أثار حادث الدقهلية اهتماما كبيرا لدى الرأي العام، حيث أقدمت أم على ذبح أبنائها الثلاثة وتركت رسالة بأنها أرسلت الأطفال للجنة وحاولت الانتحار بعد ذلك، وما كشفته النيابة العامة من تفاصيل حول السيدة المتهمة انتابها اكتئابٌ شديد عقب ولادتها طفلها الأخير، مما دفعها للتفكير في إزهاق روحها وأرواحهم.
ويعد اكتئاب ما بعد الولادة من الحالات التي تصيب السيدات بعد ولادة أطفالهن فيتعرض لسوء شديد في الحالة النفسية بسبب الاضطرابات في تلك الفترة وتغير ساعات النوم واضطرابات الهرمونات، وتتفاوت الأعراض من سيدة لأخرى من بسيطة إلى شديدة، وإذا لم يتم التعامل الصحيح مع المرأة في هذه الفترة فقد يصل الأمر إلى مضاعفات خطيرة لذا من المهم تقديم سبل الدعم للمرأة وزيارة الطبيب النفسي إذا احتاج الأمر.
أعراض اكتئاب ما بعد الولادة
وفي هذا السياق، قال الدكتور جمال فرويز، أستاذ الطب النفسي، إن السيدة المتهمة بقتل أبنائها في حادث الدقهلية كشفت النيابة العامة أنها مصابة اكتئاب ما بعد الولادة، موضحا أن هذا الاكتئاب قد يصيب السيدة من أول يوم بعد الولادة وحتى 5 أشهر بعدها، فهي تبدأ بالشعور بالاكتئاب ويزداد يوما بعد يوم دون أن يشعر أحد بما تمر به.
وأوضح فرويز، في تصريحات لبوابة "دار الهلال"، أن فترة تغيير الفصول التي نعيشها الآن دائما ما ترتبط بالاكتئاب الوجداني ومع معاناة الأم من الاكتئاب ما بعد الولادة فالأمر يزداد مع تغير الفصول، مشددا على أن الاكتئاب بعد الولادة غير خطير ويستجيب بسرعة مع العلاج النفسي لأنه يحدث تقريبا مع 95% من السيدات.
وأشار إلى أن نحو من 95% وحتى 98% من السيدات اللاتي يصبن باكتئاب ما بعد الولادة لا يشعرن به فلا تتوقف حياتهم بل يظهر في شعور بضيق بسيط أو خوف زائد على الطفل أو اضطرابات بسيطة في النوم واضطراب الأكل وتعكر المزاج قليلا، لكن بعد فترة الأمور تتحسن.
وأوضح أن نحو 3% منهن يعانون من أعراض اكتئاب شديدة بعض الشيء تتمثل في اضطراب شديد في الأكل والنوم ورفض الطفل وقيء وأعراض جسمانية وتعثر سيء في المزاج وهنا يستلزم العلاج النفسي، مشيرا إلى أن هذه النسبة تستجيب للعلاج بالأدوية بشكل سريع فبعد أيام بسيطة من العلاج تختفي الأعراض لكن الأزمة أو الكارثة في إيقاف العلاج بعد فترة وجيزة وعدم استكمال البروتوكول العلاجي ما يجعلها تصاب فيما بعد باكتئاب مزمن لا تستجيب لأي أدوية.
عوامل الخطورة في اكتئاب ما بعد الولادة
وأكد أن 0.1% من السيدات المصابات باكتئاب ما بعد الولادة هي حالات شديدة تدخل في حالات هلاوس سمعية وبصرية بالقتل سواء للنفس أو الأطفال وأفكار انتحارية واكتئاب شديد وصراخ، مضيفا أن العلاج في هذه الحالة هو دخول المستشفى لا مفر منه ويجب على الأهل والأسرة متابعة تلك الأعراض واللجوء إلى الطب النفسي في حالة ظهورها.
وشدد على أهمية دور الأسرة والزوج والأقارب والأصدقاء والتواجد بقرب من السيدة ودعمها في تلك الفترة ما بعد الولادة، لأن هذا الدور يسهم بشكل كبير في تقليل الأعراض، مؤكدا أنه في حالة ظهور أي من تلك الأعراض يجب اللجوء إلى الطبيب النفسي بشكل سريع لتقديم العلاج اللازم.