لا شك أن الدولة المصرية هى بؤرة عظيمة من بؤر التأثير فى العالم كله، هذا ليس كلاماً مرسلاً أو عاطفياً.. إنما هو حقيقة تاريخية حققها ووثقها الكثير من المؤرخين والعلماء عبر التاريخ، وقد لخصها نابليون بونابرت بقوله: "قل لى من يسيطر على مصر، أقل لك من يسيطر على العالم".
وهذا التأثير يقوى كلما قويت مصر اقتصادياً وعسكرياً وحضارياً
وإذا كان جيلنا قد عاصر مصر وهى فى فترة وهن وضعف لأسباب كثيرة لا مجال لذكرها الآن. فإن مصر قد انتصرت على معظم أعدائها التاريخين عسكرياً وحضارياً فى فترة ضعفها، حيث قام الجيش المصرى بكسر شوكة التتار والفرنجة وإسرائيل فى فترات ضعف اقتصادى وعسكري كانت تعيشها وقت هذه الحروب.
وهذا الذى دفعنى إلى ترديد كلمة لتلامذتى تلخص هذه الحقيقة، أقل لهم دائماً: "مصر تنتصر وهى ضعيفة وتسود وهى قوية".
و"قوة مصر الشاملة" لا ترتبط بشخص أو نظام أو وضع عالمى.. إنما هى قوة مستمدة من التاريخ والجغرافيا والمنح الإلهية التى حباها الله بها، (والتى عبر عنها المرحوم جمال حمدان بقوله "مصر فلتة جغرافية"، فهى تَصْنع ولا تُصنع، تصنع النصر والحضارة، ولا تصنعها الأحداث أو الثروات.
قد تضعف بعض الوقت ولكن لا تموت، بل تعود بقوة أكبر.
عندما تحارب! لا تعتدى ولا تغزو، بل تدافع عن مصالحها وتنتصر انتصار العمالقة، لقد كسبت كل حروبها عبر التاريخ ولم تنهزم إلا فى معارك محدودة، وتُدرس الآن خططها الحربية لكل جيوش العالم .
وعندما تتحالف.. يعم السلام، وعندما تتحدث يسمعها العالمون أجمعون.
الإيمان الدافع للعطاء هو جزء لا يتجزأ من ثقافة أهلها، وتأثيرها على قارات الدنيا بلا ضجيج
كثيراً ما تعرضت للمؤامرات من أعدائها، وأرادوها ضعيفة بلا هوية للسيطرة على قواها وفشلوا.
إنها باقية إلى قيام الساعة كما بقيت آلاف السنين على ناصية ثلاث قارات، يحدها بحران وينتصفها نهر.
بقيت جغرافيتها وقوتها وشعبها، فى الوقت الذى تغيرت كل خريطة الأرض من حولها آلاف المرات
مباركة فى كل الكتب السماوية وعند كل الأنبياء.
إنها جوهرة واحدة على الخريطة.
إنها بلد برتبة حضارة طيلة التاريخ صانعة لمصيرها بإذن ربها، وقاهرة لكل معتدٍ أثيم بقوة جيشها وشعبها.
وقبل كل ذلك نرى العناية الإلهية وآثارها فى دعم مصر عند الأزمات.
فمن الذى قدر إرسال يوسف عليه السلام ليتربى فى بيت عزيز مصر حتى يصل الى ملكها قبيل مجاعة ومهلكة ليضع خطة اقتصادية مدتها 15 عاماً وقد أنقذ بها البلاد والعباد (راجع سورة يوسف)
وقد ظهرت آثار العناية الإلهية مع مصر عبر التاريخ وحتى وقت وقتنا الحاضر وهى باقية بإذن الله إلى يوم القيامة .
وبالطبع كل ذلك يجعل لمصر ثقلاً وتأثيراً ويُوجِد لها الكثير من الأوراق لصالحها .
