السبت 4 مايو 2024

كنوز «دار الهلال».. محمود ياسين: شهيرة حبي الأول والأخير

محمود ياسين

فن2-6-2022 | 00:57

أشرف سلام

تحلّ اليوم، ذكرى ميلاد الفنان الكبير محمود ياسين، الذي وُلد في الثاني من يونيو عام 1941 ورحل عن عالمنا في 14 أكتوبر عام 2020، تاركًا إرثًا فنيًا من الصعب تكراره، حيث شارك في نحو 258 عملًا متنوّعًا في السينما والمسرح والتلفزيون والإذاعة.

وتنشر لكم «دار الهلال» من أرشيفها حوارًا صحفيًا للراحل الكبير محمود ياسين، نُشر في 30 نوفمبر من العام 1991.

أين وُلدت؟

في بورسعيد، وفيها نشأت واجتزت مراحل الدراسة الأولى.

هل تذكر الحي الذي نشأت فيه؟

ما بين حيين شهيرين في بورسعيد: الحي الأفرنجي، وحي العرب.

أين بدأت دراستك؟

في مدرسة كان اسمها مدرسة النيل.

كم كنت تبلغ من العمر في ذلك الوقت؟

خمس سنوات، والمشكلة أنني دخلت مدرسة لم يكن فيها تلميذًا في سنّي، بل كانت للكبار، وقد أدخلني أهلي إليها لسبب واحد، هو أن إخوتي الكبار كانوا يدرسون فيها.

هل كنت أصغر مَن في العائلة؟

بل كنت السادس بالترتيب بين عشرة أشقاء.

والدك، ماذا كان عمله؟

موظف في هيئة قناة السويس.

ومع ذلك أنجب عشرة؟

موظفو القناة كانوا يتقاضون مرتبًا جيدًا، ولم يكن في تلك الأيام إنجاب عشرة أولاد أمرًا غير عادي، ولم تكن هناك دعوة إلى تحديد النسل، بل هناك تشجيعًا عليه، فقد كان الموظف يتقاضى مكافأة عن كل ولد ينجبه.

بماذا تميّزت فترة دراستك الأولى؟

بالفوضى، والتنقل من مدرسة إلى أخرى، فقد أخذت الشهادة الإعدادية بعد أن تنقلت في ثلاث مدراس.

هل كنت سعيدًا في طفولتك؟

أستطيع أن أقول نعم.. فقد عشت طفولتي وسط عائلتي، وكانت الحياة في بورسعيد سهلة وبسيطة وهادئة، وكانت خيرات البحر تتدفّق عليها، وكانت مدينة لذيذة تجمع بين المصري وبين الأجنبي.

وأسرتك.. كيف كان وضعها وسط أسر المدينة؟

لا أجد وصفًا دقيقًا أكثر من القول إنها كانت أسرة رقيقة الحال، فهي لم تكن أسرة غنية ولا أسرة فقيرة.

وأهم ما تذكره عنها؟

أهم ما كان فيها احترام القيم الدينية والنظام، فقد كانت أسرة نظامية بكل معنى الكلمة، ودقيقة، خاصة في ما يتعلّق بمواعيد النوم والطعام.

كيف أحسست بما يسمى «لهفة الفن»؟

كان لي شقيقًا أكبر مني ، أُغرم بمشاهدة الأفلام السينمائية، وكان من عادته أن يصطحبني معه، ومنذ تلك الأيام وأنا أحسّ معه باللهفة إلى الفن.

كيف عبّرت عن تلك اللهفة في هذه السن المبكرة؟

بتقليد بعض الممثلين الذي كنت أراهم في الأفلام.

كم كان عمرك في ذلك الوقت؟

بين العاشرة والثانية عشرة، كنت وقتها في المدرسة الإعدادية.

ومتى بدأ التعبير عن ذلك يظهر؟

في المدرسة الإعدادية أيضًا، حين بدأت أشترك في حفلات السمر التي كان فريق الكشافة الذي انضممت إليه يقدمها، وكان يقدم فيها بعض الاسكتشات والروايات المنوعة.

وبعد ذلك؟

لم يشبع هذا من لهفتي، وتمكّنت بعد بذل شيء من الجهد أن أكوّن فريقًا للتمثيل ما لبث بعض الأساتذة أن اشتركوا فيه.

بمَن كنت متأثّرًا في ذلك الوقت من أهل الفن؟

يوسف وهبي، وقد قدّمت له ضمن فريق التمثيل بعض أعماله ومسرحياته.

مّن كان يشاركك في ذلك الوقت، هل تذكر أحدًا منهم؟

في المرحلة الإعدادية لا أكاد أتذكرهم، أو لنقل لم يكن بينهم أحد من الذين تابعوا العمل الفني، ولكن في مرحلة الدراسة الثانوية، تزاملت مع المخرج سمير العصفوري، وكوّنا فرقة تمثيل مدرسية، بدأت تقدّم الروايات واحدة إثر الأخرى، حتى انتقل سمير إلى الجامعة ووجدت نفسي بدون مخرج.

ماذا فعلت بعد الدراسة الثانوية؟

قررت أن أدرس الحقوق في جامعة القاهرة، حيق المسارح الكبيرة والحياة الفنية الصاخبة التي أسمع عنها، وأن أدخلها بشكل أو بآخر.

لماذا اخترت دراسة الحقوق رغم ميولك الفنية؟

الواقع أن دراسة الحقوق تبدو لأول وهلة متناقضة مع التمثيل، ولكنها ليست كذلك، لأن دراسة الحقوق تتيح الفرصة لدراسات إنسانية واسعة وشاملة وكذلك الاقتصاد والعلوم السياسية، وهذا مما يزيد من رصيد الممثل في الثقافة، وإلا فإن موهبته تظلّ على قدر كبير من السطحية.

