الأربعاء 19 يونيو 2024

صوت العرب فى لندن

14-7-2017 | 16:52

بقلم – محمد الشافعى

بدأت إذاعة صوت العرب بفكرة من الزعيم جمال عبدالناصر.. بعد أشهر قليلة من قيام ثورة يوليو.. وكانت فترة البث قصيرة جداً لاتتجاوز النصف ساعة.. واستطاعت هذه الإذاعة الوليدة تحقيق نجاحات كبيرة وسريعة .. مما جعلها إحدى أهم آليات «القوة الناعمة» المصرية.. التى صنعت الدور المصرى العملاق عربياً وإقليمياً ودولياً.. ولن نتجاوز الحقيقة إذا ما قلنا إن إذاعة صوت العرب.. قد لعبت أدواراً شديدة الوطنية فى السلم والحرب.. ولذلك فإن التوقف أمام عطاءات وإنجازات صوت العرب.. أمر يصل إلى حد المستحيل

.. ومن هذا المنطلق سنتوقف فقط أمام موقف واحد سمعته شخصياً من الإعلامى الكبير أحمد سعيد.. الأب الروحى لصوت العرب.. ويحمل هذا الموقف الكثير من الدلالات التى تؤكد قيمة وقامة صوت العرب.. ويبدأ الموقف بعودة العلاقات الدبلوماسية بين مصر وبريطانيا.. ودعوة مجلس العموم البريطانى لوفد من مجلس الأمة المصرى لزيارة لندن.. وإجراء مباحثات بين البرلمانين.. وأرسل مجلس الأمة المصرى قائمة بأسماء أعضاء الوفد الذى سيسافر إلى لندن.. وبعد أيام قليلة جدا فوجىء رئيس مجلس الأمة بخطاب من مجلس العموم البريطانى يؤكد على ترحيبه بزيارة الوفد المصرى.. ويطلب رفع اسم الإعلامى أحمد سعيد- وكان عضواً فى مجلس الأمة - من الكشف.. بحجة أنه المحرض الأساسى والأكبر على قتل الجنود الإنجليز فى اليمن الجنوبى .. وكانت إنجلترا مازالت تحتل جنوب اليمن.. وكانت إذاعة صوت العرب تقوم بدورها العروبى .. المناهض للاستعمار فى كل أركان الوطن العربى .. واستطاعت صوت العرب أن تلهب حماس أهل اليمن .. لتشتد مقاومتهم للإنجليز .. وليتساقط جنود الإنجليز بين قتيل وجريح .

وتحول الأمر إلى أزمة تم عرضها على الزعيم جمال عبدالناصر .. فتساءل هل تمت إضافة اسم أحمد سعيد أم أنه كان موجوداً من البداية؟ وعندما علم أنه كان موجوداً من البداية.. أصدر أوامره إما أن يسافر الوفد بكامله أو يتم إلغاء الزيارة .. وقبل الإنجليز على مضض .. وعندما وصلت الطائرة التى تقل الوفد البرلمانى المصرى إلى مطار هيثرو فى لندن.. صعد كبير موظفى المراسم فى مجلس العموم.. واستأذن أن يخرج كل الوفد .. وأن يظل أحمد سعيد فى الطائرة لبعض الوقت.. لأن أهالى القتلى والجرحى من جنود الإنجليز فى اليمن.. قد تجمعوا فى مظاهرة حاشدة أمام المطار .. معترضين على وجود أحمد سعيد فى لندن .

وبعد مغادرة الوفد البرلمانى المصرى لمطار هيثرو .. استقل أحمد سعيد سيارة خاصة للذهاب إلى مقر إقامة الوفد.. والطريف أن الإعلامى الكبير أحمد سعيد كان محط الأنظار فى كل اللقاءات التى أجراها الوفد المصرى.. لدرجة أن رئيس الوزراء البريطانى قال له (أنت إنسان عادى تبتسم وتضحك وتتحاور بكل العقل والمنطق.. فلماذا كل الغضب والكراهية التى تبثها ضدنا فى اليمن) فرد أحمد سعيد ببساطة لأنكم محتلون.. وهذا الموقف يقدم العديد والعديد من الدلالات المهمة.. وأهمها مدى التأثير الذى كان يتمتع به صوت العرب عربياً وإقليمياً ودولياً.. ومدى الندية التى كانت تتعامل بها مصر مع الدول العظمى - والأهم أن إذاعة صوت العرب التى بدأت بنصف ساعة .. كانت قادرة على (تجميع العرب) .. والدفاع عن قضاياهم .. أما الآن فلدينا أكثر من ألف وخمسمائة فضائية عربية (تفرق العرب) .. بل إن بعضها يمثل (الطابور الخامس)متضامنا مع أعداء العرب.. فكل التحية والتقدير لصوت العرب.. ونتمنى أن تعمل الهيئة الوطنية للإعلام على توفير كل الإمكانات التى تعيد صوت العرب .. صوتاً لكل العرب.. قادراً على التأثير فى كل الدوائر المحيطة بنا.