وعندما نرجع إلى القرآن الكريم سنجد ما يؤكد هذه الحقائق:
فلقد ذكر الله تعالى فى القرآن الكريم الكثير من الأقوام والشعوب ولم يذكر بلدانها كما ذكر مصر وأهلها، ذكر أقوام عاد وثمود وصالح وشعيب.. إلخ، دون ذكر البلدان التى كانت وعاءً لتلك الأقوام.
وذكر مملكة سبأ وأنزل سورة في القرآن باسمها، غير أنه ذكرها في سياق تاريخي انتهي قبل نزول القرآن الكريم من باب العظة والعبرة فقط (لَقَدْ كَانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ ۖ جَنَّتَانِ عَن يَمِينٍ وَشِمَالٍ ۖ كُلُوا مِن رِّزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ ۚ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ (15) سورة سبأ .
ذكرها باعتبار ما كان، لأنها ما كانت موجودةً وقت نزول القرآن الكريم .
فكل البلدان والشعوب المذكورة فى القرآن ارتبط ذكرها وسياق الحديث عنها بالماضى، لأخذ العبرة والعظة .
ولم يذكر أماكن وبلداناً كانت موجودة وقت نزول القرآن سوى "مكة" و"مصر".
- ذكر الله تعالي مكة باعتبارها حرم الله الآمن وفيها بيته الحرام يحج الناس إليه كل عام، وقبلة المسلمين .
فهى مكان روحى يرتبط بإقامة الشعائر.
قال تعالي: (إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكاً وَهُدًى لِّلْعَالَمِينَ{96} فِيهِ آيَاتٌ بَيِّـنَاتٌ مَّقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَن دَخَلَهُ كَانَ آمِناً وَلِلّهِ عَلَىالنَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ الله غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ {97} آل عمران.
وقال تعالي : ( لا أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَدِ { 1 } وَأَنْتَ حِلٌّبِهَذَا الْبَلَدِ { 2 } وَوَالِدٍ وَمَا وَلَدَ { 3 ).سورة البلد .
وأما مصر فذكرها رب العزة سبحانه وتعالي في القرآن خمس مرات تصريحاً وأكثر من ثلاثين مرة تلميحاً بذكر مواطن فيها كطور سيناء، والجانب الغربي.. إلخ .
فذكر مكة في القرآن مرتبط ٌ بالأمن والعبادة في الصلاة والحج. قال تعالي ( أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَماً آمِناً وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَةِ اللَّهِ يَكْفُرُونَ ) النحل :
وذكر مصر في القرآن مرتبطٌ بالأمن والثروة والخيرات بأنواعها .
قال تعالي :
1- وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى وَأَخِيهِ أَن تَبَوَّءَا لِقَوْمِكُمَا بِمِصْرَ بُيُوتًا) يونس : ٨٧.
2-وَقَالَ الَّذِي اشْتَرَاهُ مِن مِّصْرَ لاِمْرَأَتِهِ أَكْرِمِي مَثْوَاهُ. يوسف : ٢١
3- فَلَمَّا دَخَلُواْ عَلَى يُوسُفَ آوَى إِلَيْهِ أَبَوَيْهِ وَقَالَ ادْخُلُواْ مِصْرَ إِن شَاء اللّهُ آمِنِينَ. يوسف : ٩٩
4-وَنَادَى فِرْعَوْنُ فِي قَوْمِهِ قَالَ يَا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِن تَحْتِي أَفَلَا تُبْصِرُونَ. الزخرف : ٥١
5-اهْبِطُواْ مِصْراً فَإِنَّ لَكُم مَّا سَأَلْتُمْ..، سورة البقرة، جزء من الآية 60.
في الآية الأخيرة قال بعض المفسرين إنها مصر وقال البعض الآخر أن مصرا ممنوعة من الصرف والمقصود هنا مصر من الأمصار يقع في مساحة مصر الجغرافية وقتها .