إذن فلا بد أنك تابعت هوايتك الفنية وأنت في كلية الحقوق؟

بالتأكيد، بل بدأت وأنا في الجامعة في طور الاحتراف.

وكيف كان ذلك؟

حين كنت أوزع وقتي بين هوايتي الجامحة، وبين دراستي الصعبة، قرأت في الصحف عن امتحان لقبول ممثلين جدد في المسرح القومي، واشترط الإعلان أن يكون المتقدمين إليه من خريجي الجامعات، فتقدمت إلى هذا الفحص.

ولكنك لم تكن قد تخرجت؟

ولهذا فأنا أقر وأعترف أنني كذبت على لجنة الامتحان، فقد كان لا يزال أمامي سنة كاملة حتى أتخرّج.

وماذا حدث؟

مشيت الكذبة، وتقدّمت إلى الفحص ونجحت وعُينت كممثل في المسرح القومي.

متى كان ذلك؟

في شهر أكتوبر من عام 1963.

وما هو أول عمل مسرحي اشتركت به ضمن إطار المسرح القومي؟

دور في مسرحية «الندم» التي أخرجها سعد أردش.

ولكنك كنت تهفو إلى السينما، فلماذا تقصدت العمل المسرحي؟

لأنني لم أكن طوال عمري أتصور أن أكون ممثلًا سينمائيًا، وكان كل طموحي حتى ذلك الوقت يتجه إلى المسرح.

هل كان لك مثل أعلى في ذلك الوقت من ممثلي المسرح؟

كنت أحلم بأن أكون مثل فنان المسرح العظيم صلاح سرحان.. رحمه الله.

ولكن لماذا لم تخطر السينما على بالك حتى ذلك الوقت، رغم أنك هويت الفن عن طريق الأفلام السينمائية؟

لأنني لم أكن أرى في نفسي المؤهلات التي يجب أن تتوافر في النجم السينمائي.

وما هي المؤهلات حسب ما كنت تراها؟

أن يكون جميلًا، وعنده «كارسونييره»، ويعيش في أجواء الصخب.

وكيف تم انتقالك من المسرح إلى السينما؟

حدث ذلك عندما كنت أمثّل دورًا في مسرحية «سليمان الحلبي» ضمن إطار المسرح القومي، وكان دور شخصية الراوي أو أحد الرواة، وشاهدني المخرج حسين كمال وأنا أمثّل الدور، فرشحني لدور صغير في أول فيلم مثلته «شيء من الخوف».

وكم دورًا صغيرًا مثّلت قبل أن تتولى البطولة؟

هو ذلك الدور اليتيم فقط، فبعده مباشرة أسند لي دور البطولة في فيلم «نحن لا نزرع الشوك».

قيل إن شادية لم توافق على اختيارك وأنت وجه جديد للبطولة أمامها في ذلك الوقت؟

على العكس، كانت رائعة في تقبلها، ولكن هناك قصة حدثت وهي غير ذلك على الإطلاق، فحين رشحني المخرج حسين كمال لدور البطولة في هذا الفيلم، وقع اختيار المخرج يوسف شاهين عليّ في التوقيت نفسه، لكي أقوم بتمثيل دور البطولة في فيلم «الاختيار» مع سعاد حسني، ولكنه اشترط عليّ أن ألغي العقد الذي وقعه معي حسين كمال، وقد كنت عديم الخبرة في ذلك الوقت، فذهبت إلى حسين كمال واعتذرت له وعدت لكي أبلغ يوسف شاهين ففوجئت به يقول: "هل جننت؟ كيف تفعل ذلك وأنت ممثل صاعد؟ كيف تعتذر عن دور بطولة في فيلم؟.. وعرفت فيما بعد أن سبب ذلك أن شاهين أسند الدور إلى ممثل آخر، ووجدت نفسي في مأزق، واستولى عليّ القلق ودام أسبوعًا، حتى اتصل بي حسين كمال من جديد، وقال لي إنه يرفض إلغاء العقد معه.

وفي هذا الوقت تعرّفت إلى شهيرة؟

أبدًا.. حدث ذلك قبل تلك الأيام، فقد تعرّفت إليها قبل أن أصل إلى أدوار البطولات، حين كنّا مجموعة من الممثلين نحاول أن نمثّل في التلفزيون عام 1962.

وهل اشتركت معها في عمل فني في بدء حياتكما أو حبكما؟

اشتركت معها في تمثيل فيلم قصير مؤلف من ثلاث قصص عنوانها «صدر ومجموعة» أخرجه أحد الشبان الجدد.

وكان الحب؟

بالفعل، منذ ذلك الوقت دخلت قلبي.

ما هي انطباعاتك الأولى عنها؟

حين تعرّفت إليها كانت تتشح بالسواد حزنًا على والدها، وكانت قليلة الكلام وهادئة، ولكن ما يكاد الحديث ينقلب إلى الفن، حتى تتحوّل إلى إنسانة كلها حيوية، فقد كان الفن بالنسبة لها القضية التي تثير اهتمامها.

كانت هاوية فقط؟

هاوية وتدرس الفن، فقد كانت طالبة في السنة الثانية معهد التمثيل.

بدأت علاقتكما بالصداقة الفنية، فمتى انقلبت إلى حب؟

خلال خمسة شهور.. حين وجد فيها ما أحب.

وماذا كان موقفها؟

في البدء ظنّت أنني أريد أن أمارس معها «الدونجوانية» ثم بدأت تفهمني.

هل كان هذا هو الحب الأول؟

بالتأكيد.. إذا كنت تقصد أن الحب الأول هو الحب الحقيقي أيضًا فهي حبي الأول والأخير.

Dr.Randa
Dr.Radwa