قال الدكتور أحمد جمعة عبد الغني حسن الخبير الاقتصادي وأستاذ الاقتصاد بجامعة الزقازيق، إنه من الصعب التكهن بقرار البنك المركزي المصري القادم وإن كان المرجح مزيدا من الرفع لتفادي تناقص الفائدة الحقيقية مع ارتفاع معدلات التضخم بشكل كبير وهناك توقع بأن يشهد سوق أدوات الدين في الأسواق الناشئة تخارج كبير من قبل الأجانب، وذلك لأن السوق الأمريكي سيوفر لهم عائد جيد ونسب منخفضة من المخاطرة مما يضغط على مصادر العملة الأجنبية محليا، ويقلل من قيمة عملات الاسواق الناشئة مما يرفع أسعار السلع، ونشهد زيادة أخري في معدلات التضخم، بالإضافة إلى تذبذب كبير في أسعار الذهب عالميا.
وأضاف خلال حديثة لبوابة دار الهلال، أن رفع سعر الفائدة من قبل الفيدرالي يعنى مزيدا من الضغوط على الدول المدينة التي ستكون مضطرة إلى سداد أصل وفوائد الديون بعملة الدولار.
وأشار إلى أن تكلفة الاقتراض في ظل اتجاه البنوك المركزية العالمية لزيادة أسعار الفائدة بدايةً يمثل الدين الخارجي البالغ 145 مليار دولار بنهاية الربع الثاني من العام المالي الجاري 2021/ 2022 حوالي 30% من حجم الناتج المحلي الإجمالي لمصر والذي يبلغ 460 مليار دولار، فهناك ضرورة لاستغلال المنح والقروض التي نحصل عليها من الخارج في تمويل مشروعات ذات عائد ووفقًا لجدول زمني محدد، ووضع حد أقصى لسقف الدين.
وأكد على ضرورة وضع استراتيجية جاده لخفض الدين العام على المدى المتوسط، ومد آجال استحقاق الديون، ولخفض حجم الدين الخارجي فعلينا السعي نحو تحقيق هدف ذات أهمية كبيرة وهو تشجيع الاستثمارات المحلية وتحفيزها " القطاع الزراعي والصناعي تحديدا ".
وثمن اقتراح انه يمكن للدولة أن تطور سياسات الاستثمار بما يجعل هذه السياسات شريكة للمؤسسات المالية الوسيطة في تعبئة المدخرات المحلية، وفى توجيه هذه المدخرات مباشرة للاستثمار الإنتاجي. كأن تنشئ الدولة مثلا جهازا مستقلا لتلقى اكتتابات صغار ومتوسطي المدخرين، ثم تستخدم هذه الاكتتابات في تأسيس مشروعات إنتاجية تُختار بعناية تنموية فائقة. وعند اضطلاع أجهزة الدولة بهذا الدور، ستكون كالحاضنة التي تأخذ، مؤقتا، بيد صغار المدخرين والمستثمرين، كي يستطيعوا السير بمفردهم على الطريق الصحيح للاستثمار التنموي. وعلى الجانب الاخر وبهدف تحقيق التوازن الاقتصادي الخارجي، يقع على الدولة عبء تشجيع الصادرات، مثلما يقع عليها عبء الوقوف أمام تغول أنشطة الاستيراد، وخصوصا الترفي منها.
ومن أجل تشجيع الاستثمارات المحلية وتشجيع الصادرات، أكد أن الحكومة عليها أن تقود تأسيس المناخ للقطاع الخاص وإذا فعلت ذلك سنجد أن القطاع الخاص يتبع استثمار أكثر وتشغيل أكثر ولن يقتصر ذلك على القطاع الخاص المصري فقط بل سيمتد إلى القطاع الخاص الخارجي، والذى سيضخ استثمارات، وهذا يدفعنا لتوضيح "الأسس العلمية لتدخل الدولة في الاقتصاد"، فتدخل الدولة في الاقتصاد لا يمكن الاستغناء عنه، لأنه في ظل غيابها ستحصل الفوضى والأزمات الاقتصادية التي أثبتتها التجارب، وهذا ما لا يقبله منطق، وعليه لابد من وجود تدخل للدولة بشرط أن يكون هذا التدخل مبني على أسس علمية، حيث أن الأصل في العلاقة هو التكامل والمشاركة وليس التنافس.
وأشار إلى أن التحدي الحقيقي في إيجاد التوازن المعقول بين دور الدولة في مقابل آليات السوق وبين النشاط الحكومي وغير الحكومي وألا يكون هذا التدخل في صورة تأميم أو مصادرة أو القيام بكل الأدوار فهناك حدود لتدخل الدولة، فمن الممكن أن تتدخل الدولة في الاقتصاد إلى الحد الذي يفضي إلى غياب عامل "المنافسة". وبعبارة أخرى عندما تغيب المنافسة بفعل تدخل الدولة لابد أن تتوقف هذه الاخيرة عن التدخل حتى يتم ضمان استمرار سير النظام الاقتصادي إذ إن استمرار التدخل دون مراعاة المنافسة سيشوه آليه سير النظام الاقتصادي.
وأكد أنه يجب أن تتدخل الدولة لمحاربة الاحتكار خاصة أن الاحتكار تعاظم خلال السنوات الأخيرة لبعض السلع ما أدي إلى انخفاض جودة هذه السلع وزيادة أسعارها بشكل غير مبرر، ولان هذا الاحتكار سيشوه آلية سير النظام الاقتصادي ايضاً ويفضي إلى ما يعرف بـ "اخفاق السوق" في حال لم تتدخل الدولة لإنهاءه. ويمكن القول إن حدود التدخل ينبغي ان تكون مقصورة على مناطق الاخفاق وليس الاقتصاد برمته لأنه في حال إطلاق حدود التدخل سيؤدي إلى تعميم الاخفاق في الاقتصاد، وعليه لابد أن تلتزم الدولة بحدود التدخل طبقاً للمطلوب وليس لما ترغب، وتتدخل الدولة أيضا لإقامة المشروعات الضخمة ذات المخاطر العالية التي لا يستطيع القطاع الخاص القيام بها. وضرورة أن تتدخل الدولة لحماية الفقراء وأصحاب الدخول المحدودة.
وأكد الدكتور أحمد جمعة عبد الغنى إن واجب الوقت هو تذكير صانع السياسة الاقتصادية بأن السياق التنموي الراهن للاقتصاد المصري يجب الاهتمام بمؤشرات العدالة الاجتماعية حيث يُعد تعزيز مؤشرات العدالة الاجتماعية من الأدوار المحورية للدولة التنموية. ولذلك، فالدولة يجب ألا تألو جهدا للدفاع عن مقومات العدالة الاجتماعية، ما وجدت لذلك سبيلا، وأن العدالة الاجتماعية الرشيدة لا تعمل على رفع الطبقات الفقيرة فوق خطوط الفقر فقط؛ بل هي تسعى للحفاظ على مقدرات الطبقة الوسطى من التآكل، كما تعمد، في ذات الوقت على أن تتقارب الطبقات الاجتماعية فيما بينها، وكي لا يتسبب تباعدها عن بعضها في ضرب جهود التنمية الاقتصادية في مقتل.
ونوه إلى أن مناخ الاستثمار والتنمية في مصر يحتاج إلي الجدية والاستدامة، والقدرة علي تقديم منتج منافس محليا ودوليا، ويجب على المجموعة الاقتصادية تدشين خريطة جديدة تكفل فرصا استثمارية حقيقية لرجال الأعمال والمستثمرين المصريين والعرب والأجانب، تمكنهم من خلق بيئة تنموية حقيقية قادرة على خفض معدلات البطالة، و خلق فرص عمل حقيقية تناسب الشباب.