الخميس 2 مايو 2024

قهر المرأة للمرأة .. ضرب و"سباب" وحكم جزافي ونظرات تنمرّية

مقالات30-4-2022 | 09:33

- النظرة الذكورية فى المجتمع وراءها نساء لم ينشئن أولادهن بشكل متزن

- الوصاية الدينية والاجتماعية تدعيها نساء تم قهرهن فى مجتمعاتهن

 

كل من يظن أن النظرة الذكورية ضد المرأة يقف خلفها الرجال فقط، مخطئ، فالحقيقة الجلية أن هناك الكثير من نظرات التحيز والتمييز ضد المرأة هى نظرات من قبل نساء مثلها فى المجتمع، ولاعجب أن نتذكر كم من امرأة ظلمت امرأة عن تعمد وقصد، تختلف الأسباب وتختلف الأساليب والطرق وتبقى المرأة تكافح وتناضل ضد هؤلاء وهؤلاء، وهل من الممكن أن نحصر أسباب ذكورية المجتمع ضد المرأة فى أن خلفها سطوة رجال المجتمع أم أن خلفها أم ربت تربية مختلة فقسمت قسمة جائرة بين إناثها وذكورها داخل بيتها؛ ليخرج إلى المجتمع الآلاف من غير المتزنين رجالا ونساء يستكثرون على المرأة حريتها ونباهتها ونجاحها.

سريعا تتفاقم مشاجرة داخل عربة السيدات بمترو الأنفاق لتنتهى إلى سب واشتباك بالأيدى، أما القصة فلعلها تحدث كل يوم، ليس شرطاً أن يكون مسرحها الدائم عربة السيدات بالمترو، وإن كانت المساحة الضيقة والمشوار الطويل فى عربة كلها ستات مع بعضهن تكن مكانا خصباً للانتقاد والخلاف، ألا نذكر تلك المرأة المنتقبة التى قامت بإحضار مقص وقصت شعر فتاة راكبة معها بالمترو لمجرد اعتراض المنتقبة على إسدال الفتاة لشعرها وقت حكم الإخوان لمصر!

نعم تتكرر القصص كل يوم نساء يردن الحرية فى ملابسهن وكلامهن وطريقتهن فى الحياة، ونساء ينظرن لهن بنظرات استغراب وتربص وحقد يعطين لأنفسهن حق الانتقاد والتدخل والتوجيه، وكأن المجتمع قد وظفهن شرطيات مراقبة على الفضيلة، يمنحن صكوك الرضا لشبيهاتهن ويمنعن القبول لأخريات يختلفن عنهن، أعطين لأنفسهن هذا الحق تارة بحكم كبر سنهن أو ربما مكانتهن داخل محيط العائلة، فجعلن من أنفسهن أوصياء ليكسبن رضاء مجتمعهن أو ليشعرن بالأفضلية أو ليسحقن أى رغبة لديهن أو حلم ذات يوم فى فعل كل ما ينتقدنه اليوم!

المشادة اللفظية داخل عربة السيدات تطورت إلى اشتباك بالأيدى انتهى داخل قسم الشرطة، السيدة المعتدية على فتيات داخل المترو وصفت ملابسهن بالفاضحة، وردت الفتيات مدافعن عن أنفسهن بأن هذا لا يعنيها وأنهن لا يشرفهن أن يتقبلن منها أى نصيحة، ولا أن تكون بمثابة أمهن الناصحة، وتطور الأمر إلى أن اعتدت الحانقة الواصية بالضرب عليهن فى مكان عام وأمام العيان.

هذه القصة لا تمثل إلا القليل جدا من المعلن عنه من قصص لسيدات وفتيات يحكين لى عن حوادث مماثلة، إلا أنها لم تصل إلى حد الاشتباك، وإن وصلت لا تصل إلى الرأى العام ولا يتم تصويرها! فكم نظرة كارهة تتعرض لها فتاة تدخل إلى عربة المترو ويصادف أن لا تعجب ملابسها هوى الراكبات المحجبات أو المنتقبات مثلا، حتى إن سكتن فالعيون فاضحة والغمز واللمز يفيان بصنع هذا الجو الإرهابى العدائى ضد من تخرج عن السرب أو تحاول التأنق على طريقتها! لتنتبه أنها داخل عربة السيدات بالمترو ولم تركب عربة الرجال بالخطأ!

للأسف نجد قهر المرأة للمرأة يزداد كل يوم فى قصص عدة فى مختلف المجتمعات وبين كل الطبقات..

ولكن متى تنتهى هذه النظرة الذكورية من المرأة للمرأة؟.. إلى متى تستمر المرأة عبئاً على كاهل أحلام كثيرات بالحرية والتميز والنجاح لتضع أمامهن عراقيل التمييز والظلم والعرف والعادات البالية والتطرف الدينى والمغالاة فى إطلاق الاحكام دون حجة منطقية؟..

