الجمعة 29 نوفمبر 2024

التغيير سنة الحياة!

  • 11-7-2017 | 15:45

طباعة

بقلم : نبيلة حافظ

التغيير سنة من سنن الحياة، ومن نعم الله علينا أنه جعل دوام الحال من المحال، فلنا أن نتخيل كيف كانت تسير الحياة دون تغيير؟ وكيف سيكون شكلها إذا كانت جامدة ثابتة على حالها دون حركة وتغيير؟ هذا بالطبع أمر مستحيل فللمولى عز وجل حكمة بالغة في أن نحيا بالدنيا وننتقل من مرحلة لمرحلة دون ثبات أو جمود.

ولكن للأسف هناك البعض من البشر يرفضون تلك السنة ويقابلونها بالرفض والعصيان وعدم القبول وتكون النتيجة أزمات نفسية وصحية لا حصر لها يترتب عليها أضرار كثيرة قد تكلف الإنسان حياته.

والإنسان الفطن هو من يكتشف حقيقة الحياة مبكرا ويضعها نصب عينيه, بحيث لا يتعلق فيها بأي متع زائلة حتى يأمن غدر الزمان وقسوة الأيام، فلا الصحة تدوم.. ولا الشباب يدوم.. ولا المال يدوم.. ولا السلطة والمنصب يدومان، كل شيء بالحياة إلى زوال ولن يدوم إلا وجه الله الكريم، ولو رضي كل إنسان بما قسمه الخالق له وقنع به لكن حال الدنيا أفضل بكثير مما نحن عليه، ولأصبح البشر أكثر راحة واستقرارا مما هم عليه الآن.

ألم يخاطبنا المولى عز وجل في حديثه القدسي قائلا:

"يا أبن آدم خلقتك للعبادة فلا تلعب, وقسمت لك رزقك فلا تتعب، فإن أنت رضيت بما قسمته لك أرحت قلبك وبدنك وكنت عندي محمودا، وإن لم ترض بما قسمته لك فوعزتي وجلالي لأسلطن عليك الدنيا تركض فيها ركض الوحوش في البرية ثم لا يكون لك منها إلا ما قسمته لك وكنت عندي مذموما".

في كلام الله حكمة بالغة وفلسفة جميلة ومنطق يريح النفس البشرية من صراعات كثيرة لا معنى لها ولا جدوى منها، لأنها ببساطة تعجل بنهاية الإنسان، فكم من نماذج أعرفها عن قرب وارتبط معهم بعلاقات إنسانية دفعوا حياتهم ثمنا لعدم إيمانهم بتلك الحكمة ورفضهم لسنة التغيير وتمسكهم ببريق السلطة والمنصب, وكانت النتيجة المؤلمة انكسارهم وهزيمتهم واستسلامهم السهل للمرض والموت.

شيء مرعب ومحزن أن يترك الإنسان نفسه فريسة لشهوة المنصب، وألا يقبل بتداول السلطة ودوران عجلة الحياة طمعا في تحقيق مكاسب نفسية ترضيه وتشبع رغباته الدنيوية، هي حالة تدفع بصاحبها إلى البعد عن الخالق عز وجل وتؤكد على ضعف الإيمان، فالمؤمن الحق هو من تدبر أحوال الدنيا مبكرا وأعد نفسه للتغييرات التي تطرأ عليه، واستعد لها بنفس راضية ومرضية دون ضيق أو تململ أو رفض، بل عليه أن يخضع مستسلما لإرادة الله عز وجل، ويهيئ نفسه لاستقبال أسوء ما يمكن أن يواجهه من تقلبات الحياة، ولو علم كل صاحب منصب أن منصبه هذا تكليف وليس تشريفا لما أقدم على الاستقواء بمنصبه ولا استخدم نفوذه في ما لا يرضي الله من ظلم وإهدار حقوق الآخرين، ولكن القليل من يستوعب هذه الحقيقة ويعمل بها لأن للأسف الشديد للمنصب بريقا آخاذا يخطف العين ويدغدغ مشاعر البشر!   

    الاكثر قراءة