وفقاً لمعلومات المسئولين فى قطاع البترول وكذلك الخبراء والمسئولون السابقون، فإن الزيادة التى تمت فى أسعار المنتجات البترولية، لن تكون الأخيرة، بل هناك زيادات أخرى حتى ينتهى دعم المنتجات البترولية وتتساوى أسعار تلك المنتجات بأسعار التكلفة.. بل إن البعض يتحدث عن تحقيق هوامش ربح مستقبلاً فى أسعار بعض المنتجات البترولية.
أيا كان الأمر، فإن الزيادات الأخيرة فجرت مشكلة خطيرة، وهى كم تكون تكلفة كل منتج وعلى أى أساس يتم حسابه.
المسئولون الحاليون، فى قطاع البترول، وفى مقدمتهم المهندس طارق الملا وزير البترول تحدث عن أرقام مختلفة للتكلفة من وجهة نظر هيئة البترول.
وجاء فى أرقامهم أن تكلفة بنزين ٩٢، تصل إلى نحو ٦٥٠ قرشاً للتر، وبعد زيادة سعره مؤخراً إلى ٥٠٠ قرشاً، فإن الدولة لا تزال تدعم بنزين ٩٢ بنحو ١٥٠ قرشاً للتر وفقاً للعوامل المحددة للتكلفة فى موازنة ٢٠١٧- ٢٠١٨، وعند ثبات الأسعار العالمية لبرميل البترول عند ٥٥ دولاراً للبرميل.
هذا الرقم الذى أعلنه وزير البترول لتكلفة بنزين ٩٢ وهو ٦٥٠ قرشاً للتر، هناك من يتحفظ عليه من داخل قطاع البترول دون ذكر أسماء - ويرون أن التكلفة أقل من ذلك خاصة وأن سعر لتر بنزين ٩٥، وهو ٦٦٠ قرشاً الآن، والذى قال عند خالد عثمان نائب رئيس هيئة البترول للتجارة الداخلية إنه غير مدعم منذ سنوات، يحتم أن يكون سعر بنزين ٩٢ والأقل فى الجودة والمواصفات أن يكون أقل سعراً من سعر بنزين ٩٥، أى أن هناك مبالغة فى رقم ٦٥٠ قرشاً للتر بنزين ٩٢.
وبينما يرى هؤلاء أن سعر تكلفة لتر ٩٢ أقل من ٦٥٠، فهناك عدد من المسئولين السابقين وأبرزهم المهندس أسامة كمال وزير البترول الأسبق والمهندس محمد شعيب رئيس الشركة القابضة للغازات الطبيعية الأسبق، يرون أن تكلفة سعر لتر بنزين ٩٢، تتراوح ما بين ٩ و١٠ جنيهات.
وهؤلاء يقدرون ذلك على أساس الأسعار العالمية للبنزين فى البورصات العالمية.
وما بين هذا وذاك تقول مصادر بترولية أن الحساب إجمالاً لا يتم بالأسعار العالمية فقط، ولكن يدخل فى حساب التكلفة، سعر الزيت الخام المنتج محلياً، والذي عادة ما تكون تكلفته أقل من سعر الخام عالمياً.
وكذلك انخفاض تكلفة التكرير فى المعامل المحلية وتكلفة النقل، وحساب نحو ٤٠٪ من المكونات بالأسعار العالمية وهى للخامات المستوردة التى يتم تكريرها فى المعامل المحلية، وفى داخل المكونات أيضاً أى كميات البنزين المستوردة.
وأياً كانت حسابات المسئولين الحاليين فى قطاع البترول أو الخبراء والمسئولين السابقين، وكذلك تلاشى الفرق بين تكلفة بنزين ٩٢ وسعر بنزين ٩٥ بالأسواق الآن، فإن المعايير المحاسبية لتحديد تكلفة بقية المنتجات البترولية لا يزال يدور حولها خلاف أيضاً.. فبينما يقول المسئولون بقطاع البترول إن تكلفة لتر السولار تصل إلى ٥٥٠ قرشاً للتر وقد تم رفع سعره مؤخراً إلى ٣٦٥ قرشاً، مما يعنى أنه يتم دعم بعد زيادة الأسعار بنحو ١٨٥ قرشاً.. وكذلك اسطوانة البوتاجاز، يقول مسئولو قطاع البترول أن التكلفة تصل إلى ١١٥ جنيهاً بينما تم رفع سعرها مؤخراً إلى ٣٠ جنيهاً.
ووفقاً للخلافات الدائرة حول تقديرات تكلفة بنزين ٩٢، فإن ذلك يمتد أيضاً إلى أرقام التكلفة التى أعلن عنها مسئولو البترول.