وكأن الله تبارك وتعالي الذي قدّر فهدي ، اصطفي مكة ومصر ليؤديا دوراً أبد الدهر للدين وللحياة .
فمكة لابد أن تبقي لتبقي شعائر الدين، وتبقي الكعبة قبلة للناس في الصلاة والحج. لأن بقاء مكة هو بقاء لشعائر الله .
أما مصر رغم أنه لم يدخلها الإسلام إلا بعد انتقال الرسول (صلي الله عليه وسلم) إلى الرفيق الأعلي، ( فتحت عام 21 من الهجرة)، إلا أن بقاء مصر بموقعها الجغرافي وإيمان أهلها وجلدهم ورباطهم وإخلاصهم لدين الله هو بقاء للأمة الإسلامية والعربية .
وهذا سر وصية رسول الله صلي الله عليه وسلم بأهل مصر وجيش مصر. وهو يستنبئ التاريخ الي يوم القيامة، تقريراً لحقيقة أرادها الله رغم أنف كل حاقد أو غادر. إنها حقيقة بقاء مصر وأهلها في رباط إلى يوم القيامة .
والأحاديث الواردة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم فيها الصحيح وفيها الضعيف سنداً الصحيح متناً، فضلاً عن العمل بالحديث الضعيف في فضائل الأعمال والمناقب .
قال رسول الله عليه الصلاة والسلام:
1- ستفتح عليكم بعدي مصر فاستوصوا بقبطها خيراً فإن لكم منهم ذمة ورحما.
2- إذا فتح الله عز وجل عليكم مصر فاتخذوا بها جندا كثيفا فذلك الجند خير أجناد الأرض، فقال أبو بكر لم يا رسول الله؟ فقال: لأنهم وأزواجهم في رباط إلى يوم القيامة.
3- ستفتح عليكم مدينة يذكر فيها القيراط فاستوصوا بأهلها خيراً فإن لهم ذمة ورحما.
4- وقوله صلى الله عليه وسلم وذكر مصر فقال: ما كادهم أحد إلا كفاهم الله مؤنته.
5- أوصيكم بأهل البلدة السوداء، السحم الجعاد، فإن لهم ذمة ورحما.
6- مصر أطيب الأرضين ترابا وعجمها أكرم العجم، فإن لهم ذمة ورحما.
7- أهل مصر في رباط إلى يوم القيامة.
8- الله الله في أهل المدرة السوداء، السحم الجعاد، فإن لهم نسبا وصهراً.
9- من أتعبته المكاسب فعليه بمصر، وعليه بالجانب الغربي.
10- قسمت البركة عشرة أجزاء فجعلت تسعة في مصر وجزء بالأمصار.
11- اتقوا الله في القبط، لا تأكلوها أكل الخضر.
13- أوصى الرسول عليه الصلاة والسلام بقبط مصر فقال: إنكم ستظهرون عليهم ويكونون لكم عدة.
13- تكون فتنة اسم الناس فيها – أو خير الناس فيها – الجند الغربي، قال عمرو بن العاص فلذلك قدمت عليكم مصر. ( الجند الغربي يعني جند مصر باعتبار مصر غرب الجزيرة العربية ، ونص القران الكريم وهو سوق قصة موسي وهو بمصر (وما كنت بجانب الغربي إذ قضينا إلى موسي الأمر وما كنت من الشاهدين ) .
14- الاسكندرية إحدى العروسين.
15- مصر خزائن الله في الأرض والجيزة غيضة من غياض الجنة.
16- وحين أتى بعسل بنها دعا رسول الله فيه بالبركة.
17- وقوله عليه الصلاة والسلام: وقد أتي بثوب من ثياب المعافر، فقال أبو سفيان: لعن الله هذا الثوب ولعن من عمله، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تلعنهم فإنهم مني وأنا منهم: يعنى بقوله معافر مصر.
