الخميس 16 مايو 2024

كراماً كراماً

14-7-2017 | 19:15

بقلم – لواء د. نصر سالم

«من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر، وما بدلوا تبديلا» صدق الله العظيم.

هؤلاء هم رجالنا رجال مصر البواسل.. شهداؤها الذين قدموا من أجل ترابها كل غال ورخيص.

إن الشهيد هو من يخدم وطنه حيا وميتا، ففى حياته هو يحميها من أى معتد ويزود عنها بكل ما أوتى من قوة وفى مماته أى شهادته تباهى به أمته ووطنه كل الأمم وكل الأوطان ولسان حالها يقول «نحن أمة شهداء، نحن لدينا رجال يحرصون على الموت حرص عدوهم على الحياة».

ولازالت قولة خالد بن الوليد لكسرى فارس، عندما علم كسرى بتحرك خالد على رأس جيش المسلمين لفتح بلاد فارس، فأرسل إليه كتابا يقول له فيه: «ارجع خالد فإنى ملاقيك بجيش أوله عندك وآخره عندى» فرد عليه خالد برسالة تقول، «وأنا ألاقيك برجال يحرصون على الموت حرصك على الحياة».

من هؤلاء الشهداء الأبرار.. البطل الشهيد العقيد/ أحمد صابر محمد منسى. الذى كان مثالًا للشجاعة والإقدام طوال حياته العسكرية، ويذكر له أنه عقب استشهاد قائد الكتيبة السابق المقدم الشهيد/ رامى حسنين تقدم هو وقتها وكان يتولى قياة الكتيبة ٦٣ صاعقة بإنشاص، وطلب من قائد وحدات الصاعقة أن يوليه الكتيبة ١٠٣ صاعقة فكان له ما أراد، لأنه يملك كل المقومات المطلوبة لهذه الوظيفة.

ومنذ وصوله إلى أرض سيناء قام بتنفيذ العديد من المداهمات لأخطر المناطق التى يختفى فيها الإرهابيون، ونجح فى تصفية العديد من قياداتهم والقبض على البعض الآخر من العناصر التكفيرية شديدة الخطورة.

كما اشترك فى تأمين كل من ثورتى ٢٥ يناير ٢٠١١، و٣٠ يونيو ٢٠١٣.

وفى الساعة الثالثة وخمس وخمسين دقيقة من يوم الجمعة عندما قامت العناصر التكفيرية بمهاجمة الموقع بعدد من العربات المفخخة التى أحدثت موجاتها الانفجارية أثرًا تدميرًا كبيرًا فى أجزاء منه، فانطلق البطل على رأس رجاله يقودهم ويقاتل معهم تلك العناصر التكفيرية وتمكن من القضاء على العديد منهم، وسمع استغاثتهم فى طلب النجدة، ونقل جثث قتلاهم.

وكانت الأوامر المسموعة عبر الأجهزة اللاسلكية، كما رصدتها أجهزتنا هى ضرورة القضاء على قائد الكتيبة الذى يتمسك بموقعه ويمطرهم بنيرانه هو ورجاله، فركزوا كل نيرانهم عليه ليتمكنوا من إخلاء قتلاهم، وأصابت البطل إحدى رصاصات الغدر التى اخترقت رأسه لتفيض روحه الطاهرة إلى بارئها.

يذكر للشهيد أنه كان دائم الحديث عن طلب الشهادة وأنه دائمًا ما كان يوصيهم أن يدفن بنفس أفروله الذى ينال الشهادة وهو يلبسه وبالدماء التى عليه ولا يُكفن بشىء سواه.

لقد نال الشهادة وسط رجاله فى إباء وشمم وروى بدمائه الطاهرة حبات رمال سيناء.

تاركًا خلفه زوجة صابرة أبية وثلاثة من الأبناء، يحتضنون تراب مصر الطاهر وقلوبهم تهفوا إلى السماء، حيث يسكن أبوهم الفردوس الأعلى من الجنة مع النبيين والصديقين والشهداء وحسن أولئك رفيقًا.

هم فى قلوب المصريين جميعا..

وملء عيونهم

كرامًا كرامًا..