كشف المركز القومي للبحوث عن خطته لمواجهة التغيرات المناخية باعتباره أكبر جهة بحثية في مصر والشرق الأوسط، حيث ينفذ 4 برامج مبتكرة قابلة للتطبيق تعمل على التخفيف من آثار تغيرات المناخ وخفض الانبعاثات للغازات الدفيئة المسئولة عنها، وذلك بالتعاون مع مؤسسة الحلول البيئية المستدامة "استدامة".
وتتضمن برامج المركز، أول برنامج دولي لتعويض استهلاك الطاقة والانبعاثات بالتشجير "تعويض الانبعاثات الكربونية بالتشجير" وفقا لحسابات محددة ووضع علامة التعويض (iroot) على الأجهزة المستهلكة للطاقة أو وسائل النقل المختلفة وزراعة أشجار تعادل انبعاثات الكربون على الطاقة المستهلكة وفقا لمعادلات محددة.
كما سينفذ المركز برنامج (المعسكرات البيئية المستدامة المخفض لإنبعاثات الكربون)، وهو عبارة عن نموذج إقامة سياحية يعمل بالطاقة المتجددة بالكامل بنظام إعادة تدوير كامل للمخلفات ونظام إنتاج المياه من تكثيف الهواء الجوي وأخيرا يزرع شجرة مع كل ليلة إقامة للفرد.
فيما يعد برنامج (استخراج الرخصة الدولية الأولي للوعي البيئي ومعايير الإستدامة كنظام معتمد باسم( ISEC)، برنامجا تدريبيا تنفيذيا للوعي البيئي وتعديل السلوك بما يتوافق مع أهداف خفض الانبعاثات وترشيد الاستهلاك وتطبيق معايير الاستدامة ويمنح المتدرب شهادة دولية في الوعي البيئي واستخراج الرخصة الدولية الأولى عالميا للتعامل مع الموارد وإدارة الوقت وتطبيق معايير الاستدامة، حيث يتم إصدار الرخصة الدولية بمشاركة المركز مع مؤسسة "إستدامة" واعتمادها دوليا من المركز الألماني للإبتكارات التابع لجامعة "كارلسروه" الألمانية.
والبرنامج الرابع الذي سينفذه المركز، هو برنامج (التحول الأخضر للمؤسسات TGS)، وهو نظام على مرحلتين يتم تطبيقه بالمؤسسات والشركات العامة والخاصة يهدف إلى مراجعة تعديلات خفض الطاقة واستهلاك المياه والطباعة ووضع نظام تعريفي مستمر داخل المؤسسات، وتمنح الشركات والمؤسسات وفقا لهذا البرنامج شهادة تطبيق النظام، وبشكل دوري كل 3 سنوات يتم إجراء مراجعة شاملة وبيان الأثر، ويحقق هذا البرنامج خفض التكلفة وترشيد الاستهلاك إلى جانب توفير مالي للشركات والمؤسسات وقطاع الفنادق.
وأكد الدكتور ممدوح معوض نائب رئيس المركز، في المؤتمر الذي عقده المركز اليوم، أن تلك الخطة تأتي في إطار استضافة مصر العام الحالي لمؤتمر الأطراف لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية لتغير المناخ COP27 بشرم الشيخ بحضور رؤساء وممثلي دول العالم؛ لوضع حلول تنفيذية لمشاكل التغيرات المناخية والاحتباس الحراري.
وقال إن المركز لديه مجموعة ضخمة من الأبحاث والدراسات في مختلف المجالات الحيوية: (الزراعة، المياه، الطاقة، البيئة، الصحة، الصناعة)، والمرتبطة ارتباطا وثيقا بمواجهة التغيرات المناخية والتخفيف من آثارها، مشيرا إلى أنه يجرى العمل حاليا على تجميعها في ملف واحد لرفعها للدكتور خالد عبد الغفار وزير التعليم العالي والبحث العلمي وفقا لتوجيهاته لجميع المراكز والمعاهد البحثية التابعة للوزارة بتجميع كافة الأبحاث والدراسات الخاصة بالمناخ لرفعها للقيادة السياسية استعدادا لمشاركة مجتمع البحث العلمي في مؤتمر المناخ القادم.