وقوله صلى الله عليه و سلم (إذا فتح الله عليكم مصر فاتخذوا بها جندا كثيفا فذلك الجند خير أجناد الأرض ، قال أبو بكر لم يا رسول الله؟ قال لأنهم وأزواجهم فى رباط إلى يوم القيامة ). ( حديث صحيح راجع ما ذكرته دار الافتاء بالأدلة ترجيحاً لتصحيحه)
والمرابط هو المجاهد الواقف على حدودها، ومن وقف مرابطاً ومجاهداً علي حدود مصر فإنه مرابط علي حدود الأمتين العربية والإسلامية لصد أي غارة جديدة علي الدين أو الأرض أو الأمة، فمصر هي حمي الإسلام بشهادة الرسول صلي الله عليه وسلم والتاريخ يؤكد صدق رسول الله صلي الله عليه وسلم ، فالجندي المصري هو الذي صد هجوم التتار والفرنجة، وانتصر عليهم ولولا ذلك لهلكت الأمة العربية والإسلامية .
هذه المعاني كلها، فهمها صحابة رسول الله جيداً وسجلوها للتاريخ :
ففي كتاب سيدنا عمرو بن العاص إلى الخليفة الفاروق رضي الله عنه ما يؤكد هذا المعني :
وكان سيدنا عمر بن الخطاب رضى الله عنه قد كتب إلى عمرو بن العاص قائلا: أما بعد فإنى قد فكرت فى بلدك وهى أرض واسعة عريضة رفيعة، قد أعطى الله أهلها عددا وجلدا وقوة فى البر والبحر، قد عالجتها الفراعنة وعملوا فيها عملا محكما، مع شدة عتوهم فعجبت من ذلك، وأحب أن تكتب لى بصفة أرضك كأنى أنظر إليها، والسلام.
فكتب إليه عمرو بن العاص، قد فهمت كلامك وما فكرت فيه من صفة مصر، مع أن كتابى سيكشف عنك عمى الخبر، يرمى على بابك منها بنافذ النظر، وإن مصر تربة سوداء وشجرة خضراء، بين جبل أغبر ورمل أعفر، قد اكتنفها معدن رفقها (أى عملها) ومحط رزقها، ما بين أسوان إلى منشأ البحر، فسح النهر (تدفقه) مسرة الراكب شهرا، كأن ما بين جبلها ورملها بطن أقب (دقيق الخصر) وظهر أجب، يخط فيه مبارك الغدوات، ميمون البركات، يسيل بالذهب، ويجرى على الزيادة والنقصان كمجارى الشمس والقمر، له أيام تسيل له عيون الأرض وينابيعها مأمورة إليه بذلك، حتى إذا ربا وطما واصلخم لججه (أى اشتد) واغلولب عبابه كانت القرى بما أحاط بها كالربا، لا يتوصل من بعضها إلى بعض إلا فى السفائن والمراكب، ولا يلبث إلا قليلا حتى يلم كأول ما بدا من جريه وأول ما طما فى درته حتى تستبين فنونها ومتونها .
وقد رزق أهلها على أرضهم جلدا وقوة، بلا حد ينال ذلك منهم، فيسقون سها الأرض وخرابها ورواسيها، ثم يلقوا فيها من صنوف الحب ما يرجون التمام من الرب، فلم يلبث إلا قليلا حتى أشرق ثم أسبل فتراه بمعصفر ومزعفر يسقيه من تحته الثرى ومن فوقه الندى، وسحاب منهم بالأرائك مستدر، ثم فى هذا الزمان من زمنها يغنى ذبابها (أى محصولها) و يدر حلابها (اللبن) ويبدأ فى صرامها (جنى الثمر)، فبينما هى مدرة سوداء إذا هى لجة بيضاء، ثم غوطة خضراء ثم ديباجة رقشاء، ثم فضة بيضاء فتبارك الله الفعال لما يشاء، وإن خير ما اعتمدت عليه فى ذلك يا أمير المؤمنين، الشكر لله عز و جل على ما أنعم به عليك منها، فأدام الله لك النعمة و الكرامة فى جميع أمورك كلها والسلام .
