يزخر تراثنا العربي بالكثير من الأعمال الأدبية القيمة، والتي حظيت بقراءة واهتمام أجيال عدة منذ وقت صدروها وحتى الآن، واستطاعت الرواية العربية أن تفرض نفسها كلون أدبي في ساحات الأدب العالمية، وتحصد الجوائز أيضا وتظل خالدة، كما أنها ألهمت السينما للاستناد على أحداثها وتحويلها إلى أفلام حققت هي الأخرى التفرد والنجاح مثلما فعلت الرواية الأصلية، تاركة هي الأخرى بصمة في تاريخ الفن والأدب.
رواية "الأرض" واحدة من أهم وأشهر الروايات المصرية التى جسدت لفترة الاحتلال، ومأساة الفلاحين فى الريف المصري في تلك الحقبة، وتعد ملحمة أدبية خالدة للأديب الكبير عبد الرحمن الشرقاوي، الصادرة لأول مرة عام 1954، واعتبرها العديد من النقاد النموذج الأبرز لمذهب الواقعية الاشتراكية، فأبطالها يسكنون ذاكرتنا جميعا، حيث أضافت الأرض كثيرًا إلى الرواية العربية واعتبرها العديد من النقاد النموذج الأبرز لمذهب الواقعية الاشتراكية، قدم فيها "الشرقاوى" القرية المصرية - ولأول مرة ــ بعيدًا عن النظرة الرومانسية التي صورتها جنة زاهية، ليضع أيدينا على ما كان يصيب الريف وناسه من تناقضات الإقطاع والاحتلال والفساد، التي وصلت بهم إلى حدود الصراع من أجل البقاء.
تتمحور رواية الأرض للأديب الكبير عبدالرحمن الشرقاوى منذ بدايتها حول ثلاث شخصيات رئيسية وهم "عبدالهادى ومحمد أبو سويلم ووصيفة"، وعدة شخصيات ثانوية هم "محمد أفندي، وخضرة، وعلواني، والشيخ يوسف، والشيخ الشناوي، والعمدة ودياب، وشيخ البلد، ومحمود بك، والمأمور، والناظر حسونة، إضافة إلى الشيخ شعبان الذى يظهر فى الثلث الأخير من الرواية والذى يغيب بعد أن يؤدى الدور الذى وجد لأجله فى الرواية لدفع الأحداث في منطقة معينة رغم عدم تمهيد المؤلف لظهوره من البداية والذى جاء مباغتًا، وكذا الشاويش عبدالله، وصول البندر، وعم كساب سائق العربية الحنطور".
والكاتب والأديب عبدالرحمن الشرقاوي، ولد في 10 نوفمبر 1920، بمحافظة المنوفية، ورحل عن عالمنا في 24 نوفمبر 1987، بدأ تعليمه في كتاب القرية التي كان يعيش فيها "الدلاتون"، تأثّر الراحل بالحياة الريفية التي عاش بها، واحتكاكه بحياة الفلاح، وهذا ما جعله يتمرد على الأوضاع الاجتماعية والسياسية، وكان دافعًا وراء كتابته للعديد من الأعمال الأدبية.
الشرقاوي تميز في مجال التراجم الإسلامية وقد بدأها بكتاب محمد رسول الحرية، وله أيضًا، عدة مؤلفات في هذا المجال من ضمنها الفاروق عمر، علي إمام المتقين، الصديق أول الخلفاء، عثمان ذو النورين.
تعلم الشرقاوي في جامعة الملك فؤاد الأول وتخرج في كلية الحقوق، حيث بدأ حياته العملية في مهنة المحاماة، ثم دخل الحقل الصحفي وعمل بالعديد من الصحف المصرية منها: الطليعة، مجلة الفجر، وروز اليوسف الذي عمل بها رئيس تحرير لمدة معينة، ثم عمل بصحيفة الشعب والجمهورية.
كان يحب الأدب جدًا، وهذا ما جعله يقرأ لعظماء الأدباء في عصره ومن هذا المنطلق كتب العديد من الروايات منها: الأرض عام 1954 التي تحولت لفيلم سينمائي من بطولة محمود المليجي، وعزت العلايلي، واختيرت هذه الرواية ضمن 100 فيلم سينمائي حيث صنفت في المركز الثاني، ثم رواية قلوب خالية عام 1956، ثم الشوارع الخلفية عام 1958، وأخيرا الفلاح عام 1967.