من جانبه، أكد الدكتور عبد الحميد عوض عميد معهد بحوث البيئة بالمركز أن المركز تبنى العديد من البرامج الابتكارية لمواجهة التغيرات المناخية التي تعد العائق الأساسي لمشروعات التنمية، خاصة وأن الاتجاه الحالي الذي توليه حكومات ودول العالم يتمثل في معالجة مشاكل الاحتباس الحراري والتغييرات المناخية، ووضع تصور كامل لأليات التعديل وخفض الانبعاثات والوصول إلى الحياد الكربوني بحلول عام 2050.
وأضاف أن التحدي الأكبر للوصول إلى الحياد الكربوني يتمثل في تبني البحث العلمي والابتكار فكرة تنفيذ برامج عملية وفعالة لخفض الانبعاثات وأن تتحول الجهود المبذولة من مرحلة القياس والتعهدات إلى التنفيذ عن طريق مشروعات قابلة للتطبيق.
وقال الدكتور محمد حسن رئيس مجلس إدارة مؤسسة "إستدامة"، إن التحديات العالمية في قضية تغيرات المناخ تستدعي تضافر جهود الجميع، مؤكدا أن تحرك القيادة المصرية ممثلة في الرئيس عبد الفتاح السيسي نحو تغيير مصر وتطويرها والسرعة الفائقة في تنفيذ ذلك، تستدعي تضافر كافة الجهود وتسخير كافة الإمكانيات وتمكين الأفكار والبرامج التنفيذية والمتطورة لبناء مكانة تستحقها مصر بين الأمم.
وأضاف أن العالم يشهد تغييرا ضخما يشكل عبئا على الدولة بمفردها، ما يستدعي بالضرورة تحول الموارد البشرية المصرية من موقع المتفرج إلى موقع المشاركة، فالطفرة الحالية في المجتمع المصري وعلى كل المستويات تطلب سرعة وإنجازا.
واستعرض رئيس مؤسسة إستدامة تفاصيل برنامج "تعويض الإنبعاثات الكربونية بالتشجير"، قائلا إن الفريق البحثي نجح في ابتكار برنامج تنفيذي لتعويض الإنبعاثات الكربونية بالتشجير وفقا لحسابات محددة؛ بهدف إيجاد حلول عملية لامتصاص كميات الانبعاثات الكربونية الناتجة عن استهلاكات الطاقة، ليكون المركز رائداً ومثالا يحتذى به في خفض الطاقة واستعاضة الانبعاثات الكربونية.
وفي هذا الصدد، أوضحت الدكتورة حنان ابراهيم رئيسة المجال الاستشاري لتقييم ومعالجة المخلفات الصلبة والسائلة والمشرفة على تنفيذ البرامج بالمركز، أنه انطلاقا من مسئولية المركز القومي للبحوث للحد من الآثار الحالية للتغيرات المناخية بدأ في تنفيذ برنامج (لتعويض الانبعاثات الكربونية)، يعمل على قياس استهلاكات الطاقة ومن ثم احتساب قيمة الانبعاثات الناتجة عن تلك الاستهلاكات على مدار عمل الأجهزة والسيارات والمعدات المستهلكة للطاقة، ثم احتساب قيمة التعويض المطلوب للوصول إلى الحياد الكربوني على مستوى كل وحدة منفصلة؛ مما يساهم في إحداث تغيير كبير للحد من مشكلة الاحترار العالمي.
وأكدت أن تطبيق البرنامج سيوفر ملايين الأشجار سنوياً دون عبء إضافي على الدول والحكومات من خلال المشاركة المجتمعية وذلك بنسب تحمل بسيطة للغاية نتيجة مشاركته في الأنشطة البشرية والمسئولة عن زيادة الانبعاثات الكربونية، مشيرة إلى أن تطبيق مشروع برنامج تعويض علامة الكربون ونجاحه محلياً سيعطي مصر القدرة خلال قمة المناخ التي تستضيفها في نوفمبر القادم على طرحه كفكرة تطبيقية لتعويض انبعاثات الكربون وتعميم تطبيق المشروع في جميع ربوع مصر.