يعقد مجلس النواب اللبناني الجديد جلسته الافتتاحية في العاشرة من، صباح غد الثلاثاء، لانتخاب رئيس المجلس النيابي للسنوات الأربع المقبلة بالإضافة إلى انتخاب نائب لرئيس المجلس وأعضاء هيئة مكتب مجلس النواب الجديد المؤلف من 128 عضوًا والذي بدأ ولايته في الثاني والعشرين من الشهر الجاري.
وينص النظام الداخلي لمجلس النواب اللبناني على أن تتألف هيئة مكتب المجلس من رئيس ونائب رئيس وأميني سر وثلاثة مفوضين، فيما تقتضي الأعراف المتبعة في لبنان تقسيم المناصب القيادية في البلاد على الطوائف الدينية، حيث يتولى رئاسة مجلس النواب مسلم شيعي فيما يتولى منصب نائب رئيس المجلس مسيحي من طائفة الروم الأرثوذكس، ويتولى منصبي أمين السر نائبان أحدهما درزي والآخر مسيحي ماروني، بينما تتوزع منصاب عضوية هيئة المكتب على 3 نواب من طوائف السنة والأرمن والروم الكاثوليك، وذلك مثلما يتولى رئاسة الجمهورية مسيحي ماروني ورئاسة مجلس الوزراء مسلم سني.
وبات رئيس المجلس السابق ورئيس الجلسة الافتتاحية نبيه بري مرشحًا وحيدًا لمنصب رئاسة المجلس النيابي ليكون الأقرب لرئاسة المجلس النيابي للمرة السابعة على التوالي بعد أن تم انتخابه لرئاسة المجلس للمرة الأولى في أكتوبر عام 1992، ثم تم انتخابه في دورات 1996 و2000 و2005 و2009 (والذي تم التمديد له لعدة سنوات) و2018.
ويعد نبيه بري هو المرشح الرسمي لكتلة التنمية والتحرير - الكتلة النيابية لحركة أمل التي يترأسها بري - والتي فازت بالتعاون مع حليفها الشيعي بجميع المقاعد المخصصة لطائفة المسلمين الشيعة في المجلس والبالغ عددها 27 مقعدًا، وبالتالي لم يكن هناك أي مجال لترشح أي شخصية شيعية في مواجهة رئيس المجلس السابق نبيه بري، فيما لم يتحدد حتى الآن إمكانية حسم بري للانتخابات من الجولة الأولى وخصوصًا بعد خسارة تيار 8 آذار (المكون من الثنائي الشيعي والتيار الوطني الحر وحلفائهم) للأغلبية النيابية في الانتخابات التي أجريت الشهر الجاري.
ورغم الانقسام بين أعضاء المجلس حول التصويت لبري في الانتخابات، إلا أن فوزه برئاسة المجلس بات محسومة وإن كانت بعدد أصوات أقل مما حصل عليه في الانتخابات الأخيرة، حيث تنص لائحة مجلس النواب على إجراء انتخابات على منصب رئيس المجلس ونائب الرئيس لمدة ولاية المجلس كل على حدة بالاقتراع السري، وبالغالبية المطلقة من أصوات المقترعين.
وأوضحت اللائحة أنه إذا لم تتوافر هذه الغالبية في الجولة الأولى وفي جولة ثانية، تجري جولة انتخاب ثالثة يكتفي بنتيجتها بالغالبية النسبية، فيما إذا تساوت الأصوات فالأكبر سنًا يعتبر منتخبًا. وبالتالي لا بد أن يحصل الرئيس بري على الغالبية المطلقة (65 صوتًا) في الجولة الأولى أو الثانية أو على الغالبية النسبية (العدد الأكبر من الأصوات) في الجولة الثالثة.
وفي حين اعتبرت رئاسة بري لمجلس النواب محسومة، انطلقت منافسة شرسة على منصب نائب الرئيس الذي يغيب عنه النائب السابق إيلي الفرزلي بعدما أمضى فيه 16 عامًا حيث خسر في الانتخابات النيابية الأخيرة. وتقدم للمنافسة على منصب نائب الرئيس مرشحين حتى الآن أحدهما النائب إلياس أبو صعب مرشح التيار الوطني الحر (الفريق السياسي لرئيس الجمهورية ويترأسه صهر الرئيس النائب جبران باسيل) والذي يسعى إلى حشد أصوات فريق 8 آذار وحلفاءه (قرابة 59 صوتا) بالإضافة إلى عدد من الكتل الأخرى. فيما ينافسه النائب المستقل غسان سكاف والذي يحظى بتأييد بين القوى التغييره وقوى المجتمع المدني وكتل من تيار 14 آذار. وتشتد المنافسة بين المرشحين في ظل انسحاب مرشح محتمل ثالث وهو النائب سجيع عطية الذي تراجع عن الترشح لصالح النائب غسان سكاف، وهو ما يشعل المنافسة بين أبو صعب وسكاف.
وتعد المنافسات الانتخابية على مقاعد أمانة السر وعضوية هيئة المكتب أقل حدة نظرًا لأن المجلس يجدد الانتخاب لهذه المقاعد عند انتخابه، وعند افتتاح كل عقد تشريع وفقًا للإجراءات المنصوص عليها، حيث يجري انتخاب ثلاثة مفوضين بورقة واحدة بالغالبية النسبية. وإذا تساوت الأصوات يعد الأكبر سنًا منتخبًا.
وينص الدستور اللبناني على أن يجتمع مجلس النواب بناء على دعوة أكبر أعضائه سنًا وبرئاسته لانتخاب هيئة مكتب المجلس في أول جلسة يعقدها بعد تجديد انتخابه، وذلك في مهلة أقصاها خمسة عشر يومًا من بدء ولايته.
وكانت الانتخابات النيابية في لبنان قد أسفرت عن خسارة تيار 8 آذار للغالبية المطلقة في المجلس، فيما حقق حزب القوات اللبنانية برئاسة سمير جعجع تقدمًا كبيرًا وحصل على أكبر كتلة مسيحية في المجلس، فيما أظهرت النتائج تقدما ملموسا للنواب المستقلين والمنتمين لقوى التغيير والمجتمع المدني.