الخميس 28 نوفمبر 2024

تكافل اجتماعى منقطع النظير

  • 17-7-2017 | 11:59

طباعة

بقلم : أمل مبروك

 

ليس غريبا أو جديدا أن يعانى مجتمع ما فى مرحلة من مراحل عمره من التفكك والتشرذم، وليس غريبا ألا يختلف اثنان على أن الوحدة هي السبيل الأمثل - إن لم تكن الأوحد - لتجاوز تحديات المرحلة، ولا غريبا أيضا أن تحقيق هذا الهدف منوط بهمة الشرفاء الغيورين لانتشال مجتمعهم من براثن الصراعات الطائفية والسياسية ، لكن الغريب هو أن دروس التاريخ- وبالأخص المعاصر منه- تثبت أن الوحدة غير قاصرة على السياسيين و المثقفين، وتشترك فيها القاعدة الجماهيرية صاحبة المصلحة الأولى في الوحدة، مع عدم غياب علماء الاقتصاد والاجتماع وخبراء التعليم عن الدعوة للوحدة، ورغم ذلك يغيب هؤلاء عن هؤلاء ويصرون على التناحر وإلقاء التهم على بعضهم البعض.

إذا عدنا إلى تاريخ أمتنا الإسلامية سنجد أن الحياة العربية قبل الإسلام كانت تقوم أساسا على العصبيات والقبليات، ومن هنا كان التغيير الذى أحدثه رسول الله صلى الله عليه وسلم عميقا فى حياة الجزيرة العربية، إذ استطاع بسياسته التي تمليها روح الإسلام أن يرتقى بهذه القبليات المستقلة إلى مستوى أمة لا فضل فيها لعربى على أعجمى، أو لأبيض على أسود إلا بالتقوى والعمل، وتحقق ذلك من خلال مشاريع اجتماعية ملموسة ارتبطت  بالخبز اليومى وبتوزيع عادل للثروات والسلطات ورفع مستوى حياة المواطن، ثم وضع كل شخص فى محله.

وعند دراسة شخصية النبى صلى الله عليه وسلم، كقائد أممى وموحد، وكيف تغلب على المعوقات، سنجد أنه صلى الله عليه وسلم عمل بمبدأ "لا تَكُونُوا إِمَّعَةً تَقُولُونَ: إِنْ أَحْسَنَ النَّاسُ أَحْسَنَّا، وَإِنْ ظَلَمُوا ظَلَمْنَا، وَلَكِنْ وَطِّنُوا أَنْفُسَكُمْ، إِنْ أَحْسَنَ النَّاسُ أَنْ تُحْسِنُوا، وَإِنْ أَسَاءُوا فَلا تَظْلِمُوا"، ثم كان أبرز أساس قام عليه المجتمع الإسلامي الأول في المدينة كنموذج مصغر لوحدة الإنسانية هو وضع دستور المدينة الذي كان محتواه توحيد الأمة المسلمة، مع الاعتراف بحقوق الأقليات اليهودية، وتوفير سبل الأمن لها، بل وإعطائها كافة سبل الحرية الدعوية، بشكل يحفظ سيادة الدولة والنظام، ثم مبدأ الأخوة الإسلامية بين المهاجرين والأنصار على الحق والمواساة، ولم يكن مجرد شعار يرفع.. بل كان واقعا عمليا تحقق به تكافل اجتماعى منقطع النظير.

    الاكثر قراءة