السبت 1 فبراير 2025

ثقافة

سلوى بكر: مشكلتنا في مصر التعليم.. والاختلاف في الرأي يؤدي إلى القتل (حوار)

  • 31-5-2022 | 14:48

سلوى بكر

طباعة
  • بيمن خليل

لم أقل نلغي تعليم القرآن من المدارس بل كيف نطبقه

اختلاف الرأي يؤدي إلى القتل سببها مشكلة التعليم

ابن الفلاح والوزير واحد في ألمانيا

التعليم مشكلتنا في مصر

الآيات القرآنية أعلى من مستوى إدراك الطفل

لا تجبر من حولك على سماع صلاتك

أثارت تصريحاتها خلال لقائها مع الإعلامي عمرو عبد الحميد ببرنامج «رأي عام»، عبر فضائية TEN الخميس الماضي غضب شديد من رواد السوشيال ميديا مما أدى إلى مهاجتمها بعد أن أدلت بتصريحات مثل؛ «لماذا يقوم طفل في المرحلة الابتدائية بقراءة وحفظ القرآن وهو لا يعرف معناه» فهل كانت تقصد سلوى بكر ما قالته أم تم اجتزاؤه من سياقه؟ ولهذا قد تواصلت «بوابة دار الهلال» مع الكاتبة والناقدة الكبيرة سلوى بكر لتوضيح ما يخص بعض تصريحاتها، وشمل الحوار التطرق لمناقشة نقاط أخرى مثل آلية التعليم وكيفية تطويرها، وكيفية العمل نحو الوصول إلى وحدة معرفية مجتمعية بين أبناء المجتمع الواحد، وإلى نص الحوار:

في رأيك؛ ما موقف الأديان من مراحل التعليم المختلفة من التدريس؟

إن الأصح أن نقول ما موقف التدريس من الأديان؟ وما موقف برامج التعليم من الأديان؟ «الأديان طبعًا ضرورة في حياة الإنسان، إنما يجب أن يتم التعامل مع الدين بما يناسب المرحلة العمرية للطفل».

بشأن تصريحاتك حول تحفيظ القرآن.. هل تنقضين تعليمه للطفل؟

أنا لا أنقض تعليم الدين للأطفال أبدًا، لكن السؤال الذي يجب أن نطرحه هو متى، وفي أي عمر وأي سن؟ وما هو طبيعة التعليم للدين في مرحلة معينة من عمر الإنسان؟».

والناس اجتزأت كلامي، أنا بعلِّم الطفل الدين، علشان يفهمه ويستوعبه، مينفعش أحفظه آية قرآنية هو لا يستطيع فهمها أو تكون أعلى من مستوى إدراكه.. لماذا يقوم طفل في المرحلة الابتدائية بقراءة وحفظ القرآن وهو لا يعرف معناه؟ لا يجوز لطفل في الحضانة عمره لم يتجاوز الـ 4 أعوام (مش فاهم حاجة في أي حاجة أصلًا) وأقوم بتحفيظه القرآن.

والهدف من تحفيظ القرآن للطفل أن يكون الطفل قادر على تأمل معانيه ويتفقهه وأن يفهمه، فهل طفل في هذه المرحلة العمرية المبكرة يستطيع إدراك وفهم ذلك؟ فهذا هو السؤال؟ وأنا أوجه هذه الأسئلة للممهتمين بالتعليم، وبالدين، والمؤسسة الدينية، والمختصين.

أثارت تصريحاتك الأخيرة مع الإعلامي عمرو عبد الحميد ببرنامج «رأي عام» غضب رواد السوشيال ميديا وشن الهجوم ضدك؟

(الناس بتلت وتعجن وأنا مش مهتمة) ولست مهتمة لا بالفيس بوك ولا السوشيال ميديا، أنا فقط أطرح وجهات نظر وأفكار قد تكون صحيحة وقد تكون خاطئة، إنما ما نحتاجه هو عصف ذهني ونقاش مجتمعي حول مسائل مصيرية.. وأن الإثارة والجدال والهجوم الذي قادوه الناس عليَّ هذا كلام يقع في منطقة المهاترات، وليست في منطقة النقاش والجدال الإيجابي المفيد للمجتمع.

