الإثنين 20 مايو 2024

براءة اختراق.. خطر يهدد صناعة الأغاني

مقالات23-5-2022 | 10:21

العمل الإبداعي والفكري يُميّز إنسانّا عن آخر، وهو نتاج موهبة وخبرة وعمل شاق، وكان لا بد من قوانين لحمايته واستمراره، وهنا وضع المُشرّع قوانين حماية الملكية الفكرية، ومنها القانون المصري رقم 82 لسنة 2002.

 

وأخص قضية حماية صناعة الأغنية المصرية، التي احتلت الصدارة في العالم العربي على مدار عقود، ولكنها أصبحت تعاني من القرصنة التي أطاحت بأباطرة المنتجين الذين قدموا إلى الساحة الغنائية أهم المطربين من نجوم الصف الأول.

 

في العقد الأخير من القرن الماضي، كنت قد بدأت الاستماع إلى الأغاني، وأصبحت متيّمًا ببعضهم، وعلى رأسهم عمرو دياب، ووقتها كان الاستماع عن طريق شريط الكاسيت، الذي كانت نسخته الأصلية تبلغ 10 جنيهات، بينما تجد لدى الباعة نسخة مُقلّدة بثلاثة جنيهات فقط، ولكنني كنت أشتري النسخة الأصلية رغبة في سماع الأغنيات بجودة عالية.

 

ورغم المبيعات التي كان يجنيها المنتجون من النسخ الأصلية، إلّا أنّ النسخ المقرصنة كانت الأكثر مبيعًا لأسباب عدّة، منها فرق السعر، وعدم حماية المنتجين والحفاظ على حقوق الملكية الفكرية.

 

ومع بداية الألفية الثالثة، انتشرت وسائل الاستماع الإلكترونية، فبدأ عصر السي دي، وسرعان ما تحولنا إلى الاستماع عبر المنصات الرقمية، وكانت البداية عبر "يوتيوب" ثم المنصات الأخرى مثل "ساوند كلاود" ثم "سبوتيفاي"، "أنغامي"، "أبل ميوزك" وغيرها.

 

وفطنت أوروبا وأميركا على وجه الخصوص إلى تطبيق حماية الملكية الفكرية، لاستمرار صناعة الأغنية، التي تُمثّل اقتصادًا ضخمًا في تلك الدول، وطبقت الحكومة الفيدرالية الأمريكية قانون الألفية الجديدة الذي ينظم حقوق وحماية النسخ للأعمال الإبداعية والفكرية ونشر المواد الرقمية في الولايات المتحدة الأمريكية، ولا تتوانى عن إزالة أي موقع إلكتروني أو منصة تخترق هذا القانون.

 

وفي مصر يعاني صُنّاع الأغنية من القرصنة ومواقع التحميل المجانية، رغم سعيهم لحماية أعمالهم الإبداعية التي ينفقون عليها مبالغ ضخمة، تتمثّل في ما يحصل عليه الشاعر والملحن والموزع الموسيقي، ومهندس الصوت، والأستوديو، وعمليات المعالجة الصوتية، والعازفون، إضافة إلى حرص معظمهم على دفع الضرائب التي تفرضها عليهم الدولة.

 

وبعد هروب معظم المنتجون من سوق صناعة الأغنية، وما تسبب فيه ذلك من عدم إتاحة الفرصة إلى مواهب جديدة، أصبحنا في حاجة ماسّة إلى تعديل قانون حماية الملكية الفكرية، بالمناقشة مع صُنّاع الأغاني والمبدعين، وإيجاد آلية حقيقية لتطبيقه، وإغلاق مواقع القرصنة التي تسطو على الأغاني وكأنها حصلت على براءة اختراقها.

 

مصر لا تنضب بها المواهب، ولا يمثلها ما أفرزه الواقع المؤسف للأغنية حاليًا، وانتشار ما يُسمى بـ"أغاني المهرجانات"، وإذا أردنا نهضة حقيقية في هذه الصناعة التي تستطيع أن تدر على بلدنا مكاسب ضخمة، لابد أولًا من حماية حقوق الصُنّاع حتى يعود الإنتاج إلى سابق عهده، كي نتيح الفرصة إلى الموهوبين الحقيقيين.