أحمد البيطار
بات النبش في تجمعات القمامة، مهنة رئيسية يمتهنها كثير من العاطلين والمهمشين والفقراء لتلبية متطلباتهم اليومية، فلا تجد مستنقعًا لتجمع القمامة إلا وجدت عددًا من النباشين يتصارعون على فرز المواد الصلبة لبيعها لمصانع تدوير القمامة لتدر عليهم دخلاً ماليًا لا بأس به.
مهنة النبش لا تشترط سنًا معينًا فيعمل بها الأطفال والفتيات في سن الزواج والشباب ولا يخلو المشهد من كبار السن ورب الأسر، ربما يترك مئات الأطفال تعليمهم من أجل الحصول على حفنة من النقود شهريًا مقابل للنبش في مخلفات المنازل.
كنز مهمل
بحسب خبراء التنمية المحلية، فإن النباشون أغلبهم من المناطق الشعبية والعشوائيات التي تسكن المناطق المتطرفة والقبور، ويذهب الخبراء أيضًا إلى أن هذه المهنة يتحكم بها مجموعة من التجار والبلطجية الكبار يوزعون العملون على المناطق التابعة لكل شخص مقابل أجرًا زهيد، مؤكدين أن هذه المهنة تدر كثير من المال، مطالبين الدولة بضرورة وضع آلية للاستفادة من كل تلك المخلفات كما تفعل الدول الكبرى والتي تعتبر ثروة قومية مجهلة.
القمامة الملجأ الوحيد
"الهلال اليوم " التقى بمجموعة من النباشين, فجمال نادي,55 عاما, يقول إن المواد الورقية والكارتين الملقاة في أماكن الزبالة المنقذ الوحيد لحياتهم ولولاها لن يجد ما يطعم نفسه وأولاده.
وأشار إلى أن ابنه الصغير يعمل معه في جمع العبوات الكرتونية من الصناديق المخصصة للقمامة والشوارع من الساعة الثامنة صباحا وحتى آذان العشاء, ومع انتهاء اليوم نكون قد جمعنا حوالي 100كيلو من الكرتون يتم بيعه لصاحب المخزن بمبلغ40 جنيهًا.
وعلى بعد مسافات قليلة وسط عربات خشبية تجرها الخيول والحمير ودرجات بخارية محملة بالمخلفات من مواد ورقية وزجاجات مياه وعلب صفيح، ينبش الطفل محمد جمال,12عاما, بالصناديق بحثا عن الرزق وسط رائحة كريهة تكاد تجعل من يقترب منها للمرة الأولى أن يقع مغشيا عليه.
الأطفال أبطال المهنة
يقول الطفل محمد جمال:" أنا طلعت في الدنيا لاقيت نفسي فى الشغلانه دى أنا لما اشتغل أحسن ما أشحت أو أسرق.. الحلال مفيش أحسن منه".
وأضاف الطفل جمعة وحيد ,15عامًا:" أنه يواصل العمل الليل بالنهار فى جمع زجاجات المياة الفارغة وعلب الصفيح والمهم اللي عاوزه آخر اليوم أجرتي".
أما سيد زين,32 عامًا, يقول إن المستفيد الأكبر في تجارة القمامة هم أصحاب مخازن تجميع الكرتون والبلاستيك لأنهم يقومون ببيع ما نقوم بجمعه بأسعار أغلى من السعر الذي نسلم به المخلفات، وأصحاب المخازن لا يكتفوا بتجميع القمامة،فمن الممكن أيضًا بيع الخردة.
هيمنة التجار
إبراهيم محمد عثمان، صاحب أحد مخازن تجميع المخلفات, يقول يصل إلى المخزن يوميا حوالي 200 كيلو من القمامة المفروزة من النباشين الذين يعملون معي, وأقوم ببيعها إلى مصنع إعادة تدوير المخلفات بـ 4 أو 7 جنيهات للكيلو وأعطى للنباشين يومية من 40 إلى 50 جنيهًا.
وأثناء تجولنا لرصد ظاهرة النباشين، بادرنا أحد المواطنين ويدعى جمال محمود , ويعمل سائقًا قائلاً:" أنا لست ضد عمل النباشين فمن حقهم أن يعملوا ويجدوا مصدر للرزق في ظل حالة الغلاء المنتشرة".
حصار مجتمعي
أما محمد محي الجاحد, ويعمل محاميًا, يقول إن النباشين يتسببون في تشويه المظهر العام فى الشوارع والميادين العامة وزيادة مساحة أكوام القمامة بسبب فرزهم لها فلا بد من تفعيل قوانين رادعة.
وطالب محسن خميس, تاجر, الأجهزة التنفيذية بالقضاء على ظاهرة النباشين لأنهم يتسببون في انتشار القمامة في نطاق أوسع من النطاق المحدد لها ما ينتج عنه انتشار أمراض.
بركان الزبالين
شحاتة المقدس نقيب الزبالين, شن هجومًا حادًا على النباشين، معتبرهم أعداءً لجامعي القمامة في مختلف أرجاء الجمهورية، مستنكرًا التعامل معهم بأي شكل من الأشكال.
وقال "المقدس" إنه لا يمكن التعامل مع الزبالين بأي شكل من الأشكال، ولن نتوافق مهم على الإطلاق، لأن النباش يساعد على انتشار القمامة بشكل أكبر لأنه يأخذ منها المواد الصلبة ويترك باقي القمامة، ولكن الزبال الحقيقي أو متعهد الجمع السكني لابد من تدعيمه من أجل تجميع المواد الصلبة لإعادة تدويرها بطريقة سليمة.