وقد دخل مصر من الصَّحابة الكثير لدرجة أنه توجد على أرض بهنسا (محافظة المنيا) مقبرة للصحابة رضوان الله عليهم يقدر عدد المدفون بها بخمسة آلاف صحابى ويطلقون عليها "بقيع مصر" - منهم: الزَّبير بن العوام، والمقداد بن الأسود، وعبادة بن الصَّامت، وأبو الدَّرداء، وسعد بن أبي وقاص، وعبدالله بن عمرو بن العاص، وعبد الله بن عمر بن الخطاب وعقبة بن عامر، وعمار بن ياسر، وعمرو بن العاص، وأبو هريرة وغيرهم.
وعاش في مصر من الفقهاء والعلماء الكثير منهم: اللَّيث بن سعد، والعزُّ بن عبد السلام والإمام الشافعي، وابن حجر العسقلاني، والإمام الشَّاطبي، ووُلِد فيها عمر بن عبد العزيز.
وجعفر المتوكل على الله من الخلفاء.
وقال أحمد بن صالح: قال لي سفيان بن عيينة: يا مصريُّ! أين تسكن؟. قلت: أسكن الفسطاط. قال: أتأتي الإسكندريَّة؟. قلت: نعم. قال لي: تلك كنانة الله، يحمل فيها خير سهامه. وقال يحيى بن سعيد: جُلْت البلاد، فما رأيت الورع ببلد من البلدان أعرفه، إلا بالمدينة وبمصر.
وقال خالد بن يزيد: كان كعب الأحبار يقول: لولا رغبتي في الشَّام لسكنت مصر؛ فقيل: ولم ذلك يا أبا إسحاق؟. قال: إني لأحبُّ مصر وأهلها؛ لأنَّها بلدة معافاة من الفتن، وأهلها أهل عافية، فهم بذلك يعافون، ومن أرادها بسوء أكبَّه الله على وجهه، وهو بلد مبارك لأهله فيه.
هذا قليلٌ من كثير في فضل مصر في القرآن والسنة والتراث الإسلامي .
وبهذا يتضح لنا بيقين أن مصر خلقها الله لتعيش أبد الدهر، فلا يُتصور أن يقرأ الناس القرآن ومصر غير موجودة علي خريطة العالم، وإلا سيكون هذا تكذيباً للقرآن، ولو أن مصر مثل البلاد الأخرى الكثيرة التي جري عليها سنة التبديل الحضاري فعاشت ومُحيت وأُنشئ عليها بلاد أخرى – وهذا حدث كثيراً في التاريخ – لما ذكرها الله في القرآن بهذه الصراحة والوضوح والتلميح بمهمتها في العالمين إلى قيام الساعة .
والقرآن الكريم أنزله الله وحفظه من التحريف الي يوم القيامة فقال تعالي : (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ (9) الحجر.
وحفظ الله تعالي للقرآن يشمل كلّه وجزءه. ومصر كلمة تكررت في القرآن تعني مكاناً له حدود ووطن له سيادة. وحدود مصر الآن هي حدود مصر وقت نزول القرآن وعبر التاريخ، قد تمتد تاريخياً وتتسع، لكنها لا تنحسر عن هذه المساحة (راجعو خريطة العالم من آلاف السنين وحتى تاريخه)
وعلي هذا فمصر بحدودها محفوظة بمقتضى حفظ الله تعالي كما ورد في القرآن الكريم .
كل هذا يؤكد حقيقة ربانية تاريخية واقعية .
(مصر باقية إلى قيام الساعة كما القرآن باقٍ إلى قيام الساعة) .
وبالتحدي والصبر والإيمان والقوة والتماسك والوعي نستطيع عبور كل الأزمات والتحديات لتسليم مصر إلى أولادنا قوية وعظيمة.
فكونوا حماةً لهذا الوطن العظيم.
والله المستعان