمال عبدالناصر قامت الدولة بتوسعة المسجد على مساحة 6400 م2، وجعل له 11 بابًا، وصالونًا لكبار الزوار، ومكتبة إسلامية جامعة فيها المراجع الكبرى في الفقه والحديث والأدب، وهذه المكتبة يقصدها طلاب العلم والمعرفة من الباحثين وطلاب الجامعات من شتى محافظات مصر المختلفة.
وفي عام 1976، تم توسعة المسجد وبناء جناح خاص للسيدات من طابقين على مساحة 600 متر، وتم إقامة 4 مآذن على أحدث طراز معماري، وبداخل المسجد 140عمودًا، كما يوجد بالضريح 8 أعمدة، بالإضافة لعدد 10 أعمدة بمسجد السيدات.
وبحسب البيانات الصادرة مؤخرًا عن جهاز الإحصاء، فإن محافظة الشرقية تأتي في المركز الأول من حيث انتشار عدد المساجد والزاويا بها، يليها محافظة البحيرة، ثم القاهرة، وتمثل هذه المساجد تطورا في فن العمارة والتي تطورت تطورًا سريعًا ساير ركب الحضارة الإسلامية فتتعدد أشكالها وأساليبها تبعا لتعدد وتغير وظائفها، فالعمارة الإسلامية بدأت ببناء المساجد والأربطة فالمدارس والمصليات والخوانق والأسبلة والتكايا على أننا إذا أردنا أن نتتبع تطور العمارة الإسلامية وجدنا المسجد حجر الزاوية فيها، وعلى ذلك نجد أن أول عمل قام به الرسول صلى آله عليه وسلم عند هجرته من مكة إلى المدينة هو بناء المسجد في مربد التمر الذي بركت فيه ناقته وكان بناؤه بدائيا بسيطا فكانت مساحته 60 في70 ذراعًا وجدرانه من اللبن وسقف جزء منه بسعف النخيل وترك الجزء الآخر وجعلت عمد المسجد من جذوع النخل، نهج بعد ذلك المسلمون هذا المنهج في بناء مسجد البصرة عام 14 هـ ومسجد الكوفة عام 18 هـو كانت مساجد الكوفة والبصرة خالية من المحاريب المجّوفة ومن المنابر والمآذن على غرار مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم.