الأربعاء 29 مايو 2024

مطلوب ثورة على من احتلوا الأرصفة

12-7-2017 | 14:55

لم يعد بمقدور أحد وهو يسير على قدميه بأحد شوارع القاهرة في أي من أحيائها إلا أن يجد نفسه قسرًا داخل مقهى بلدي، أو "كافيه"، أو محل، أو جراج أو غير ذلك من الأنشطة التجارية، التي قفزت في غيبة من الدولة، أو تغاضت عنها الأحياء، على حق المشاة في السير على رصيف آمن يستمتعون بالمرور عليه. 

حق مكتسب

المثير للدهشة حقًّا أن هذه المخالفات تتم تحت سمع وبصر مسئولين الأحياء؛ بل وبضوء أخضر منهم؛ هذا ما أكده "أحمد. م" صاحب محل ملابس بأن افتراش الأرصفة بالبضاعة يتم بمعرفة موظفين في الحي الذين يتقاضون مقابل ذلك "شهرية" على حد تعبيره، ووافقه الرأي "أحمد.ف"، صاحب محل أحذية بأن موظفين بالحي يسمحون له باستغلال الرصيف مقابل توفير احتياجات أسرهم من الأحذية والشنط التي يبيعها في المحل.

واعتبر " م. السوهاجي" صاحب كشك إغلاق الرصيف بالبضاعة حقًّا مكتسبًا؛ حتى لا يمر المشاة على الرصيف، تحت زعم ضيق مساحة الكشك، التي لا تزيد على أربعة أمتار، ولا تتسع لعرض البضاعة؛ قائلًا: "الشارع واسع جات على الاتنين متر اللي قدام الكشك، عاوزين ناكل عيش ولا نسيب البلد ونمشي".

اختيار إجباري

منى أحمد ومعها طفلتيها تسير بهما في نهر الطريق في أحد شوارع مدينة نصر، أكدت لـ"الهلال اليوم" أنها مضطرة للسير وسط السيارات، معرضة نفسها وطفلتيها لخطورة السير وسط الطريق؛ حتى تنجو من السير وسط المقاهي، التي استولت على رصيف الشارع، ولم يعد هناك مكان للسير سوى وسط هذه المقاهي.

وفضل أحمد حسن، العائد من عمله منهك ألا يصعد الرصيف، ثم يضطر إلى الهبوط أمام المحلات، والكافيهات؛ حتى لا يعكر صفو الجالسين من الرجال والسيدات الذين يدخنون الشيشة، ويلعبون الطاولة وغيرها؛ مستسلمًا للسير في نهل الطريق؛ حيث لا يوجد بديل آخر.

وترفض نور محمد السير وسط الكافيهات، والمطاعم، ومحلات العصير؛ التي احتلت حق المشاة، ولا تعطي الطريق حقه؛ ما يمنع أي سيدة من السير في هذه الأماكن؛ حتى تنجو بنفسها من نظرات الجالسين، والمتسكعين من العاطلين على المقاهي.

فيما نأى محمد فتحي بزوجته وأطفاله الثلاثة عن السير عن الرصيف، معربًا عن استغرابه الشديد من سيطرة المقاهي والمحلات، والباعة الجائلين على طرق المواطنين، متسائلًا؛ كيف تسير أسرة كاملة وسط هذه المقاعد، والجالسين عليها.

أرصفة عشوائية

فيما كشف اللواء مهندس سيد خليل رئيس حي منشأة ناصر، عن أنه لا يوجد رصيف واحد في مصر تم تنفيذه بطريقة هندسية سليمة، مشيرًا إلى أنه لا بديل عن توعية أصحاب الأنشطة التجارية؛ من محلات وأكشاك وغيرها بما لهم من حقوق، وما عليهم من وجبات تجاه الآخرين، مشددًا على الدور الإيجابي للمواطنين في التعامل مع مثل هذه الظواهر السلبية؛ لمساعدة المسئولين في تنفيذ القانون، مع اتخاذ الإجراءات القانونية حيال المخالفين من غرامات، وإزالات، وغيرها وجميع العقوبات القانونية الرادعة التي كفلها القانون.

مؤكدًا على أن تطبيق القانون كافٍ للقضاء على هذه الظاهرة، موضحًا أن عقوباته رادعة كافية جدًا، ولا ينقصها سوى التطبيق.

مضيفًا أن المحافظين ورؤساء الأحياء مظاليم، وخاصة محافظ القاهرة المهندس عاطف عبد الحميد؛ حيث إن حجم الجهد المبذول في العاصمة وأحيائها غير عادي، مشددًا على ضرورة تكاتف الجميع من مواطنين، ومجتمع مدني، ومسئولين لضبط إيقاع الإدارة المحلية. 

فيما شدد المهندس مصطفى عبد العزيز رئيس حي شرق مدينة نصر، على ضرورة تحديد أماكن بديلة للباعة الجائلين يتعايشون منها، بحيث يبتعدون عن طريق المشاة، ولا تسببون في عرقلة المرور، مطالبًا بضوابط أكثر شدة في التعامل مع المخالفين من أصحاب الأكشاك والمحلات والمقاهي الذين يفترشون الأرصفة بدون وجه حق، ومزيد من التشريعات والعقوبات الرادعة للمخالفين للقانون.

عقوبات رادعة     

وأوضح النائب محمد عطية الفيومي عضو لجنة الإدارة المحلية بمجلس النواب، أنه لا يوجد أي قصور تشريعي، في هذه الجزئية التي تتعلق باستغلال الأرصفة، وعرقلة المرور، في القانون، منبهًا أن رؤساء الأحياء لديهم سلطة الإزالة، والغلق، فضلًا عن غرامات الإشغال القاسية، والحجز الإداري؛ الذي يترتب عليه الحبس؛ ملقيًا بالمسئولية على رؤساء الأحياء الذين لا يمارسون سلطاتهم التي كفلها لهم القانون؛ ما يؤدي في النهاية لتفشي مثل هذه الظواهر السلبية، التي يعاني منها المواطن.

وأرجع الفيومي تفشي هذه الظاهرة لتأخر قانون المحليات، وعدم وجود المجالس المحلية؛ بسبب تأخر الانتخابات، وغياب الرقابة المحلية عن مسئولين المحليات.