كما أن الصلاة ليست بالضرورة إجبار الناس من حولي في صلاة الفجر أن يسمعوا القرآن لمدة ربع أو نصف ساعة، من الممكن أن يكون هناك نائم، أو مَن لديه عمل يقوم به، أو يوجد إنسان مريض، أو يؤدي واجباته وغيره وغيره.. «صلِّي؛ هذا شيء جميل، إنما تصلي وتجبر من حولك على سماع صلاتك، وأنه يجب أن يسمع، "فين دا بيحصل في أي مكان في العالم؟»

 

هل قلتِ أنه يجب إلغاء تعليم القرآن الكريم في المدارس؟

مين قال إننا نلغي تعليم القرآن في المدارس؟ أنا قلت نطبقه إزاي؟ ولم أقل نلغيه، على أيامي أنا وأنا الآن سيدة كبيرة في عمر الـ 73 عام كان لدينا في المدرسة حصة دين، وكانت حصة جميلة جدًّا، وكان عند المسيحيين أيضًا في نفس التوقيت مثلها، وكنا نحفظ فيها الآيات وتكون من أجمل الحصص ولكن متى هذا الكلام؟ كنا ندخل المدرسة في عمر الـ 6 و7 سنوات.

كانت حصة الدين عبارة عن حكايات دينية جميلة، مثل قصص الأنبياء، وقصص تعرِّفنا الفرق بين الخير والشر، وعبارة عن آيات بسيطة ومفهمومة للتلميذ والطفل الصغير، إنما عندما تقول لي أن طفل لم يتجاوز عمره الـ 4 سنوات في مرحلة الحضانة نطبق عليه «مقرأة»، فهذا يسمى بـ شكلانية التدين، لأن الدين جوهر، والهدف منه أن أرسخ جوهر المبادئ والفكر الديني لدى الأطفال، حتى أنمي عندهم الضمير ومعرفة الخير والشر وما هو الصح والخطأ، ونحن كان لدينا حصة دين ولكن لم نسمع من قبل بشيء اسمه المقرأة.

هل تجاهل حصص الألعاب والموسيقى في المدارس تسبب في مشكلة؟

كان لدينا بعد حصة الدين حصصًا أخرى جميلة كحصة الألعاب والموسيقى، وكان هذا لا يجوب بذاك وهذا لا يتعارض مع ذاك، وبالطبع تسبب في مشكلة، فعدم وجود ذلك الآن جعل في النهاية أن إنسان خريج من «الليسيه» في الآخر يطلع داعشي».

وأكملت: «ماذا تفعل الموسيقى والفنون والرسم؟ فإنها تعمل على خطابات إنسانية يتلقاها الطفل، فهي تعلمه الخير والحب والجمال، وتجعل منه طفل مسالم.. محب للخير وكاره الشر، ويجب أن يكون الدين وتدريسه جزء من مكون كامل، لأنك بهذا تبني إنسان جيد وقادر على الإنخراط في المجتمع ويكون إيجابيًا تجاه المجتمع وهذا ما نحتاجه ليس أكثر».

 

في رأيك.. ما الثقافة التي نفتقد وجودها في مجتماعاتنا الآن؟ وما أهمها؟

كلنا شاهدنا المناظرة التي جمعت بين ماكرون رئيس فرنسا ولوبان السيدة التابعة لليمين المتطرف ومن أهم الأمور التي ناقشوها كانت «التعليم»، مثل لماذا عملية التعليم والبحث العلمي متراجعة في فرنسا؟ وهذا يدل على أننا نفتقد إلى العصف الذهني، والنقاش الإيجابي يقود المجتمع ويقودنا إلى منطقة أفضل لحياتنا، ولكن نحن ليس لدينا هذه الثقافة بل يحل محلها (الصح والغلط، أبيض لا أسود، نشطب على دا ونلغي دا) وإذا اختلفت معك في الرأي قد يؤدي الأمر إلى قتلك وهذا الأمر تسببت فيه مشكلات التعليم، لأننا لا نتعلم الاختلاف، ولا أن نصغي إلى وجهات نظر مغايرة أو فكرة مغايرة بغض النظر إذا كانت الفكرة صحيحة أم لا.

