حالة من القلق والتحذيرات المتتالية من مرض جدري القردة أو جدري القرود، بعد اكتشاف ورصد إصابات به في أنحاء متفرقة من العالم، فبلغ إجمالي العدد المسجل به حتى مساء أمس السبت 92 حالة مؤكدة، بجانب 28 حالة يشتبه إصابتها بجدري القرود من 12 دولة عضو لا يتوطن فيها الفيروس عادة حسبما أعلنت منظمة الصحة العالمية، مرجحة تسجيل المزيد من حالات الإصابة خلال الأيام القادمة.
وكشفت المنظمة أن أهم سبل انتقال العدوى من إنسان لآخر الاتصال الجسدي الوثيق مع الحالات التي تظهر عليها أعراض، مثل الآباء والأمهات الذين يعتنون بأطفال مرضى أو العاملون في مجال الصحة، ما جعل بعض الدول تبدأ في استخدام لقاحات الجدري.
لا يشبه كورونا
وعن تفشي مرض جدري القرود، أكد مسئول بالمنظمة في تصريحات له اليوم أنه من المعقول بيولوجياً أن يكون الفيروس قد بدأ ينتشر سابقا خارج البلدان التي يتوطن فيها عادة، مشيرة في الوقت نفسه أنه لم يؤد ذلك إلى تفش كبير نتيجة لإجراءات الإغلاق المتعلقة بمكافحة كوفيد والتباعد الاجتماعي وقيود السفر.
وأكد أن تفشي هذا المرض لا يشبه على الإطلاق الأيام الأولى لجائحة كورونا "كوفيد -19 "، لأنه لا ينتقل بسهولة، مطالبا كل من يشتبهون في تعرضهم أو الذين تظهر عليهم أعراض مثل الطفح الجلدي والحمى، أن يتجنبوا الاتصال الوثيق مع الآخرين.
هل يتحول إلى جائحة؟
وفي هذا السياق، قال الدكتور فايد عطية، الباحث في علم الفيروسات الطبية، إن مرض جدري القردة مرض فيروسي حيواني المنشأ ينتقل من الحيوان إلى الإنسان، ويحدث أساساً في المناطق النائية من أفريقيا وبالقرب من الغابات الاستوائية.
وأوضح عطية، في تصريحات لبوابة "دار الهلال"، أن فكرة تحول جدري القرود إلى وباء أو جائحة أمر غير وارد ومن الصعب للغاية أن يحدث، موضحا أن السبب في ذلك أن الإصابات به خفيفة ويعالج منها نحو 85% من المصابين، كما أن اللقاع المعروف ضد الجدري فعال في الوقاية منه، لكن لا يوجد علاج له أو لقاح مخصص للتطعيم ضده والوقاية.
وأكد أن جدري القرود كُشِف لأول مرّة عنه بين البشر في عام 1970 بالكونغو، وتنتقل العدوى من مخالطة مباشرة لدماء الحيوانات المصابة أو لسوائل أجسامها أو الجلد المصاب، أو من خلال تناول القردة أو الفئران أو السناجب المصابة، كما أن تناول اللحوم غير المطهية جيداً من الحيوانات المصابة عامل خطر للإصابة، وتعد القوارض هي المستودع الرئيسي للفيروس.
وأشار إلى أن طرق انتقال المرض من إنسان إلى آخر تكون عن طريق إفرازات الجهاز التنفسي أو ملامسة الجلد المصاب للمريض له أو عن ملامسة أشياء لُوِّثت بسوائل المريض، كما ينتقل المرض عن طريق الاتصال الجنسى أو عبر المشيمة، وتكون فترة الحضانة بين 6 أيام و16 يوماً، وقد تمتد إلى 21 يوماً.
وأكد أن مرحلة العدوى بجدري القرود تنقسم إلى فترتين، الأولى فترة العدوى والتي تبدأ من أول الإصابة وحتى 5 أيام وفي تلك الفترة يشعر المريض بحمى وصداع مبرح وتضخّم العقد اللمفاوية والشعور بآلام في الظهر وفي العضلات ووهن شديد، أما فترة ظهور الطفح الجلدي فهذه تمتد من يوم إلى 3 أيام، لكن المريض في الغالب يشفى ذاتيا وتدوم فترة الأعراض بين 14 و21 يوماً.
ولفت إلى أنه يُصاب الأطفال بحالاته الشديدة بحسب مدى التعرض للفيروس والوضع الصحي لهم والمضاعفات، أما معدل الوفيات بجدري القرود فلا يتجاوز 10% معظمها بين الأطفال، موضحا أن أهم سبل الوقاية من المرض هو عزل الحيوانات المصابة والحيوانات التى قد تكون خالطتها 30 يوم عن باقى الحيوانات الأخرى قيد الحجر الصحي لمتابعة الأعراض.
أما عن سبل الحد من خطورة إصابة الناس بعدوى المرض، فأشار إلى أنه يجب ارتداء الواقيات الشخصية وغسل اليدين عند الاعتناء بالمرضى وتجنب مخالطة المصابين، وكذلك طهي كل المنتجات الحيوانية بشكل جيّد قبل أكلها، وكذلك ارتداء الواقيات الشخصية عند مناولة الحيوانات المريضة أو أنسجتها مع الترصد والإسراع في تشخيص الحالات الجديدة من أجل احتواء التفشي الوبائى.