تحدثت مع الدكتورة منى الحديدي (أستاذ علم الاجتماع المساعد بكلية الآداب جامعة حلوان) حول ظاهرة المرأة التى تقهر المرأة وتصنع من نفسها واصية ضد النساء تتماهى مع مجتمع ذكورى لتحقق مآرب فى نفسها..

تجاوبنى دكتورة منى قائلة: "أريد أن أؤكد أن من أنتج المجتمع الذكورى هى امرأة تميز بين أولادها لاسيما بين الولد والبنت فى كل شىء يعنى الولد له مطلق الحرية فى الخروج والدخول للبيت لكن البنت لا.. حتى فكرة تقسيم الاكل فى القرى والنجوع فكرة "المناب" هتلاقى مناب الولد من الأكل أكثر من البنت أو الست وهو له النصيب الأكبرمن كل شىء"!

د. منى الحديدي

النهارده حتى اليوم لو أسرة بسيطة هتفضل أن الولد هو من يتعلم بينما البنت تجلس منتظره الزواج وهو ماتؤكده نسب الأمية نجدها بين الاناث مرتفعة أكثر من الذكور حتى فى التعليم العالى والشهادات العليا تجدى أن الأسر المصرية تصرف على تعليم الرجل للحصول على الماجستير والدكتوراه ولا تصرف على البنت داخل الأسرة.

هذا التمييز وهذه النظرة الذكورية فى كل حقوق الحياة وراءها أمهات جاهلات يظلمن بناتهن أو يرضين بالظلم لنساء غيرهن.

رفاعة الطهطاوى عندما سافر إلى أوربا رجع وقدم كتاباً مهماً جدا اسمه "المرشد الامين فى تعليم البنات والبنين"، يطالب بالمساواة فى التعليم بين الرجل والمرأة فى كافة العلوم العلمية والفكرية ولكن للأسف حتى اليوم لا نجد هذا الإيمان الكامل من قبل المجتمع بحق المرأة فى التعليم والعمل والحياة والملابس خاصة فى القرى والنجوع.

للأسف المجتمع بما فيه المرأة النهارده يمارس ضد المرأة القهر من وجهة نظر المرأة القاهرة لغيرها من النساء أنها تعتقد امتلاكها للحقيقة وأنها الصح وغيرها من النساء خطأ!

كذلك هناك رغبة من بعض النساء فى خلق قوالب شبه بعضها أو أنماط شبه بعضها من النساء فى المجتمع عاوزه كل الستات زيها فى لبسها وتعليمها وربما حظها السئ فى الحياة!عملية اسقاط على الآخرين لاتريد لغيرها الا ما حصلت عليه أو بعضهن يستكثرن على غيرهن من النساء ماحصلن عليه فى ظروف اخرى!فنجدها مشككة فى نجاح امرأة مثلها وتفكر مرات كثيرة قبل أن توصى بامرأة مثلها لمنصب أو لمركز مرموق الا قليلات من النساء المتزنات الفاهمات اللاتى يؤمن بالمرأة وفرصها بالتساوى مع الرجل بل وتجدهن يفتحن الأبواب أمام غيرهن فى رحابة صدر ورجاحة عقل.

كذلك للأسف هناك الكثير من النساء اللاتى يسكتن على حقوقهن ويرضين بالتنازل عن نجاحهن أو كفاحهن أو منصبهن حتى تريح نفسها من صداع مجتمعى يستكثر عليها ذلك بل ويتهمها أحيانا أن اهتمامها بعملها وأحلامها هو ضد بيتها وأولادها مع العلم أنه عندما تم اجراء دراسة حديثة لسيدات ناجحات فى أعمالهن صاحبات مناصب وجدن أغلبهن متزوجات وناجحات للغاية داخل بيوتهن وأسرهن لأنهن يحاولن تقديم أفضل الرعاية بل اهتمام زائد بأولادهن ومن حققن النجاح فى المجال العام تكن ناجحة داخل أسرتها لتعويض أى وقت تقضيه فى العمل ووجدت ذات الدراسة ان أغلب الشباب المنحرف المتعاطى للمخدرات نسبة غير قليلة منه وجدت الدراسة أن أمهاتهم لايعملن وربات بيوت

اليوم أيضا نجد الوصاية الدينية من قبل بعض النساء على نساء مثلهن واليوم هذا لم يعد نافعا لابد أن نتشارك جميعنا لتغيير الصور النمطية الرجعية أو المتطرفة أو حتى الصور النمطية القبيحة فى المجتمع من سلوك وأخلاق وثقافات معادية للغير كل ذلك لابد أن يتغير لصحة مجتمع بل صحة مستقبل مصر وأولادها.

Dr.Randa
Dr.Radwa