مشكلة التعليم في مصر من الأمور الجوهرية في المجتمع.. كيف نحل هذه المشكلة؟

حل مشكلة التعليم ليس سحريًا، نحن نعيش في عالم معاصر، والعالم المعاصر يصيغ حياته بطريقة محددة، خصوصًا في مجال التعليم وفي جميع أنحاء العالم، أيًا كانت المذاهب السياسية والاتجاهات لحد المرحلة الثانوية.

وكل الناس في جميع أنحاء العالم يحصلون على نفس ذات البرنامج التعليمي، وذات المعرفة عبر التعليم، والتعليم في العالم كله هكذا، تذهب إلى ألمانيا تجد أن رئيس الوزراء هناك طوال مراحل تعليمه حتى المرحلة الثانوية كان بجانبه ابن فلاح ألماني، ونحن كان لدينا هذا منذ فترة بعيدة، ولكن التشظي التعليمي يؤدي إلى التشظي المجتمعي.

 

هل الفروق التعليمية أدت إلى حدوث فروق ثقافية كبيرة بين أبناء المجتمع الواحد؟

بالطبع، يوجد فروق معرفية وثقافية كبيرة بين أبناء المجتمع الواحد نظرًا لعدم وجود أو تطبيق برنامج دراسي موحد ومحدد حتى مرحلة عمرية معينة.

في أغلب بلاد العالم الناس تتعلم معًا حتى مرحلة عمرية معينة، وبعد ذلك تتعدد الاتجاهات فيمن يريد أن يصبح نجارًا أو سباكًا أو يذهب للجامعة، ولذلك لن تجد فروق قيمية ولا معرفية بين الناس في العالم.

وعندما تذهب إلى فرنسا مثلًا هتقابل واحد سيتهيأ لك أنه دكتور أو أستاذ جامعة وهو يعمل سبّاكًا ولكن ستجده يأكل بنفس الطريقة التي يأكل بها أستاذ الجامعة وتراه يتحدث مثله، ستجد أن الفروق فقط في التخصصات هذا تخصصه سباكة والآخر التعليم الأكاديمي وليست في الثقافة.

 

ما أهم الآليات التي يجب أن نتبعها أو نطبقها في التعليم من وجهة نظرك للوصول إلى وحدة معرفية؟

كما وضحت في السؤال السابق.. يجب أن يكون هناك برامج تعليمية موحدة، فعندما نحصل أنا وأنت على نفس البرامج التعليمية، هذا يؤدي إلى وجود وحدة معرفية تجعلنا قادرين أن نتفاهم مع بعضنا البعض، ويوحد قاموسنا وأبجديتنا المشتركة، ويجعل هناك تقاربًا ثقافيًا بين كل الفئات المختلفة من الناس.

ويجب أن نشير على أن هناك حالة تسمى بالتشظي التعليمي، وأنا لا أقصد التعليم الديني فقط، بل مشكلتنا في مصر «التعليم» ونحن لدينا تشظي مجتمعي بسبب التعليم، يوجد مَن يدرس في الأزهر وآخرون في مدارس فرنساوي وغيرهم في مدارس ألماني ومدارس الإنترناشيونال والمدارس الحكومية، فما هو القاسم المشترك الذي يجمع بين كل هؤلاء معرفيًّا؟ ستجد أنه لا شيء!... إلى أنه لا يمكن أن يكون هناك طالب خريج مدرسة ألمانية يستطيع أن يتفاهم مع إنسان تخرج من الأزهر.

 

أخبار الساعة

الاكثر قراءة