فهناك من يرى أنها أقل وهناك من يرى أنها أكثر وعلى هذا فإننه من الواجب نتوقف عند قضية تكلفة أسعار المنتجات البترولية المختلفة، والقواعد المحاسبية الحاكمة لها، التى تتطلب ضرورة تشكيل لجنة قومية محايدة لتحديد أرقام تكلفة كل منتج بترولى.
حتى نحافظ على حقوق الدولة، وكذلك عدم الجور على حقوق المستهلكين الذين طالتهم تأثيرات الزيادات الأخيرة فى أسعار المنتجات البترولية.
نطالب بهذه اللجنة لتحقيق توافق حول حساب أسعار تلك المنتجات، التى سوف يتحملها المستهلك مستقبلاً، مع الكشف عن كيفية التصرف إذا ما زادت الأسعار العالمية للبترول عن المعدلات الحالية وأدت إلى زيادات ضخمة فى أرقام التكلفة.
وبمزيد من الشفافية فإن رقم ٦٥٠ قرشاً للتر ٩٢ وفقاً لعوامل التكلفة الحالية، قد يزيد ويتحرك إذا مازادات الأسعار العالمية للبترول، لكن فى المقابل هل من الممكن أن تنخفض التكلفة إذا ما تراجعت الأسعار العالمية للبترول الذى تدخل ضمن مكونات التكلفة، وبالتالى ينخفض السعر بالنسبة للمستهلك؟
إذن نحن أمام قضية مهمة، وهى قضية تكلفة المنتجات البترولية، ونري ضرورة الكشف التفصيلى عن كيفية تحديد التكلفة بنداً بنداً.. حتى يعلم المواطن كم تتحمل الدولة فى هذا المنتج، وبالتحديد ما نسبة تكلفة الزيت المحلى فى المنظومة الحسابية؟ وما نسبة تكلفة التكرير والنقل والتوزيع؟
وما نسبة الأجور فى تكلفة المنتج؟ وأى أجور هل هى شركة تكرير أم أجور العاملين بهيئة البترول وغيرها أم أجور بمعيار شركات القطاع العام أم الشركات الاستثمارية؟ أم نسبة الأجور محدودة التكلفة؟ وما هى نسبة الضرائب فى تكلفة كل منتج؟
وأخيراً.. ما نسبة تكلفة المنتجات المستوردة فى تحديد التكلفة النهائية؟
تلك أسئلة يعتبرها قطاع البترول سراً، إلا أننا نقول انتهى هذا العصر الذى كان يعتبر قطاع البترول فيه كتاباً مغلقاً لا ينبغى أن يعرف عنه الشعب أى شىء.
فقد آن الأوان للمزيد من المصارحة والمكاشفة، وهذا ما نطالب به رئيس الوزراء المهندس شريف إسماعيل وكذلك المهندس طارق الملا وزير البترول، وكافة المسئولين بقطاع البترول.. نطالب بذلك لأن هناك من يتحدث عن أن قطاع البترول لا يزال يخفى الكثير والكثير، ليس حول المعايير المحاسبية لتحديد تكلفة المنتجات البترولية وإنما غياب للشفافية فى قضية احتياطات الزيت والغاز الطبيعى، وتحديد الخيوط الرفيعة ما بين الاحتياطى المؤكد والاحتياطى المرجح؟
هناك من يطالب بالكشف عما يدفعه قطاع البترول فى شراء حصة الشريك الأجنبى فى الزيت الخام وبخاصة فى مشروعات الغاز الجديدة لتحديد صافى العائد لتلك المشروعات.
نطالب بالشفافية الكشف عن كيفية تحقيق الانضباط فى سوق أسطوانات البوتاجاز والكشف عن المافيا التى تتلاعب فيه، حتى نضمن وصول الأسطوانة بسعر ٣٠ جنيهاً للمستهلك.
نطالب بالشفافية والكشف عن إعطاء تراخيص مستودعات أسطوانات البوتاجاز، وحقيقة وجود فساد فى هذه المنظومة.
وما هى نسبة سيطرة القطاع الخاص على سوق البوتاجاز ومصانع التعبئة؟
نطالب وزير البترول، بالكشف عن أسباب عدم تحقيق خطة توصيل الغاز الطبيعى للمنازل إلى ما بين ٨٠٠ ألف وحدة ومليون وحدة منزلية فى العام، وتراجعها إلى أقل من ٦٥٠ ألف وحدة منزلية فى العام الأخير.
نطالب بالكشف عن المشاكل التى تعرقل هذه الخطة حتى يمكن حلها لحصار الاستهلاك الضخم فى أسطوانات البوتاجاز، وبالتالى حصار المافيا التى تسيطر على هذا السوق.